بقلم:د. عبدالسلام عيد
لم تكن الإسكندرية محافظة كباقى محافظات مصر، ولم تختلف عن غيرها كون موقعها متميزاً فقط ولا لشواطئها الممتدة على طولها، والتى تعد قبلة الكثير من المصريين صيفا والمفكرين والمبدعين شتاءً، ولكن الإسكندرية حظيت بما لا يحظى به غيرها من المدن، وتميزت بالكثير منذ أن أسسها الإسكندر الأكبر ٣٣١ ق.م كمدينة يونانية راقية، وسرعان ما أصبحت هذه المدينة مركزاً ثقافياً وسياسياً واقتصادياً.
أستاذ الجداريات بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية
تاريخ الإسكندرية العريق الثرى بثقافاته المتعددة حاضر فى كل ركن من أركان تلك المدينة الجميلة، وشهد على ذلك الكثير من أحيائها وشوارعها وميادينها العريقة العتيقة، فها هىّ منطقة “كامب شيزار” نسبة لمعسكر قيصر ومنطقة الشاطبى نسبة للإمام الشاطبى الذى عاش بها أيضاً سان ستيفانو وسيدى جابر ومحرم بك ومنطقة الانفوشى والأزاريطة، وغيرها من المناطق والأحياء التى أصبحت جزءا من تلك المدينة الراقية، كذلك تنوعت معالمها الأثرية والترفيهية كقلعة قايتباى بمنطقة بحرى والمتحف اليونانى الرومانى بقرب شارع النبى دانيال ومكتبة الإسكندرية بالشاطئ وحدائق قصر المنتزه.. فهناك الكثير من المشاهير من مختلف المجالات الذين ولدوا وعاشوا بعروس البحر المتوسط .
فأفلاطون الذي يعد من أشهر الفلاسفة الإغريق على مر العصور وتوفيق الحكيم ذلك الكاتب الأديب، وعبدالناصر زعيم الأمة، وعمر الشريف الممثل العالمى، وسيد درويش الموسيقار المعروف، ويوسف شاهين المخرج العالمى، والكثير من الشخصيات الذين أثروا حياتهم فى أعمالهم ولن تنساهم الأجيال الحاضرة ولا القادمة.
تلك المدينة الراقية لا يجب أن نعيش على ذكراها وتاريخها؛ ولكن لابد أن نحافظ على ما تبقى من تراثها ونعمل على رفعة شأنها ولا يتحقق ذلك سوى بالعمل والحفاظ على آثارها القديمة والحديثة واستثمار شواطئها واستغلال مناطقها الصناعية، فضلا على ضرورة تحقيق الأمن والانضباط فى ربوع تلك المدينة للوصول بصورة مرضية فى التطور والازدهار والنمو والارتقاء فى جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والعمرانية.. فلابد أن تسعى الدولة لنشر الوعى بين المواطنين وثقافة الحفاظ على الأماكن العامة والمظاهر الجمالية؛ لأن بقاءها دلالة وترجمة لربط الماضى بالحاضر والمستقبل فمعرفة الإنسان لماضيه وحاضره يمكنه من صياغة مستقبله ومستقبل الأجيال من بعده.