قال الشاعر الفلسطينى موسى حوامدة، إنه يحب مصر أكثر من المصريين، ويحسدهم على تذمرهم وشكواهم من المعيشة الصعبة فى مصر، معتبرًا أن الوطن هو الذى يجعلك تصبح صباحًا وتلعنه، وظهرًا وتلعنه، ومساءً وتسبه، قائلا: “أما أنا فُحرمت من لعن وطنى، وكيف لى أن ألعن وطنًا لم أجده إلا هشًا ومكسورًا وضائعًا”، مشيرًا إلى أن وجود وطنه ضعيفًا لم يجعله يكره عروبته ولغته.
وأكد الحوامدة، خلال الأمسية الشعرية التي أقيمت مساء أمس الأربعاء، بمؤسسة أروقة، أن الوطن هو اللغة، والجغرافية مكملة للغة، إنما اللغة هى الأساس، معتبرًا أن من لا يحب لغته لا يمكن أن يحب امرأة، ولا يمكن أن يحب وطنًا.
وألقى الشاعر الفلسطيني في حضور عدد من الأدباء والشعراء المصريين، والعرب، عددًا من قصائده المتفرقة عبر مسيرته الشعرية، وغلبت عليها ثيمة الموت، والوجود، ورؤيته الفلسفية لهما، التى أبهرت الحضور، فوصفوه بأنه تجسيدًا حقيقيًا للشاعر العربي، وأنه لو شاء لساق جميع الشعراء أمامه بعصاه، وأنه يكتب من أجل الخلود، والبقاء.
كان ذلك قبل أن يرجع "حوامدة"، أسباب حبه لمصر، لكونه لا يتمتع بترف فى حبها، ولأن خلف قريته صحراء حتى قناة السويس، أى أن كلها أفق مفتوح ولا شىء يفصل بينها وبين مصر، وقال: "لقد تشكل وجداننا ولغتنا في مصر، وكل العرب الذين لا يحبون مصر، أشك في عروبتهم.مؤكدًا أنه يحب عبدالناصر، ويعتبره مثال للعروبة.
وتابع "حوامدة": "مصر ليس لديها أموال مثل الخليج العربي، لكن لديها مخزون من الحب، والهموم والمشاكل، لكنها قادرة على التحمل، ورغم الظروف فهي تبدع وتنتج، مشيرًا إلى أن كثيرون ينظرون إلى الأزقة الداخلية لمصر، ويتناسون أن عبقرية مصر في إنتاج العباقرة، فهي تنام ثم تستيقظ كالمارد فجأة، ومن هذا المرض صعد طه حسين، وغيره من العباقرة، وحتى اليوم هناك من ينتجون، ويبدعون، رغم كل ما يحيط بالمنطقة من مخاطر، وصعوبات، ومن مؤامرات، مؤكدًا أن الشخصية العربية متجسدة في مصر.
وأكد صاحب"موتى يجرون السماء"، أن تمسكه بلغته، ليست علاقة ترف، بل هي علاقة حياة، ووجود، وأن صراعه مع الوجود، ليس بسيطًا ومختصرًا في موضوع تحرير جزء من فلسطين، بل في البحث عن الوجود نفسه، قائلا: "المشكلة الحقيقية مع الوجود، والتاريخ والتراث، مع الماضي والحاضر والمستقبل، فنحن نتقدم للأمام، ووجوهنا إلى الخلف، نعيد إنتاج الآخرين".
وأشار "حوامدة"، إلى أنه يحب الكتابة، لأنها بالنسبة له طريقة لعلاج نفسه من الحزن والكآبة والفشل والضياع.وقال:"أجد نفسى أذهب للكتابة، وصدقًا أخذ مكافآتى فورًا لأنى أعالج نفسى بها، فلا أكتب لأنى أريد أن أكتب، ولم أخطط أن أكون كاتبًا، كنت أكتب لأنى أريد أن أضرب الجند الإسرائيلى، أضربه بحجر، وفى نفس الوقت أكتب كلمة نرددها ضده.