الأحد 24 نوفمبر 2024

بين بكاء الأولاد ولعب البنات .. سنة أولى مدرسة

  • 18-9-2017 | 13:46

طباعة

تحقيق: سمر عيد

حمل يوسف حقيبته على ظهره وبها السندوتشات وزجاجة المياه الصغيرة، وأخذته أمه إلى المدرسة وتركته وانصرفت وفوجئ يوسف بعدد الأطفال الكبير في المدرسة ورأى من يلعب ويقفز ومن يمسك بالكتب، فارتبك وانزوى في ركن بعيد عن الجميع ورفض التحدث مع أحد، مثل هذا المشهد وغيره الكثير يحدث لأطفالنا خلال الأيام الأولى من الالتحاق بالمدرسة، فكيف يتغلب الطفل على المخاوف التى تعتريه خلال العام الأول للدراسة؟ حواء استمعت لقصص الأطفال وشكواهم خلال عامهم الأول بالمدرسة، وسألت المتخصصين عن الحلول لهذه المشكلات..

البداية من أمام إحدى المدارس الحكومية فتقول آية شعبان طالبة بالصف الأول الابتدائي: بكيت في أول يوم ذهبت فيه إلى المدرسة بسبب ابتعادى عن أمي، واستمر خوفى من المدرسة وبعدى عنها لثلاثة أيام، بعدها تعودت على ذلك واستطعت أن أكون صداقات مع زميلاتى، وكانت مشكلتي في الأيام الأولى عدم التركيز مع المعلمة جيدا فكنت أعود إلى المنزل دون أن أتذكر شيئا مما تم تدريسه لى على مدار اليوم، وبالتالى لم أستطع عمل الواجب لتغضب مني المدرسة وتعاقبني في اليوم التالى، حتى بدأت أختي بالمذاكرة لى واسترجاع ما تم شرحه في المدرسة مرة أخرى، وفي الفصل الدراسى الثاني تغلبت على مشكلتى وتمكنت من حل الواجب بمفردى.

وتقول ريماس محمود، طالبة بالصف الأول الابتدائي بإحدى المدارس الخاصة: أكثر ما أتعبني وأنا في سنة أولى مدرسة هو أن المعلمات كن يكتبن بسرعة على السبورة، وأنا لا أستطيع الإمساك بالقلم جيدا ونقل ما يكتبنه، كما أنني كنت أضيع أقلامي وكراريسي كثيرا حتى علمتني معلمة الفصل كيف أحافظ عليها.

أما وليد هيثم، فلم يعانى من المشكلات السابقة خلال عامه الأول بالمدرسة فقد التحق بإحدى المدارس الدولية وبدأ أيامه الأولى بالتمثيل على مسرح المدرسة ولعب الكرة ما خفف عليه حدة الابتعاد عن أمه وبيته.

وتشير منى محمود، والدة ردينة محمد، طالبة بالصف الأول الابتدائى إلى مشكلة أخرى يعانى منها الأطفال خلال الأشهر الأولى بالمدرسة فتقول: يجد الأطفال صعوبة فى استيعاب المنهج، حيث تحتوى مادة اللغة الإنجليزية على قواعد نحوية، كما أن المدرسين يحفظون الأطفال جملا كاملة في مادة اللغة العربية، ناهيك عن الجمع والطرح، واللغة الفرنسية، بالإضافة إلى العلوم التى تتضمن تعريفات للكائنات الحية والجماد والنبات، الأمر الذى يمثل صعوبة بالغة على ابنتي وزملائها فى الصف.

مشكلات نفسية

بعد أن استمعنا إلى تجارب الأطفال مع عامهم الأول فى المدرسة والمشكلات التى تواجههم خلاله، ماذا عن المشكلات النفسية التي قد تصيب الأطفال خلال هذا العام؟ يقول د. محمد حمودة، أستاذ الطب النفسي للأطفال: هناك اضطرابات نفسية تصيب الأطفال خلال العام الأول من الدراسة بسبب بعده عن والدته ومنزله الذى اعتاد البقاء فيه وهو ما يسمى بـ "قلق الانفصال"، ويمكن التغلب على هذا الشعور ببقاء الأم مع طفلها لعدة ساعات خلال اليوم الأول وكذا الثانى حتى يعتاد الطفل على التواجد مع زملائه، وقد يعاني الطفل "اضطرابات القلق العام" بسبب الخوف الزائد من الوالدين عليه ما يجعله منطويا على نفسه يخشى التعامل مع الآخرين.

وتابع: نجد بعض الأطفال كثيرى الحركة قليلى الانتباه وهو ما نسميه بـ "اضطراب نقص الانتباه مفرط الحركة" وهذا المرض يمكن أن يتطور إذا ما تم عقاب الطفل من قبل المدرس أو مدير المدرسة فيتحول إلى "اضطراب عناد" ثم إلى "اضطراب شخصية مضادة للمجتمع" والذي ينشأ عنه شخص سيكوباتي لا يبحث إلا عن متعه الشخصية ويتلذذ بإيذاء وتعذيب الآخرين، أو ينشأ عنه شخص متقلب المزاج.

                          أصعب سنة

وترى د. رحاب أحمد، أستاذة التربية أن السنة الأولى بالمدرسة أصعب المراحل  في حياة الطفل، فبعض الطلاب لا يستطيعون الإمساك بالقلم لفترات طويلة، وبعضهم يشعر بالحزن لافتقاد الأم، وتقول: لا بد من وجود إرشاد أسري لأولياء الأمور عن كيفية التعامل مع الطفل في هذا العام، حيث يعانى بعض الأطفال الأنيميا أو ضعف الإبصار لكن الأهل لم يلاحظوا ذلك، لذا أنصح بالإكثار من حصص الأنشطة والموسيقى حتى يحب الطالب المدرسة ولا ينفر منها، كما ينبغي الاستعانة بخريجي التربية للتدريس للأطفال.

اكتشاف الشخصية

وتقول د. نورا رشدي، أستاذة علم الاجتماع والمدرس بمعهد الخدمة الاجتماعية: لا شك أن تلك المرحلة مهمة جدا فى حياة الطالب باعتبارها فترة الإبداع واكتشاف الموهبة والشخصية، فنجد طفلا ذا شخصية محبوبة يرغب الأطفال فى مصادقته، وآخر يحب الزعامة فيتبعه الآخرون ويستمعون إلى كلامه، وثالث منظم جدا، وعلى المعلم والأسرة أن يتقبلوا الطفل كما هو خلال هذا العام دون توبيخ أو إيذاء على أية أخطاء يقوم بها حتى لا يكره المدرسة.

وتضيف: هناك طفل يعتاد على الخروج من المنزل والاختلاط بمن حوله لذا لا يشعر بالعزلة والحزن التي يشعر بهما الطفل الذي لم يخرج من المنزل ولم يتعامل مع أحد، لذا أنصح الأمهات بأن يجعلوا الأطفال يتفاعلون مع الناس ومع من هم في مثل أعمارهم، مع أهمية العناية بالطعام الذى يقدم للأطفال فى تلك المرحلة والحرص على غناه بنسبة كبيرة من البروتينات والفيتامينات لتقوية مناعتهم ضد أمراض الشتاء المختلفة.

                       تطوير التعليم

وتدعو د. إحسان عبد الرحيم، أستاذة المناهج وطرق التدريس القائمين على الشأن التعليمى بالاهتمام بالأنشطة المدرسية واكتشاف المواهب قدوة بالمدارس الدولية ، إلى جانب إيجاد حلول جذرية لكثافة الفصول التى تعانى منها المدارس الحكومية حتى يتمكن المعلم من أداء دوره والتعامل مع الطلاب والتعرف على مشكلاتهم.

             تعارف الطلاب

وترى د. ناهد نصر الدين، خبيرة التنمية البشرية وأستاذة علم الجمال أن الأمهات يقعن فى خطأ في حق أبنائهن بالصف الأول الابتدائي ألا وهو عدم تعريفهم بالمدرسة قبل بداية الدراسة وتقول: لابد أن تصطحب الأم الطفل إلى المدرسة أثناء تقديمها أوراقه وعند شرائها للكتب أو الملابس حتى لا يصدم الطفل بالمدرسة في أول يوم، وعليها أن تخصص له ركنا في المنزل تقوم بطلائه بلون مبهج وتضع فيه مكتبا صغيرا لتشجعه على الاستذكار والكتابة والقراءة، كذلك عليها أن تجعله يشترك في رحلات المدرسة في أول عام وألا تخاف عليه وألا تشعره بالخوف من الرحلات والآخرين حتى لا يصاب بفوبيا الأغراب والمدرسة، وعلى المعلم أن يلاحظ مواهب الطلاب ويبدأ في تنميتها وتوظيفها في الاتجاه الصحيح فلو وجد الطفل أنه يفعل ما يحب ويمارس هواياته في المدرسة فبالتأكيد ستتحول إلى عنصر جذب للطلاب.

    الاكثر قراءة