حوار: نيرمين جمال
عدسة: شيماء جمعة
أكدت الدكتورة فيفيان فؤاد مسئول البرنامج الوطنى لتمكين الأسرة ومناهضة الختان أن ٨٠٪ من عمليات الختان تتم على يد أطباء لذلك تم إدخال مناهضة الختان لمناهج الدراسة بكليات الطب، أشارت إلى أن مواسم الختان فى مصر شهرا يوليو وأغسطس وإجازة نصف العام وأنه مؤخرًا أصدر مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق كتيبًا للنيابات العامة عن صرامة التحقيقات فى قضايا الختان وكيفية تعامل الطب الشرعى معها. وأكدت أن الختان تحول في ٢٠١٦ إلى جناية بدلًا من جنحة.
داية متى بدأت الدولة فى الاهتمام بقضية الختان؟
أول من أثار الحديث عن مشكلة الختان فى مصر عميد قصر العينى الدكتور»على باشا إبراهيم» عام ١٩٢٨وأول قرار صدر بمنع الختان فى مصر كان من وزير الصحة عام١٩٥٩ ولكن فى هذا الوقت لم يكن هناك تليفزيون أو وسائل تواصل اجتماعى وعدد قليل من الناس كان يقرأ ويكتب فلم ينتشر ويذاع كما يجب ومن أوائل المهتمين بمناقشة القضية فى الصحف كانت ابنة» مجلة المصور» الأستاذة «أمينة السعيد» ومن بعدها انتشرت مناقشة القضية فى الصحف.
وبدأ الاهتمام الحكومى منذ عام ١٩٩٥ حيث كانت مصر تستضيف عام ١٩٩٤مؤتمرًا دوليا عن» السكان والتنمية» وفى ليلة المؤتمر كان هناك حوار لأحد المسئولين على «CNN» وسئل عن الختان فقال: «لا يوجد ختان فى مصر» فقطعت المحطة إذاعة حواره وأذاعت فيديو مباشرا لبنت تختتن بوسط القاهرة، وكانت فضيحة لمصر.
وفى عام ١٩٩٥قامت وزارة الصحة بأول مسح صحى عن الختان ووجدت أن نسبته بين السيدات من سن»١٥-٤٩»، ٩٧٪ ووضع البرنامج الوطنى لمناهضة ختان الإناث على أجندة الدولة المصرية منذ عام٢٠٠٣ .
ماذا عن آخر إحصائيات الختان فى مصر؟
بشهادة من اليونيسف «هيئة الأمم المتحدة للطفولة» أكبر ثلاث دول فى القارة الإفريقية حققت تراجعًا ملحوظا فى نسب الختان «مصر وكينيا وبوركينا فاسو» وأؤكد من خلال تعاملى على أرض الواقع الختان سيختفى من مصر خلال ١٠سنوات وبالأرقام الناتجة عن المسح الصحى الأخير والذى يجرى كل ٥ سنوات الختان بين المتزوجات من سن «١٥-٤٩» قل من ٩٧٪ إلى ٩٠٪ وبين البنات غير المتزوجات من سن»١٥-١٧» سنة ٦١٪ بعد أن كانت ٧٤٪ عام ٢٠٠٨وفى نسب المدارس، ففى المدارس الحكومية نسبته٤٦٪ والمدارس الخاصة ٩٪ وفى مدارس الأرياف ٦٥٪، ونستهدف خلال الخمس سنوات القادمة من خلال الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث»٢٠١٦-٢٠٢٠»خفض معدلات هذه الجناية فى الفئة العمرية «٠-١٩» سنة إلى ٥٠٪ على مستوى جمهورية مصر العربية من خلال ثلاثة محاور أساسية تفعيل قانون تجريم ختان الإناث وإحداث تغيير مجتمعى لدعم حقوق الطفل والمرأة وأخيرًا تطوير ومتابعة وتقييم البرنامج الوطنى لتمكين الأسرة ومناهضة الختان فى كل المحافظات.
ولكن تنفيذ الاستراتيجية على مستوى جميع المحافظات خلال ٥ سنوات أمر يحتاج لإمكانيات مالية وبشرية كبيرة؟
لذلك مسئول عن تنفيذ الاستراتيجية ٢٠ جهة البرنامج الوطنى لتمكين الأسرة ومناهضة الختانالنيابة العامة وزارة العدل وزارة الصحة وزارة الداخلية وزارة التربية والتعليم وزارة الأوقاف الأزهر دار الإفتاء الكنيسة وزارة التعليم العالى الإعلام المجلس القومى للمرأة المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية الاتحاد الأوربى الوكالة السويدية للتعاون الإنمائى الأمم المتحدة للسكان الأمم المتحدة للطفولة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى والمجلس القومى للمرأة.
هل حدث تراجع أو ردة فى القضية خلال سنوات الثورات؟
عند صدور البرنامج عام ٢٠٠٣ وقت حكم مبارك كان هناك هجوم عنيف جدًا ومحاولات قوية لإلغائه والإعلام كان غير داعم والمعتدل منه يستضيف العاملين بالبرنامج والمؤيدين للختان وظل الختان مباحًا فى مصر ولا يوجد ما يمنعه أو يجرمه حتى عام ٢٠٠٨ عندما صدر أول تشريع يجرمه وقال إنه جنحة ولقاء أيضًا هجوم شرس وقبيل «قانون سوزان مبارك «وفى عام ٢٠١١ تمسكنا بالحفاظ على استمرار البرنامج بأقل الإمكانيات وبعد تولى الإخوان عام ٢٠١٢ قاموا بعمل قوافل تنزل للمحافظات للختان بـ ٣٠ جنيهًا وكانوا يريدون إصدار قانون بتطبيبه فى المستشفيات.
وحاولوا إلغاء قانون ٢٠٠٨ ولكن الرأى العام كان تغييرًا إيجابيًا تجاه القضية ووجدنا هجمة شرسة من المجتمع بأكمله والسيدات كن يشعرن أنه جزء من حقوقهن وشاهدنا تكاتفًا من الجمهور والإعلام والمجتمع المدنى للحفاظ على قانون٢٠٠٨وفى فبراير ٢٠١٣صدر حكم المحكمة الدستورية العليا برفض الدعوى المقامة بإلغاء قانون تجريم ختان الإناث وقرار وزير الصحة بمنع تطبيب الممارسة.
ماذا عن الجانب القانونى فى مواجهة ختان الإناث؟
كما ذكرنا أول قانون صدر بتجريم هذه العادة كان عام ٢٠٠٨ بأنها جنحة وفى عام ٢٠١٦ قال القانون إنها «جناية» وتغلظت العقوبة بالحبس من ٥ إلى ٧سنوات وهذا القانون نعمل الآن على إجراءات تفعيله وترسيخه للمستقبل والقانون القديم «٢٠٠٨» تم تطبيقه ثلاث مرات فى قضية سهير الباتع من الدقهلية وقضية من جنوب القاهرة وقضية ميار من السويس والأخيرة هى أول قضية تقدم لمحكمة الجنايات ولأول مرة تقدم فيها الأم للمحاكمة ولأول مرة أيضًا يدان ٤ أشخاص فى قضية ختان الأم والطبيبة والممرضة وطبيب التخدير.
وأول من أظهر قضايا الختان على سطح المحاكمات المستشار الشهيد النائب العام هشام بركات لأن القضية الأولى «سهير الباتع» كادت أن تغلق وعندما تواصلنا هنا فى برنامج المناهضة مع المكتب الفنى للمستشار هشام بركات تم إعادة فتح القضية وأمر بتشكيل لجنة ثلاثية من الطب الشرعى أثبتت أنه ختان وليس عملية زوائد وقدم الطبيب والأب للمحاكمة ولأن الجهة الوحيدة التى من حقها رفع دعاوى الختان والدفاع عن حق البنت النيابة العامة أصدر مكتب النائب العام المستشار نبيل صادق كتابًا دوريًا بصرامة التحقيقات فى هذه القضايا وكيفية اتخاذ الإجراءات وما هو دور الطبيب الشرعى وكيف يلجأ إليه.
كيف يتعامل البرنامج الوطنى «لمناهضة الختان» مع المجتمع وفى المدن والقرى؟
السؤال القائم عليه عمل البرنامج بالكامل «لماذا تختتن البنات»؟ كان يجب فى البداية فهم دوافع المصريين للإقبال على هذه العادة واكشتفنا أنه كان من الخطأ التركيز على أنها مشكلة صحية مما كان يجعل الجمهور لا يستجيب معنا ووجدنا التركيز يجب أن يكون على مدى الفائدة من هذه العادة لأننا وجدنا الدوافع تقليل الرغبة الجنسية وبمثابة عملية «تجميل» وأنه من الدين وتم الإجابة على هذه الأسباب بشكل علمى ومدروس أنها ليس لها أى فائدة لأن مركز التحكم فى الرغبة الجنسية بالمخ فقط.
وأن هذه الرغبة غريزة مثل الطعام والشراب تقيد مثل الصيام فى شهر رمضان حسب الدين والتربية والعادات والتقاليد ومن خلال العمل الميدانى فى ١٦٠ قرية تم تشكيل مجموعات «من شباب وشابات ورجال دين إسلامى ومسيحى وأطباء وقيادات رسمية وأهلية» رافضة للختان تعلن عن موقفها داخل القرى وتصدر وثيقة يوقع عليها الجمهور وتم إعلان عشرات القرى مناهضة للختان إلى جانب الإعلانات فى الشوارع والتليفزيون وبرامج التوعية بالمدارس وللتواصل مع الجمعيات الأهلية التى تقوم بعمل ندوات بالقرى والمدارس والتواصل مع الوحدات الصحية والرائدات الريفيات وعمل قوافل طبية لتوعية السيدات.
أيضًا حملات التواصل المباشر مع الأمهات الذاهبات لتطعيم أطفالهن وعددهم السنوى حوالى ١٩ مليونا وابتكرنا طريقة جديدة للتواصل مع الأمهات من خلال كروت توعية تقدم للأمهات عند زيارة الوحدة الصحية لتعريف الأسرة مدى التزام الدولة ووزارة الصحة بالقانون ولتعريف الأسرة أن الختان أصبح جناية يعاقب عليها الأهل وكل من قام بها سواء طبيبًا أو داية أو ممرضة أو حلاق صحة إلى جانب مبسط للقانون وسبب تجريم هذه العادة وبدأنا بالتطبيق فى كل محافظات الصعيد وبعض محافظات الدلتا والقاهرة والجيزة.
وليس فقط توعية الأهالى نقوم بعمل دورات تدريبية لتوعية رجال الدين والقضاء والمدرسين والأطباء لتغيير الرأى العام بأكمله لأن فى بعض الأحيان تكون الأم مجبرة على ذلك.
صحيح أن للختان مواسم فى مصر؟
عادة يتم إجراؤه من سن ٧ إلى ١٢ عامًا وحسب الرصد الميدانى وجدنا أعلى معدل لإجرائه فى فصل الصيف وخاصة شهرى يوليو وأغسطس وذلك لأن هناك اعتقادًا أن الجروح تلتئم أسرع فى الصيف والسبب الثانى إجازة الدراسة حتى لا يتساءل أحد عن سبب الغياب فترة طويلة وثانى أعلى معدل فى إجازة نصف العام فى الصعيد والأرياف.
دور الإعلام فى المرحلة القادمة؟
لا نريد من الإعلام سوى التأكيد على تعريف أن «جريمة الختان» كما يعرفه القانون.
متفائلة بالمؤشرات الحالية؟
عام ٢٠١٧ سيكون أفضل من الأعوام السابقة فالختان سيعرف فى الأجيال القادمة أنه جريمة وليس عادة، القانون قال إنه جناية، الخطاب الدينى حاسم ودار الإفتاء أكدت أنه حرام شرعًا والأزهر الشريف وافق على تغليظ العقوبة وطبيا مجرم مثل تجارة الأعضاء فلا يوجد فى دراسة الطب إجراء جراحة الختان ومجرم بقرار من وزارة الصحة و٧٠٪ من حالات الوفاة حدثت عند الأطباء.
وما هى آخر الخطوات التى اتبعت لمناهضة الختان؟
كان لدينا لقاء كبير بعنوان «أطباء ضد الختان» ضم كل أساتذة النساء والتوليد من كل الجامعات المصرية وأساتذة الطب الشرعى لدعم مبادرة «أطباء ضد الختان» لأن ٨٠٪ من عمليات الختان حاليًا تجرى على يد أطباء والهدف الثانى دخول مناهضة ختان الإناث ضمن مناهج الدراسة بكليات الطب ليدرك الطبيب أنه سيقدم لمحكمة الجنايات فى قضايا الختان وهو ما حدث مؤخرًا بتقديم ثلاثة أطباء فى القضية الأخيرة والطب الشرعى لأن التقرير المعترف به وينبغى على أساسه الحكم تقرير الطبيب الشرعى وجار حاليًا تفعيل هذه الأهداف بالتعاون مع النيابة العامة ومصلحة الطب الشعبى والمجلس الأعلى للجامعات.
وماذا عن تجربتك الشخصية وأنت منسق البرنامج القومى لمناهضة الختان؟
من حمى بنات عائلتى جدى لوالدتى وكان طبيبًا بيطريا وفى بداية الخمسينيات قال لجدتى وكان لديهم سبع بنات «إذا سمعت أن أحدًا قام بإجراء هذه العملية للبنات لن أتركه» رغم أن إخواته قاموا بختان بناتهن.