الأحد 16 يونيو 2024

بعد وفاة ٣ أشقاء فى «بنى غريان» الصحة حائرة.. والمياه متهمة.. والقرية مرعوبة

17-9-2017 | 00:15

المنوفية: منى عبدالغنى

فى قرية « بنى غريان» بمركز قويسنا تجد الحزن والخوف فى كل بيت، تجد الرعب ظاهراً على الوجوه، الجميع ينتظرون مصيراً غامضا ويحلمون بكلمة حاسمة من وزارة الصحة تنهى خوفهم وتعلن حقيقة الفيروس الغامض الذى قتل ثلاثة ابناء لأسرة واحدة فى القرية .

فى منزل الأسرة المنكوبة مشهد الحزن أكبر وأكثر تأثيرا، الأم المكلومة وهى تحتضن طفلها الرابع خوفاِ من أن تفقده هو الآخر، تخشى أن تغمض عينها وتفتحها فتجده فارق الحياة.. مشهد الأم الحزين يبكى كل أهل القرية ، ويزيد إصرار فريق وزارة الصحة على سرعة معرفة حقيقة الفيروس الغامض وفك طلاسم الموت الغريب للأبناء، لكن للأسف الصحة حائرة .. والمياة الملوثة متهمة من الجميع بأنها السبب .. والقرية كلها مرعوبة.

سامى السيد سليمان عزب جد الأطفال الثلاثة يؤكد أن وفاة الأبناء الثلاثة وفاء (سنة)، وطلعت (٣ سنوات ونصف السنة)، وحنين (٤ سنوات ونصف السنة) أًصابهم بحالة ذهول، وبكل عفوية أضاف: «إحنا لغاية دلوقتى مش مصدقين هو ايه اللى حصل».. «كل المسئولين فى الصحة لا يعرفون أى شيء حتى الآن عن أسباب الوفاة، وعندما تعبت الطفلة الأولى ذهبنا للمستشفى، وقالوا «لا يوجد تشخيص محدد للحالة، لأن حالتها نادرة، وتلقت علاجاً على مدار ٥ أشهر، إلى أن تحسنت وأصبحت طبيعية، وفجأة توفيت.

ثم كانت «الوفاة الثانية لحفيدتى حنين البالغة من العمر ٤ سنوات أول أيام عيد الأضحى.. صلينا العيد وتوجهنا إلى منزل والد الأطفال، وكانت حنين طبيعية تمامًا، وفوجئت بابنى يوقظنى فى الخامسة عصرًا يخبرنى بأن حنين هى الأخرى تصارع الموت، فتوجهت إلى مستشفى قويسنا المركزى لإنقاذها، وظلت حفيدتى فى غرفة الإفاقة لنحو ٤٥ دقيقة إلى أن خرج الطبيب ليخبرهم بمفارقتها الحياة».

مضيفاً: «وقتها بدت الوفاة طبيعية نتيجة معاناتها منذ الولادة بنزيف، ولم يشك أحد فى الأمر، وقمنا بإنهاء إجراءات الدفن وارتضينا بقضاء الله وقدره»، لكن جاءت الوفاة الثالثة بعد ثلاثة أيام فقط من وفاة الطفل الثانى «طلعت»..

الجد الثانى للضحايا فرج سعيد جمعة يقول: فوجئنا بوفاة «طلعت» عندما اشتكى من ألم فى معدته، ودخل للنوم، وعندما أرادوا إيقاظه، وجدوه متوفى، والدم ينزف من أنفه، وذهبنا به لمستشفى قويسنا، التى أخبرتنا أن سبب الوفاة حدوث هبوط فى الدورة الدموية، مؤكداً أننا مرعوبون على الطفل الرابع «رمزى» ٧ سنوات، خشية أن يلقى مصير أشقائه الثلاثة، لافتاً إلى أنه تم نقله إلى مركز السموم بجامعة المنوفية، وتم عمل سونار على قلبه، ويجرى عمل الفحوصات الباقية للتأكد من سلامته.

فى ذات السياق، تحدث أهالى القرية عن حالة الرعب التى تسيطر عليهم، فيقول إبراهيم عبدالعال. «خايفين ندخل ننام نصحى نلاقى عيالنا ماتت هى كمان.. الصحة خدت منا عينات وحتى الآن لا نعرف هو فى ايه.. احنا بنموت كل يوم فى انتظار نتيجة التحاليل».

وطالب خليل فرج نواب مركز قويسنا بالنزول للقرية لمتابعة الوضع، قائلاً: «ماشوفناش نائب نزل يشوف احنا بينا ايه من يوم ما مولد الانتخابات اتفض.. المفروض كارثة زى اللى فيها القرية كانوا هما اول ناس نزلوا وشافوا ايه اللى بيحصل».

متولى جابر أحد أهالى القرية، أكد أن «جميع أهالى القرية على يقين بتلوث مياه الشرب، لذلك فهم لا يقتربون منها فى الأكل أو الشرب، ويستخدمونها فقط فى غسيل الملابس والأوانى.. وطوال السنوات الماضية يعتمدون على صنابير الفلاتر التى تبرع بها عمدة القرية، وطالب وزارة الصحة بالإعلان عن السبب الحقيقى وراء الوفاة.

نحو أسبوعين مرا ولم تُصدر وزارة الصحة تقريرها بشأن الواقعة، كما لم تعلن المعامل المركزية نتائج العينات التى سحبها فريق الطب الوقائى من المياه والأغذية الجافة والمطهية التى تناولها الأطفال، فيما كان أول قرار اتخذته هناء سرور وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، نقل طبيب الوحدة الصحية بالقرية إلى وحدة «شبرا قبالة» لعدم سرعة إبلاغه عن الواقعة فى الحال، فضلا عن تحويله للتحقيق.

«سرور» قالت إنه تتم متابعة حالة الطفل الرابع شقيق المتوفين بصورة يومية من جانب الوحدة الصحية بالقرية، وكذلك ابنة عمه المقيمة بنفس المنزل.

بينما أوضح الدكتور السيد عوض مدير مديرية الطب البيطرى بالمنوفية، أنه تم تشكيل لجنة تقصى لمتابعة القضية، مضيفاً: أن اللجنة قامت بأخذ العينات من جميع المزارع والحيوانات والأعلاف بالقرية عامة، ومن منزل الضحايا خاصة، وذلك لعمل اختبارات ضد أمراض السل، بالإضافة إلى حالة الماشية والطيور الموجودة بمنزل عائلة الأطفال المتوفين.

اللواء السيد سلطان مدير إدارة البحث الجنائى بالمنوفية، كشف أنه تم استخراج جثث الأطفال- الأشقاء الثلاثة- وأخذ عينات من المعدة لتحليلها لبيان سبب الوفاة، وسط إجراءات أمنية مشددة، ثم إعادة دفنهم مرة أخرى.. ولا تزال «بنى غريان» فى انتظار كشف غموض تلك الوفاة المبهمة.