الأحد 30 يونيو 2024

الكبار.. وزمن الصغار

16-9-2017 | 11:24

بقلم : عاطف بشاي

بالفعل.. لقد فتحت وفاة الكاتب الكبير "محفوظ عبد الرحمن" باباً واسعاً للمواجع.. وأسباباً كثيرة للأسي والحسرة.. ومبررات عديدة لتشييع جنازة الدراما المصرية.. وكأننا كنا علي موعد مع القدر ننتظر رحيله لنكتشف خواء رهيباً وواقعاً شحيحاً بالإبداع رغم جلبة الصغار وتكالبهم الشرس علي كل الموائد.. لقد انقضوا علينا من كل حدب وصوب منذ ثورة (25) يناير وحتي الآن.. فصار من تبقي من الكبار ضيوفاً ثقلاء علي زمانهم الذي أفردوا فيه بإنتاج غث في أغلبه يشي بفقر ثقافتهم وتفاهة توجهاتهم.. وهزل موهبتهم.. لذلك فإنى أؤيد تماماً ما كتبه الأستاذ "عبد الناصر سلامة" تحت عنوان "ما بعد محفوظ عبد الرحمن" واعتقاده أن رحيله هو فقدان لآخر أعمدة ذلك التأثير الفكري والفني.. وإشارته علي أي فكر وأي أدب وأي فن ذلك الذي نورثه أبناءنا.. ومفكرو وأدباء هذه الأيام الذين يقدمون المنكرات والمسكرات والموبقات بلا خجل.. أسماء روايات ممقوتة.. ودواوين شعر مذمومة.. وانتاج فني قمئ .. كل ذلك بدعوي حرية الرأي.. وحرية التعبير وحرية التعري ووصلت الأمور إلي أغنية تحمل اسم "بحبك يا حمار" وفيلم يحمل اسم "الشيخ جاكسون" وكلها بلا شكل وبلا مضمون..

لقد كان "محفوظ" يقدم لنا من خلال أعماله الكبيرة مثل "بوابة الحلواني" وأم كلثوم" و"ليلة سقوط غرناطة" و"ناصر 56" سحر البيان و عمق الطرح الفكري.. وبلاغة السرد وتمكنه الرائع من أدواته الإبداعية وأفكاره التي تنحاز للحق والعدالة والحرية ورغم ذلك فهو لم يكن يخاطب النخبة فقط.. بل استطاع أن يتحدث مع العامة بثقافة النخبة فتلك ميزة القاص والروائي والسيناريست القادم من خلفية أدبية.. لقد كان "محفوظ" أديباً وليس "صنايعي مهنة".. ولم تغره المكتسبات التجارية أو المال علي حساب القيمة فلم يقدم إلا أعمالاً كتبها وفق قناعاته.. ووجهات نظره الخاصة التي تستلهم التاريخ.. لكنها تعيد صياغته وتستخلص منه حكمته وقيمته الفكرية والإنسانية.. لقد رحل "محفوظ عبد الرحمن" وترك لنا ساحة تكتظ بالدخلاء والأدعياء ولاعبي الثلاث ورقات وأرزقية ورش الدراما صبياناً وأسطوات.. فما أسوأ هذه الأيام الضنينة.