الثلاثاء 21 مايو 2024

في ذكرى عيد العمال.. عين على مسيرة الحركة العمالية في مصر

ذكرى عيد العمال

تحقيقات30-4-2023 | 20:21

نور الدين نادر

يشهد اليوم ذكرى الاحتفال بعيد العمال في العالم كله، وهو اليوم الذي تم فيه الإعلان عام 1890 عن تقنين الحقوق العمالية، بعد أن أقرت ذلك جمعية العمال الدولية في باريس، ومنها اقتصار ساعات العمل على 8 ساعات، واعتبار الأول من مايو من كل عام عيدًا للعمال.

وتحتفل مصر في الأول من مايو بهذا العيد، بل وتعتبره عيدًا قوميًّا وإجازة رسمية في البلاد؛ ويبدأ الاحتفال بالعمال المصريين مع التاريخ القديم، حين قام المصريون القدماء بتأريخ كد وكفاح العمال وتقديس عملهم، وهو ما حفروه بوجدانهم قبل أيديهم على المعابد المصرية، تكريمًا للأيدي العاملة.

بداية الحركة العمالية الحديثة

بدأ كفاح العمال المصريين مع الاحتلال البريطاني في عام 1882، خاصة مع بدايات إنشاء المشروعات الصناعية وشركات الاحتكار في مجال الخدمات كالمياه والكهرباء ومرافق النقل، خاصة ما شهدته بريطانيا من ثورة صناعية، تقوم على استغلال عمالها، واستفاذ طاقتهم بعدد ساعات يصل لـ16 ساعة يوميًّا، وقام نتيجة لذلك نضال واسع من العمال المصريين ضد الاحتلال البريطاني في ذلك الوقت.

وقد اتخذت حركة نضال العمال المصريين من هذا الإطار جانبًا ملحميًّا ونداءً قوميًّا ضد بريطانيا؛ باعتبارها جزء من حركة التحرر ضد الاستعمار، واستمرت هذه الحركة إلى أن نالت مصر استقلالها وتحولت هذه النقابات، أو الاتحادات العمالية إلى مؤسسات جماهيرية ضخمة وقوية، شكلت تاريخًا عماليا فيما بعد.

شيخ نظام

وكان قد سيطر على مصر منذ العصور الوسطى نظام جديد (اسمه شيخ نظام) فرض على الحركة العمالية في مصر أن تعمل لساعات عمل طويلة، فقط من أجل جمع الضرائب، وكان هذا النظام يدار بطريقة طوائف، فلكل مجموعة من العمال لمهنة أو حرفة يكون لهم نظام ينظم حقوقهم وفق العرف المتبع بينهم، وتختار كل طائفة شيخ  يترأسها، ويطلق عليه اسم الشيخ نظام.

ويقوم شيخ النظام بإدارة  شؤون كل طائفة والدفاع عنها والمطالبة بحقوقها، وبالإضافة إلى ذلك فإنه يفصل في المنازعات ويرتب درجات الأجور، ويجمع الضرائب والرسوم المقررة على أفراد طائفته، وظل هذا النظام ساريا حتى عام ١٨٩٠م، حتى صدر قانون "الباتينه" والذى أنهى التعامل بهذا النظام.

قانون الباتينه 1890

وألغي نظام الطوائف بصدور قانون الباتينه عام 1890، الذي جاء خصيصًا لإلغاء دور شيخ النظام، ما أدى إلى ظهور التنظيمات العمالية، التي كانت أشبه بنقابات صغيرة، وقامت على هامش هذه النقابات ورش ومصانع صغيرة، وحولها بدأت تتجمع قوي جديدة من العمال الذين عانوا من سوء المعاملة وانخفاض الأجور وزيادة ساعات العمل، ما دفع بعضهم لتشكيل تكتل وتجمع يعبر عن مصالحهم، ويتولى الدفاع عن حقوقهم.

أول نقابة عمالية

وبدأت أول نقابة عمالية، من عمال السجاير في عام 1899 وسميت " بنقابة عمال السجائر المختلطة" لانضمام عمال أجانب إليها، ثم تشكلت " نقابة عمال الترم" في عام 1908 وبعدها " نقابة عمال الصنائع اليدوية في عام 1909 " وزاد عدد النقابات في عام 1911 عن 10 نقابات، ضمت أكثر من 6 آلاف عامل، وكانت هذه النقابات تنظم بعض الإضرابات لتنظيم حق العمل، ولم يكن موقف الحكومة قويًّا آنذك في وجود المستعمر البريطاني، الذي كان يعاني في هذا التوقيت أيضًا من إضرابات عن العمل في بلاده، أدى ذلك إلى ضعف موقف العمال ودهور حالتهم.

أول احتفال بعيد العمال

وبدأ أول احتفال في بعيد العمال في عام 1924، حيث نظم عمال الإسكندرية احتفالاً كبيرًا في مقر الاتحاد العام لنقابات العمال، ثم ساروا في مظاهرة ضخمة حتى وصلت إلى سينما "باريتيه"؛ وعقدوا مؤتمرًا ألقيت فيه الخطب، ورغم ما كان يوجد من صعوبات أمام هذه الحركة النقابية المصرية تتعلق بالمستعمر البريطاني، فقد واصلت الاحتفالات بالمناسبة وتنظيم المسيرات والمؤتمرات طوال الثلاثينات والأربعينات.

أول عطلة رسمية للعمال 1964

ومع وصول  الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى السلطة أخذت المناسبة شكلاً رسميًا وتم استيعاب المناسبة، وتقدير حق العمالة، وفي عام 1964 صار الأول من مايو عطلة رسمية يلقى فيها رئيس الجمهورية خطابًا سياسيًا أمام قيادات هؤلاء النقابيين، ويقود الاتحاد العام الحركة النقابية المصرية، ويرسم سياساتها العامة المحققة لأهدافها وأهم حقوقها، وكان للاتحاد العام للحركة النقابية المصرية العديد من الأهداف الذي حققها لعمال مصر.

تطور النقابات بتطور قوانين العمل

ومنذ عهد الزعيم جمال عبد الناصر بدأ الاعتراف رسميًّا بالنقابات العامة على المستوى الصناعي، وتصنيف الصناعات والأنشطة الاقتصادية الذي يمكن للعاملين بها تكوين نقابة عامة، وتطور ذلك في عهد الرئيس السادات، ومن ثم ظهرت 23 نقابة على رأسهم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وذلك بمقتضى القانون المنظم للنقابات العمالية في مصر رقم 35 لسنة 1976م المعدل بقانون رقم 1 لسنة 1981م بالقانون رقم 12 لسنة 1995م.