أشاد الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، بالعلاقات النمساوية المصرية، على هامش زيارة المستشار الاتحادي لجمهورية النمسا كارل نيهامر مصر، اليوم، معتبرًا أن العلاقة بين البلدين ترجع لما قبل تشكيل الدولة النمساوية الحديثة؛ إذ أنه كان هناك علاقة مصرية قوية منذ الإمبراطورية النمساوية المجرية.
وأضاف في تصريحاته لـ«بوابة دار الهلال» أن هناك عشقًا مصريًّا للنمسا وكل ما يدور في هذا البلد، لما تمثله من حضارة وفنون، وهذا ما يجعلها مشتركة مع مصر بلد الحضارة والفن منذ فجر التاريخ، ونتذكر جميعًا أغنية الفنانة الشهيرة أسمهان "ليالي الأنس في فيينا".
تاريخ من التعاون
وأكد «الباحث في العلاقات الدولية» على أن هناك الكثير من البعثات المصرية التي تستهدف فيينا، لأنها بلد ثقافة وفن، إضافة للتعاون التجاري، خاصة أن النمسا من أعلى الدول في أوروبا من حيث الدخل الاقتصادي، وذلك يفيد مصر في الاستثمار، وأيضًا التعاون الأثري في المتاحف والفنون.
وأوضح أن مصر شهدت في سنوات ما قبل جائحة كورونا استثمارات نمساوية كثيرة، تحديدًا في قطاعات السياحة، لأن السائح النمساوي مرتبط وجدانيًا بزيارة آثار مصر في أسوان والأقصر؛ إذ أنه شعب مغرم بالحضارة الفرعونية، وما قدمته للعالم أجمع.
بالاستراتيجية المصرية
التعاون في الرؤية ضد الهجرة الشرعية
وبين «سمير» أن هناك اتفاقًا مشتركًا في قضايا الأمن والسلام، لأن النمسا –شأنها شأن مصر- تقدم نفسها كدولة محايدة تهدف للسلم الدولي في كل المؤتمرات، وتستضيف كثيرًا منها في عاصمتها فيينا، مضيفًا أن النمسا تنظر لمصر في تناغم وتشيد بجهودها دائمًا باعتبارها دولة تسعى دائمًا للسلام وتعمل عليه في منقطة الشرق الأوسط.
وأشار إلى إعجاب النمسا الدائم بمصر في الحد من الهجرة الشرعية، لأن النمسا أحد أكثر الدول المتضررة من مسار الهجرة الشرعية، لأن المهاجرين يعبرون من خلالها لدول أخرى في توجههم من شرق ووسط أوروبا نحو غرب أوروبا، أو يستقرون فيها، ومصر تحقق نجاحات قياسية في هذا الملف، خاصة باستراتيجية حقيقية منذ سبتمبر 2016، وحتى اليوم.
بالأئمة والدعاة
التعاون في الحرب ضد الإرهاب
ونوه إلى إشادة النمسا بمصر في الحرب ضد الإرهاب، باعتبارها أكثر دولة لديها تصور عن محاربة الأرهاب بالأبعاد الثلاثية؛ التي يقوم على مكافحة الفكرة والتمويل والمواجهة المباشرة، مؤكدًا أن هناك دعمًا نمساويًّا لرؤية وخطة مصر في هذا الملف دائمًا، مشيرًا إلى أن النمسا قد عانت كثيرًا من الإرهاب وخاضت حروبًا استنزفتها ضد كيانات وتشكيلات متطرفة حاولت السيطرة على بعض المؤسسات الوطنية في الدولة.
وأردف أن النمسا كانت تستقطب دعاة وأئمة مصريين في شهر رمضان لمحاربة الإرهاب، لأن نظرتها للأزهر الشريف نظرة وسطية، ونظرتها للخطاب الديني في مصر بشكل عام تميل للاعتدال، وهذا ما ساعدها في النجاح ضد الإرهاب.
التعاون لوقف الحرب عالميا وإقليميًّا
الاتفاق في الرؤية الإقليمية (الأزمة السودانية)
وقال «خبير العلاقات الدولية» إن زيارة اليوم كانت مقررة قبل أحداث السودان في 15 أبريل، لأن زيارة المسؤولين الكبار لا تتم في 15 يومًا، وتحتاج إلى ترتيبات دائمة، لكن ما حدث في السودان وجَّه الزيارة إلى ملفين رئيسين أولهم العلاقات الثنائية بين مصر والنمسا وما يمكن أن تساهم في هذه الأحداث، والثاني يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية التي تهم السلام والأمن العالمي (وهو ما يحدث في السودان وروسيا وأوكرانيا الآن).
وأوضح أن رؤية مصر والنمسا لما يحدث في السودان مشتركة، وتقف على مسافة واحدة من كل أطراف الصراع، وتهدف إلى دعم وتحفيز السودانيين للجلوس على طاولة المفاوضات، وبحث سبل التهدئة بالطرق السلمية، مع الحفاظ على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للسودان.
الاتفاق في الرؤية العالمية (الأزمة الروسية الأوكرانية)
وأضاف أن تناول الأزمة الروسية الأوكرانية يعني أن هذه الحرب تؤثر على كل دول العالم، بما فيها المنطقة العربية، مؤكدًا أن موقف النمسا متفق تماما مع الموقف المصري الذي يبحث عن التهدئة وعدم استمرار الحرب، لأن كل ساعة تستمر فيها هذه الحرب تؤثر على اقتصاد ومسار السلام في العالميين.
وأشار إلى إشادة روسيا بموقف النمسا، عكس الكثير من بلدان أوروبا، وهي نفس الإشادة التي تلقتها مصر، لوقوف البلدين على مسافة واحدة من الأطراف، وبحث كل السبل الممكنة لوقف إطلاق النار، وبذل كل المجهودات في كل المحافل والمؤتمرات.