الأحد 19 مايو 2024

ذكريات أب مع أول يوم مدرسة .. حقيبة باربي وكراسات الفجالة

18-9-2017 | 13:27

كتب : طاهر البهى

ما أجمل أن يكون لديك طفلة.. وما أروع أن تنطق أول كلماتها، ولكن الأجمل والأروع والأكثر سحرا أن يأتي موعد زفافها إلى المدرسة ولو كان التحاقها ب «كي جي تو ».. يومها ستشعر بفرحة لا تضاهيها سعادة، وستجد نفسك تشارك في وضع قائمة الطلبات.. التي تحتاج إليها وأخرى ستخجل «الميس » أو «المدام » من أنك أتيت بها متطوعا.. اليوم فرحة لا تقل عن فرحة ليلة العيد وزفافها على العريس بعد عمر طويل، عمر طويل سوف يقصر كثيرا، وأنت تراها تكبر عاما بعد آخر، وترطن بالإنجليزية والفرنسية أو الألمانية أو كلمة فصحى لا تتوقعها.. كل واحدة وعلامها!

سوف تستعد قبلها بشهور لمقابلة إدارة المدرسة، ربما لن تخشى على ابنتك أو ابنك من تلك المقابلة الصعبة، لأنهم بالكتير سوف يسألونها عن الألوان ورغم أنك تعلم أن التلوث لم يترك شيئا في حياتنا إلا ووضع من فوقه التراب والأدخنة وأوراق الشجر المتطايرة، إلا أنك تعلم أن ابنتك ستذكر الألوان الصحيحة من صفحات القصص والمجلات الملونة، أما إذا فكرت الست الناظرة بأن تختبرها في أسماء الحيوانات، فما من شك أنك تحسبت لذلك وعديت على حديقة الحيوان بالجيزة عن طريق المترو الحضاري أو الميكروباص بأبوابه المفتوحة طول الطريق، وبجنيهات قليلة وأنت تحمل طفلتك على أكتافك  كتف واحد مش كفاية  سوف تحصل على «تيكت » الدخول، وسوف تنادي على زوجتك التي مرقت تنظر على رقبة الزرافة من بعيد للالتزام بطابور الدخول، وبالتالي لا قلق من هذا الاختبار البسيط فالأطفال يتعلقون بالحيوانات ويحفظون عن ظهر قلب أسماءهم وأشكالهم وألوانهم، ولكن القلق كل القلق من اختبارك «إنت يا حلو »، فسوف يسألونك عن كل شيء بالعربي والإنجليزي كمان، وعن أحوالك ما تسر وما لا تسر، لذلك سوف تبحث عن واسطة تنجيك أما البنية فلها رب يحميها.

بعد المقابلة الصعبة سوف تهتف من قلبك هييييه نجحت.. أنت الذي نجحت ثم ابنك أو ابنتك، سوف تمنحها ورقة من الشيكولاتة ومعاها باكو لبان.. هكذا كنت وعدتها، وسوف تمنح نفسك حجرين شيشة.. هكذا أيضا وعدت نفسك.. لتعلن انتهاء الجولة الأولى، ويأتي بعدها سحب نصف مدخراتك لسداد المصروفات، ورغم أنه يوم «دفع » إلا أنه على قلبك زي العسل، سوف تشعر بسعادة بالغة وأنت تقول لرفاقك على المقهى.. بنتي في كي جي!، ويأتي الطواف على مولات وبوتيكات لوازم المدارس، الكتكوتة التي ما زالت لم تخرج من البيضة رأسها وألف سيف عايزة شنطة «باربي » وتوكة من أفخر محلات روكسي وحقيبة من سيتي ستارز، وكراسات من الفجالة زي صاحباتها، لتدخل معها في حوار الطرشان: طيب منجيب حاجتنا كلها من الفجالة أو العتبة؛ فتقابلك بالبكاء لأنها اتفقت مع صاحبتها اللي في كي جي برضه أنها هتقابلها في المول الكبير ليشتري الآباء فيما الأبناء  البنات  يتزحلقن على الجليد! وتأتي الليلة الموعودة، ليلة النوم مبكرا للاستيقاظ المبكر للذهاب إلى المدرسة، البنت مصممة تنام في أحضان الشنطة والحذاء والتوكتين، فيما تتناثر حولها الكراريس والأقلام والألوان كورود تزين حضنها البريء.

في الصباح البنت فرشت الألوان وفتحت كراسة الرسم وهاتك يا تلوين من قبل صلاة الفجر وفي الخلفية قناة الكارتون وبصوت عال كمان، ورغم الهيصة إلا أنني لم يفوتني مشهدا تاريخيا بهذه الروعة، فلجأت لتسجيله بكاميرا الموبايل وهو يحتوي على كاميرتين إلا أنني اكتفيت بواحدة!

كانت أمها قد وضعت لها كمية من السندويتشات تكفي مدرسة بحالها، وإلى جوارها بعض الحلوى والعصائر والمياه سحبتها من الثلاجة فأفرغتها عن آخرها، صوت غناء البنت يغطي على صوت المحرك، حتى إذا ما وصلنا إلى باب المدرسة، تشبثت ابنتي التلميذة في كي جي بمقعدها منفجرة في البكاء، وحاولت الاستعانة بالدادة لإقناعها بجمال وروعة المدرسة والألعاب والأغنيات التي تنتظرها، وإذا بالمربية الفاضلة تقول لابنتي: تعالي معايا.. بابا وماما مش عايزينك!! ووجدتني رغما عني أنهر الدادة: قائلا لها: إنت بتقولي إيه يا أختي؟! وعندما علمت المديرة غضبت بشدة وقالت بلطف لابنتي «عايزة تكتبي اسم بابا وماما؟ .»

فقالت الابنة وهي تومئ برأسها: أيوة.

عادت لتسألها: عايزة تغني؟.

الابنة: أيوة.

المديرة: تعرفي ترسمي؟.

الابنة: أيوة.

المديرة: قوللي لبابا باي.

ابنتي: باي.

أنا: يا سلام!!