السبت 28 سبتمبر 2024

«روبرت برنشتين» شاهد من أهل هيومن رايتس ووتش

16-9-2017 | 23:46

بقلم –  مجدى سبلة

لم تعد تفلح مثل هذه التقارير المشبوهة كالتى تخرج عن منظمة مثل «هيومن رايتس ووتش»، تلك المنظمة التى أخذت على عاتقها تشويه صورة مصر فى الداخل والخارج، وكأنها مهمة جاءت من أجلها وتعمل لها مقابل أجر مدفوع مقدما، ولم تعرف أبدا هدف حقوق الإنسان الذى أنشئت من أجله.

اتهامات عدة هنا وهناك، تكيلها منظمة «هيومن رايتس ووتش» ضد مصر من آن لآخر، كان آخرها فى تقرير نشرته عن انتشار التعذيب بشكل ممنهج فى أماكن الاحتجاز بمصر ، وذكرت بعض أقسام الشرطة فى القاهرة وأسيوط والمنصورة والإسكندرية.

 

لكن ما لم تقله هيومن رايتس ووتش أبدا هو أنها تدافع عن تاريخها الأسود الملطخ بانعدام المهنية ولم تكتب مرة واحدة عن الإرهابيين الذين يقتلون شهداء الجيش والشرطة المصرية وأيضاً المواطنين الشهداء، وبات الأمر عندهم أنهم يكتبون لصالح مخطط كشفه المصريون مبكرا، ولم يصدقوا تقاريرهم المفبركة، والتى وصلت للحد الذى دفع مؤسس المنظمة ورئيسها السابق(روبرت برنشتين) نفسه ليشهد كشاهد من أهلها حيث تناولها بالنقد فى عدد من المقالات التى نشرت فى الصحف الأمريكية، متهما إياها بانعدام الموضوعية، وبناء تقاريرها على مجرد شهادات غير موثقة من بعض الأفراد المشكوك فيهم.

لم يكن مؤسس المنظمة هو الوحيد الذى انتقدها صراحة وعلناً, بل هناك وقائع أخرى لعرائض كتبت ضد المنظمة من أكاديميين مرموقين وبعض الحاصلين على نوبل للسلام يتهمونها فيها بعدم الحياد، بالإضافة إلى الفضيحة الكبرى التى هزتها، عبر اتهام واحد من أبرز المحققين فيها بالتعاطف مع النازية وتم فضحه.

هيومن رايتس ووتش، منظمة دولية تضم تحت عضويتها أكثر من ١٨٠ شخصاً من المهنيين، الذين يكرسون جهدهم للعمل على مراقبة حقوق الإنسان فى شتى بقاع العالم، وفيهم المحامون والصحفيون وأساتذة الجامعات والخبراء المختصون فى شتى شئون بلدان العالم، وهم من مختلف الجنسيات ويقيمون علاقات وثيقة ووطيدة مع جماعات حقوق الإنسان فى العالم، ويرغبون فى توظيف تلك الجماعات لهدم وإثارة الفتن فى بلدان المنطقة العربية.

وتأسست المنظمة عام ١٩٧٨ حيث كانت تسمى لجنة مراقبة اتفاقيات هلسنكى، وكانت مهمتها الأساسية مراقبة مدى امتثال دول الكتلة الاشتراكية للأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان فى الاتفاقية.

كما نشأت فى ثمانينيّات القرن الماضى لجنة لمراقبة الأمريكتين بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، وسرعان ما تطورت المنظمة ونَمَت فى أنحاء أخرى من العالم، إلى أن توحدت جميع هذه اللجان عام ١٩٨٨ فيما بات يعرف باسم «هيومن رايتس ووتش».

وكان يرأسها منذ إنشائها وحتى سنة ١٩٩٩ م «روبرت برنشتين»، وهو الآن رئيسها الشرفى وينحصر دوره الآن فى انتقاده لها, لأنها حادت عن منهاجها واعوجّت عن الطريق الحيادى.

تتخذ المنظمة من نيويورك مقراً دائماً لها، وتتبعها مكاتب فى العديد من أنحاء العالم.

وكان هدف المنظمة, الأساسى هو أن ترصد ما تقترفه الحكومات من أفعال فى مجال حقوق الإنسان، بغض النظر عن توجهاتها السياسية وتكتلاتها الجغرافية السياسية ومذاهبها العرقية والدينية، وذلك بهدف الدفاع عن حرية الفكر والتعبير والعقيدة فى إطار مواثيق دولية.

والمفترض أساساً أن المنظمة تسعى لإقامة العدل والمساواة فى الحماية القانونية وبناء المجتمع المدنى القوى ومحاسبة الحكومات التى تنتهك حقوق الإنسان.. ولكن السؤال الشائك هل تقوم هيومن رايتس بذلك الدور كاملاً أم أنها تكيل بمكيالين؟!

ومهمة باحثى المنظمة التحقيقات، وهى تقصى الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان فى جميع أنحاء العالم، ثم نشر نتائج التحقيقات على شكل كتب وتقارير سنوية، الأمر الذى تغطيه وسائل الإعلام المحلية والعالمية وذلك لكشف الحكومات، التى تنتهك حقوق الإنسان أمام العالم لكنها حادت منذ فترة وبشكل ملحوظ عن تقديم الحقيقة للناس.

ومن أمثلة نجاحات المنظمة فى تحقيق أهدافها ومساعيها، نجاحها فى اعتماد معاهدة تحظر تجنيد الأطفال فى الجيوش، كما فازت بجائزة نوبل للسلام عام ١٩٩٧، إثر جهودها لمناهضة استخدام الألغام الأرضية.. لكنها لم تفكر مرة واحدة يتيمة فى كتابة تقريرها حول الألغام التى يزرعها الإرهابيون فى سيناء. .. أين إذن حيادية المنظمة؟

يعتمد تمويل المنظمة على تبرعات المؤسسات الخاصة والأفراد وممولها الرئيسى هو جورج سورس الملياردير اليهودى المعروف، وخلال السنوات الأخيرة نجحت قطر فى اختراق المنظمة عبر التمويل المباشر, ومنذ ذلك الحين بدأت تظهر انحيازاتها السياسية ضد مصر بشكل سافر.

ولذلك أرى أن الرد المناسب على التقرير المشبوه الصادر عن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الذى اتهمت فيه مصر بممارسة ما أسمته بـ»التعذيب الممنهج»،  يستوجب بالفعل فضح هذه المنظمة المشبوهة أمام العالم لأنها تعتمد على تقارير مرسلة تتلقاها من الجماعات الإرهابية وكيان الإخوان الضالع تماماً فى سطور هذه التقارير الكاذبة..

لذلك سيكون الرد من خلال القوى والتيارات السياسية والمجتمع المدنى بالتصدى لهذه الحملة المشبوهة، التى تأتى فى وقت تحقق فيه قوات إنفاذ القانون نجاحًا كبيرًا فى التصدى للجماعات الإرهابية وإفشال مخططاتها، لأن هذه المنظمة فى حقيقة الأمر إنما تروِّج جهاراً نهاراً للفكر الإرهابي، وتدس أنفها فى الشأن الداخلى لدول ذات سيادة، مما يستوجب الاستعداد وإعداد ملفات قانونية للمطالبة بمحاكمتها أمام المحاكم الدولية المختصة، وكشف مخططاتها التآمرية التى تستهدف تعكير الأمن والاستقرار فى الدول المستهدفة، دون أية أدلة أو أسانيد، وفقط تعتمد على أقوال مرسلة مفبركة تستقيها من عناصر الجماعات الإرهابية أنفسهم!

ومن الغريب والمريب أيضاً أن بعض الوكالات الإخبارية الأجنبية ما زالت تصدر تقارير هى الأخرى بأن السلطات المصرية حجبت موقع «هيومن رايتس ووتش» فى مصر بهدف سكب الكيروسين على النار.

ولهذه الوكالات الأجنبية أقول إن المصريين انتبهوا لتقارير هذه المنظمة المريبة، وتأكدوا أنها إنما تلجأ إلى تشويه سمعة البلاد، وتتجاهل ما تحقق بالفعل من تقدم أشاد به الكثيرون فى مجال حقوق الإنسان فى مصر خلال السنوات الأخيرة.

وما يجرى الآن على الساحة الداخلية ما هو إلا فصل جديد من حلقات الاستهداف والتشويه المتعمد من جانب تلك المنظمة المعروف أجندتها السياسية وتوجهاتها المنحازة، والتى تعبر عن مصالح الجهات والدول التى تقوم بتمويلها، مثل قطر وتركيا وإيران وبعض الأجهزة الاستخباراتية الغربية.

والغريب حقاً هو ما قاله «جو ستورك» نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى المنظمة الخميس الماضى: «لا تزال السلطات المصرية تصر على أن أى وقائع تعذيب هى جرائم فردية لضباط سيئين يعملون بشكل فردى، لكن تقرير»هيومن رايتس ووتش» يثبت غير ذلك».

إن ما تذكره تقارير المنظمة هو كذب وافتراء يحاول تشويه سمعة البلاد، ويتجاهل ما تحقق من تقدم ملحوظ للكافة فى مجال حقوق الإنسان خلال الأعوام الأخيرة.‏

هم يتهمون مصر وعددا من الدول الحليفة لها أنهم يغلقون عددا من المواقع الإخبارية، ونسوا أن ما يقولونه هم أنفسهم فى تقريرهم المشبوه الملفق ليس إلا تدخلا سافرا فى شئون هذه الدول أثارضجة كبرى عبر مواقع التواصل الاجتماعى، عقب تداولها عبر حسابات على موقعى «فيس بوك» و»توتير».

الغريب أن توقيت إثارة مثل هذه التقارير المغلوطة حدد لها زمان يواكب زيارات المجتمع المدنى المصرى لأمريكا الأسبوع القادم للرد على هذه التقارير وشرح الأحداث وهو إعداد محكم من الأجهزة الاستخباراتية التى مازالت تسير فى مخطط إفشال الدولة.

الحقيقة أنه لم يعد يخفى على أحد أن حقوق الإنسان أحد أهم الملفات التى تلقى اهتماماً عالمياً متزايداً فى الفترة الأخيرة، ويتم الحديث عنها فى كافة المحافل الدولية، إلا أن هذا الملف يتم استخدامه بكثافة الفترة الماضية لتحقيق مآرب سياسية، وللضغط على الحكومات والدول وتحقيق أجندات سياسية عن طريق بعض المنظمات مثل «هيومن رايتس ووتش» التى تثير منذ فترة علامات استفهام كثيرة.

ولا أذيع سراً حين أقول إن هناك منظمات محسوبة على المجتمع المدنى والملف الحقوقى، تشن هجوماً حاداً على مصر فى تعمد واضح للإساءة لها وتشويه سمعتها وصورتها عالمياً، ولإظهار مصر فى موقف العاجزة عن حماية مواطنيها، وآخرها كلمة مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أمام البرلمان الدولى، الذى ادعى خلالها أن مصر تمارس قتلا خارج إطار القانون، زاعماً وجود حالات اختفاء قسرية جديدة، لذلك يجب أن تنتبه الحكومة المصرية والمجتمع المصرى للرد المنطقى والعقلانى على أباطيل وافتراءات ومزاعم مثل هؤلاء المأجورين.