تحل اليوم ذكرى وفاة، الشاعر السوري الكبير نزار قباني، شاعر المرأة والحب، الذي كتب للمرأة أجمل القصائد، وتغنى بها كبار المطربين، ودفعه الحب لأن يكتب «إن الحبّ في العالم العربي سجين وأنا أريد تحريره»، ما بين الجمال والمأساة وُلدت قصة حب نزار وزواجه الثاني، التي جعلت من البداية جميلة، والنهاية قتيلة.
كانت قصة حب نزار قباني وزواجه من الدبلوماسية العراقية بلقيس الراوي، من أغرب قصص الحب التي تكللت بالزواج بعد معاناة، وبعد أن تحققت قُتِلت في تفجير السفارة العراقية في بيروت في بداية ثمانينيات القرن العشرين، انتهت القصة بموت بلقيس ولكنها لم تنتهي عند نزار، الذي ظل يعيش على ذكراها ورثاها بقصيدته الشهيرة «بلقيس» التي قال فيها «أن الجميع كان لهم دورٌ بقتلها، ولم يتزوّج بعدها».
بدأت العلاقة بين نزار وبلقيس، في ستينيات القرن العشرين، حين التقى بها في أمسية شعريّة في بغداد، كان يلقي فيها بعضًا من قصائده، وكانت بلقيس جميلة جدًّا، فأعجب بها نزار قباني، وتقدم لخطبتها ولكن والدها رفض الزواج.
غادر نزار بغداد ولكن بلقيس لم تترك قلبه، وظلت تراود أفكاره، حتى عاد مرةً أخرى إلى العراق من خلال فعاليات مهرجان المربد الشعري، وألقى هناك قصيدة بعنوان: «إفادة في محكمة الشعر»، كتب فيها:
مرحبا يا عراق، جئت أغنيك
وبعض من الغناء بكاء
مرحبا، مرحبا.. أتعرف وجها
حفـرته الأيـام والأنـواء؟
أكل الحزن من حشاشة قلبي
والبقايا تقاسمتها النساء
تعاطف الشعب العراقي مع هذه القصيدة، وما بها من حزن وشجن، ومنهم الرئيس العراقي الراحل أحمد حسن البكر، الذي كان السبب في إتمام زواج نزار من بلقيس، وتوسط له عند والدها، وأرسل كل من وزير الشباب شفيق الكمالي ووكيل وزارة الخارجية شاذل طاقة وكلاهما شاعران.. وتزوج نزار من بلقيس في عام 1969م، وأنجبت له، عمر وزينب.
كان مقتل بلقيس صادم ومن أصعب لحظات نزار قباني المأساوية في حياته، فوصف وقتها هذه اللحظة قائلًا: «بلقيس راحت.. شظايا الكلمات ما زالت داخل جسدي.. أحسست أن بلقيس سوف تحتجب عن الحياة إلى الأبد، وتتركني في بيروت ومن حولي بقاياه، كانت بلقيس واحة حياتي وملاذي وهويتي وأقلامي».