أودعت محكمة جنايات القاهرة حيثيات الحكم في أكبر قضية رشوة اكتشفتها هيئة الرقابة الإدارية، وقضت بمعاقبة جمال اللبان مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة بالسجن المؤبد وتغريمه ميلوني جنيه، وعزله من وظيفته وبمصادرة مبلغ مليون و239 ألف و155 جنيه، ومصادر الكرسيين المطرزين بشعار مجلس الدولة المضبوطتين، وقضت المحكمة بإعفاء كلا من رباب أحمد عبد الخالق وزوجها مدحت عبد الصبور شيبه ومحمد أحمد شرف الدين "الوسيط " من العقاب .
صدرت الحيثيات برئاسة المستشار حمدي الشنوفي رئيس الهيئة وعضوية المستشارين محمد رأفت الطيب ومصطفى الحميلي الرؤساء بمحكمة استئناف القاهرة، وبحضور إلياس أمام رئيس نيابة أمن الدولة العليا بأمانة سر وائل عبد المقصود وجورج ماهر.
قالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الواقعة حسبما استقرت في يقينها واطمأن إليها وجدانها استخلاصاً من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة حاصلها أن المتهم الأول جمال اللبان مدير الإدارة العامة للتوريدات ويتولى عمله هذا بموجب قرار أمين عام مجلس الدولة ويدخل في اختصاصه الوظيفي الإشراف على تلقى احتياجات إدارة وفروع مجلس الدولة من الأثاث المكتبي والإشراف على تشكيل اللجان الخاصة بالشراء والفحص والاستلام وذلك على ما هو ثابت بالكتاب الوارد من مجلس الدولة.
وآخر توفى هو وائل سعيد أبو رواش شلبي أمين عام مجلس الدولة السابق الأول تدرج بالوظائف الإدارية بمجلس الدولة إلى أن صار مدير للإدارة العامة للمشتريات به أتاه الله بسطه في الرزق والمال والسلطات إذ بوأه الله منصباً رفيعاً في صرح قضائي كبير لطالما تحدث القائمون عليه ورجال القضاء انه حصن من حصون الحقوق والحريات تولى وائل شلبي فيه منصب أمينه العام على حداثة عهده بالعمل القضائي بالنسبة لأقرانه وهو منصب يغبطه عليه من هم دونه درجة بحسب أقدميته ومن أهم ما يجب ان يتصف به القاضي ان يعدل بين المتخاصمين ولا يقبل رشوه على حكم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعنه الله على الراشي والمرتشي فى الحكم – والا يقبل هدية ممن لم يكن يهاديه قبل توليته القضاء لقوله عليه الصلاة والسلام من استعملناه على عمل فرزقناه فما أخذه بعد ذلك فهو غلول.
وأكدت المحكمة أنها لم تكن راغبة أبداً في تناول المتوفى وائل سعيد أبو رواش شلبي أمين عام مجلس الدولة السابق وأن يكون ذلك منهاج قضائها في الدعوى إلا أن الأوراق وواقعات الدعوى أبت إلا أن يكون المتوفى وهو فارسها وقاسمها الأعظم حاضراً فيها فهو الشريك الأهم والفاعل الأكبر.
ورأت المحكمة أن تمسه بذكر مشاركته وقدر أفعاله ودوره في وقائعها التي دارت رحاها بعلمه وإرادته كونه هو الإمام فى الدعوى وما كان كل ذلك ليحدث لولا تخليه عن دوره ورقابته وحسن إدارة ومتابعة مرؤوسيه وكان على المتوفى وائل شلبي وهو القاضي والأمين العام ان يخط فى لوح الصرح الذي ينتمى إليه سطراً ويُثَبِتَ فى بنيان كيانه حجراً ويترك بفعله الطيب أثراً يُحدِثُ له بين اقرأنه ذكراً وفخرا وإتمام جميل عمل ينتفع به خلفه لكنه خرج عن مألوف البواعث وان ما اتاه المتوفى وائل شلبي والمتهم الأول لبدعة فهي ضلالة وقد غلب عليهما ولع التبطل وغواية الاستعظام
وظنا انهما فى الحياة احراراً من قيود النظام والقانون فخرجا عليه وظنا نفسيهما انهما بالغين فى المتعة بملذات العيش الحظ الاوفر على الا يقاسما الناس تكاليف العيش ومكابده الحياة فهناك نفوس اذا لم تُكبحُ تجمَح واذا لم ترعو لا تستحى ونفوس تطمع وكان لزاما على المتوفى ازاء ما انعم الله به عليه ان يسجد لله شاكراً لنعمته التى حباه إياها وان يؤدى حق شكر النعمة بواجب حسن أداء العمل
وظهور أثر نعمة الله على لسانه ثناءاً وطاعةً وأن يؤدى عمله بأمانة وصدق وبالحق وبعدل أقسم على ان يؤدى عمله به وعلى أساس منه بيد انه وبدلاً من ذلك نحى وائل شلبي منحى آخر لا يليق بمقامه ومكانته وبالصرح الذي ينتمى إليه ولا يتفق ابداً مع ما أؤتمن عليه من أمانة مطلقاً لشيطان نفسه العنان فعاث فى الصرح وفى الأرض مفسداً وللأمانة مبدداً ولحرمة الأعراض منتهكاً وأساء إلى حصنه بل وإلى الهيئة التي ينتمى إليها ورمى حصانته وراح هو واللبان يعبثان بالوظيفة العامة ويقدمان ذمتهما قرباناً للشيطان وراحا أيضاً يعبثان بالمال العام بغير حسيب او رقيب
ولما الرقيب ومن اين ووائل شلبي هو الامين العام فلا حديث في هذا الأمر لأحد غيره ولا معقب على ما يقرر فتارة يمنح وتارة يمنع وأخرى يأخذ ذلك من "رباب "صاحبة مؤسسة السيف للتوريدات وزوجها المتهم الثالث صاحب مؤسسة الخلود لتوريد الأثاث المكتبي –وحدث ان تعرفت رباب على جمال اللبان وعلى المتوفى وائل شلبي ابان عملها بشركة عُهِدَ إليها توريد أثاث مكتبي لمجلس الدولة
وطلب كل منهما إقامة علاقة جنسية معها على سبيل الرشوة وقبلت هى تلك العلاقة وقامت بمواقعة الاثنين من اجل الإخلال بواجبات وظيفة كل منهما واثر ذلك علمت من جمال اللبان عزم المتوفى وائل شلبي ترسية مناقصة لتوريد أثاث مكتبي لمقري مجلس الدولة بمحافظتي المنيا والبحيرة لصالحها والمتهم الثالث زوجها واتفق المتهم الاول مع المتهمة الثانية على أسعار تلك التوريدات بل ذهب جمال اللبان الى ابعد من ذلك بأن طلب منها تأسيس شركة لترسية المناقصة عليها فاتفقت "رباب "مع زوجها مدحت عبد الصبور على تغيير اسم ونشاط شركة مملوكة له إلى مؤسسة الخلود للأثاث المكتبى ثم تلقت المتهمة رباب عقب ذلك اتصالاً هاتفياً من المتوفى وائل شلبي أخبرها فيه بعزمه إسناد أعمال التوريد لصالحها .
واستفسر منها عن اسعار التوريدات اخبرته بها كاتفاقها مع جمال اللبان وطلب منها المتوفى وائل شلبي كرسيين مطرزين بشعار مجلس النواب وطاولة صغيرة لإهدائهما لأمين عام مجلس النواب وكتعليمات المتهمة الثانية وتكليفها قام الشاهد الثالث بتنفيذ ذلك وارسالها كطلبها ايضا الى مجلس النواب وقدمت المتهمة رباب وزوجها اختاماً ومطبوعات خاصة بشركتهما لجمال اللبان ليتولى اعداد مظروف مالى واخر فنى لتقديمهما فى مناقصة صورية اجريت وتم ترسيتها بمعرفة المتهم الاول والمتوفى وائل شلبي على مؤسسة الخلود للاثاث المكتبي ملكها وزوجها المتهم الثالث
ثم بادر المتهم الاول باستصدار شيك لأمر مؤسسة الخلود بمبلغ مليون وستمائة وخمسة وستون ألف جنيه قيمة أمر التوريد قبل ان يتم توريد شيء حيث قام المتهم الثالث بصرف قيمته من بنك الاستثمار وسلم قيمته للمتهم الاول بواسطة المتهم الرابع وقام المتهم الاول والمتوفى باحتجاز قيمة الشيك حتى قدمت المتهمة الثانية نفسها رشوة جنسية لكل منهما كطلبهما السابق واتفاقهما بأن بادر كل منهما بمواقعتها مقابل اسناد تلك الاعمال إليها بأسعار تزيد عن قيمتها
وصرف المستحقات عنها قبل توريدها واذ هاتفت المتهمة رباب المتوفى الذي طلب لقاءها لتنفيذ طلبه السابق بمواقعتها على سبيل الرشوة فالتقيا بمعرض بريمير هوم للأثاث بمدينة نصر يوم الأحد يوم عطلة المعرض حيث قدمت نفسها وقام بمواقعتها ثم طلب المتهم الاول ذات الطلب ايضا وهو مواقعتها كسابق طلبه واتفاقهما فالتقته وواقعها ايضا على سبيل الرشوة وعقب تقديمها الرشوة الجنسية قدما لها مستحقاتها عن امر التوريد بأن حصلت وزوجها المتهم الثالث من هذه العملية على مبلغ مليون ومائتين ألف جنيه واستأثر المتهم الاول بباقى قيمه الشيك وقدرها اربعمائة وخمسة وستون ألف جنيه وخمسة منها اربعمائة وخمسون ألف جنيه رشوة متفق عليها للمتهم الاول وللمتوفى كما استأثر المتهم الاول لنفسه بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه وخمسه من قيمة هذا الشيك تنازلت له المتهمة الثانية عن هذا المبلغ بغير اتفاق سابق على سبيل المكافأة اللاحقة
واذ بادر المتوفى وائل شلبي بدعوة المتهمة رباب الى لقائه بمكتبه بمقر مجلس الدولة بالعباسية فحضرت فى موعدها في وجود المتهمة رباب ووعدها الأخير ومعه المتوفى بإسناد أعمال توريد أثاث لمقر مجلس الدولة بمحافظة سوهاج لصالح المتهمين المتهمين رباب وزوجها ثم انهى جمال اللبان إجراءات صدور شيك هذه العملية بمبلغ مليون وسبعمائة واثنين وثلاثون ألف ومائة وخمسون جنيه لصالح شركة الخلود للأثاث على الرغم من عدم توريد المؤسسة لهذه الأعمال المطلوبة من اثاث وذلك بعلم المتوفى وائل شلبي .