الأربعاء 15 مايو 2024

في رائعة شريف عرفة

17-9-2017 | 11:03

بقلم : هشام الصواف

يحمل فيلم «الكنز» أفكار وقيماً ومبادئ ورؤية فلسفية وإنسانية راقية كتبها شريف عرفة في قصته السينمائية بشكل شيق وجذاب وترجمها في السيناريو والحوار عبدالرحيم كمال بحرفية واتقان شديد رغم انه اقترب من الدراما التليفزيونية أحيانا في بعض التفاصيل التي تضمنتها أحداث الفيلم الذي تناول 3 قصص مختلفة يجمعها مكان واحد بالاقصر العريقة في 3 عصور مختلفة هي عصر حتشبسوت "هند صبري" وعصر علي الزيبق" محمد رمضان" أيام الدولة العثمانية وعصر الملك فاروق حيث كان يعين الباشا بشر الكتاتني "محمد سعد"،وتبدأ الاحداث عندما عاد أحمد حاتم "حسن بشر الكتاتني" من أوروبا بعدما انهي دراسته الجامعية هناك لزيارة عمه المريض مصطفي الكتاتني "هيثم احمد زكي" والذي فارق الحياة بعد لحظات، حسن بشر يصارح الخادم النوبي محمد السني " قادم " بأنه جاء ليبيع البيت وبيتاً آخر في الاقصر وكل أملاكه عن والده وعمه ليعود إلي الخارج لأنه لا يتذكر والده محمد سعد «بشر الكتاتني» الذي مات وهو طفل صغير وقرر عمه ارساله ليتعلم في اوروبا ويقابل احمد رزق"عبدالعزيز النشار" محامي الاسرة ومدير مكتب والده وصديق عمره ويطلب منه سرعة عمل إعلان الوراثة حتي يبيع أملاكه ويعود لاوروبا سريعا ولكن المحامي يخبره بأن الإجراءات تحتاج شهرين. يحاول حسن ان ينام ولكنه يستيقظ علي أصوات الرصاص ويخبره الخادم بأنها من عائلة منافسة تريد ان تشتري البيت القديم القريب من المعابد الاثرية بالاقصر لأن به كنزاً ويقدم له الخادم وصية والده محمد سعد وهي عبارة عن ملف به برديات قديمة عن مصر الفرعونية في عهد حتشبسوت "هند صبري" ووالدها الفرعون المريض جميل برسوم وشقيقها غير الشرعي رمزي لينر "تحتمس الثاني" ويظهر الكاهن الاكبر محسن اسماعيل في اجتماع مع الكهنة يحدثهم فيه بضرورة حكم حتشبسوت خلفاً لوالدها لأن شقيقها تحتمس الثاني غير شرعي.. ويقلب احمد حاتم الملف الاخر ونري فيه والده الباشا محمد سعد رئيس قسم مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية ومدير مكتبه أحمد رزق وكيف يستطيع محمد سعد أن يحصل علي اعتراف بأسماء تجار المخدرات واماكنهم ليقبض عليهم ويضحي بشقيقه ويضعه في السجن لمدة عام لانه مدمن مخدرات ليصبح رئيس القلم السياسي.. وينتقل أحمد حاتم الي الملف الثالث حيث عصر الدولة العثمانية في دمشق وكيف يقتل عباس أبو الحسن " صلاح الكلبي" حسن رأس الغول، الفارس المصري المغوار الذي يرفض ظلم الكلبي وقهره للاهالي ويعود حسن رأس الغول علي فرسه وهو مصاب ويموت بعدما أمر زوجته سوسن بدر وطفله علي بالعودة سريعاً الي الاقصر ليقيما في نفس المنزل الموجود به الكنز والذي تشير إليه رواية حتشبسوت ايضا والتي تحب المهندس هاني عادل" سمنوت " والذي يحلم بإقامة معبد ضخم لا مثيل له "معبد حتشبسوت" وتكلفه بذلك بعد ما تزوجت من تحتمس الثالث وتصبح الملكة وتتوالي الاحداث ويتردد الباشا محمد سعد علي كباريه شيك ونري فيه استعراضات رائعة لعاطف عوض وديكوراً رائعاً جدا لأنسي أبو سيف كما نسمع فيه صوتاً جميلاً للمطربة الشامية امينة خليل " نعمات" والتي يقع في حبها الباشا محمد سعد، علي الجانب الاخر يكبر علي حسن رأس الغول ويصبح علي الزيبق لأنه يتمتع بلياقة بدنية وسرعة حركة وبديهة جعلت معلمه " الشحات مبروك "عمر يطلق عليه لقب علي الزيبق ويدخل في صراع مع عباس ابو الحسن قاتل والده ولكنه يقع «محمد رمضان» في حب زينب"روبي" ابنة عباس ابو الحسن أو صلاح الكلبي ولكن علي الزيبق يتصدي له وتنتهي احداث الجزء الأول من الكنز دون ان يتزوج الباشا محمد سعد من حبيبته المطربة نعمات" أمينة خليل" ودون ان نعرف أم أحمد حاتم "حسن بشر" الفيلم ممتع رغم طول مدة عرضه التي امتدت 3 ساعات ابهرنا خلالها المخرج الكبير شريف عرفة بأجمل وأدق الكادرات مع أجمل صورة وأهتم بكل التفاصيل بداية من السيارات القديمة التي استخدمها الباشا محمد سعد مع مجموعات أخري من السيارات في الشوارع وكأنها سيارات حديثة ،كذلك الملابس والديكورات في العصور المختلفة في عهد الملك فاروق وعهد حتشبسوت وعهد الدولة العثمانية وأيضاً استعراضات ومنولوجات أحمد أمين وغناء نعمات" امينة خليل".. وتستحق ملك ذو الفقار جائزة احسن ملابس عن العصور الثلاثة وكذلك الموسيقي لهشام نزيه والتصوير لأيمن أبو المكارم الذي قدم أجمل صورة والديكور لانسي ابو سيف ويستحق الفنان محمد سعد جائزة أحسن ممثل في دور بشر باشا حيث قدم واحداً من أهم واصعب أدواره ببراعة شديدة وكذلك محمد رمضان الذي ظهر كفنان شامل يستطيع تقديم كل الادوار فكان متميزاً في الاكشن وفي خفة الظل والحب ايضا مع روبي ابنة غريمه.. فدوره غني وهو من أهم ادواره حتي الآون وكانت روبي في أفضل ادوارها وقدمت دوراً له بصمة هامة وعلي نفس المستوي كانت هند صبري في دور حتشبسوت وحبيبها المهندس هاني عادل واعتقد ان امامهما مساحة اكبر في الجزء الثاني وكذلك تألق القدير عبد العزيز مخيون في ثلاثة أدوار مختلفة في عهد حتشبسوت والعثمانيين والملك فاروق وقدم محمد محمود عبد العزيز مشهداً واحداً في دور الملك فاروق ولكنه ترك بصمة وتميزاً وكذلك القدير محسن محيي إسماعيل في دور الكاهن الاكبر وسوسن بدر والشحات مبروك ومحمد السني وظهرت أمينة خليل اكثر نضجا وقدمت دورا رائعا في شخصية نعمات وعلي نفس المستوي كان الرائع أحمد رزق وعباس ابو الحسن واحمد حاتم وهيثم احمد زكي والحقيقة ان كل الفنانين قدموا أفضل ما عندهم سواء كانوا أمام الكاميرا أو خلف الكاميرا لنشاهد فيلماً رائعاً متكامل العناصر بقيادة المتميز شريف عرفة.. أحد أهم وأفضل مخرجي السينما المصرية حيث قدما لنا فيلماً ممتعاً سيعيش لسنوات طويلة مثل أفلام الاربعينيات والخمسينيات والستينيات الهامة التي نشاهدها عشرات المرات دون ملل.. وكذلك السينارست الموهوب عبد الرحيم كمال الذي حقق نجاحاً سينمائياً لا يقل عن روائعه التليفزيونية.

    Dr.Radwa
    Egypt Air