● كثير منا لا يعلمون من يصنع لوكيشن التصوير و كيف يتم بناؤه، بل لا يعرف الفرق بين العامل فى الحقل الفنى و فى أي مجال آخر
● عمال الحقل الفنى يعملون دائما تحت ضغط الزمن فهم فى صراع دائم مع الوقت لإنجاز مهامهم قبل التصوير
العشرات إن لم يكن المئات فى مكان واحد كخلية نحل، يسابقون الزمن ليغيروا معالم هذا المكان فى بضع ساعات، يجوبون الزمان و يتخطون المكان و يجعلون النهار ليلا و الليل نهار، الكل يعمل علي قدم وساق كالبنيان المرصوص تتعالى الأصوات و تختلط بضجيج الماكينات، لا يلههم حر و لا برد عن استكمال ما شرعوا فيه و هم يعلمون علم اليقين أن عملهم لا يدوم و بناءهم لن يستمر إلا بضع أسابيع ... هذا حال عمال صناعة الفن و الابداع فى مصر.
هم ليسوا بالنجوم و لا حتى الكومبارس أو حتى من يقف خلف الكاميرا من مخرجين و مهندسين إضاءة أو صوت أو ديكور ممن تكتب أساميهم على تترات البداية من صناع العمل .. إنهم الحرفيون ، الفنيون ، الأسطوات و التابعين الذين يصنعون اللوكيشن أو الكالوس من عمال نجارة و نقاشة وحدادة و كهربائية و غيرهم .
كثير منا لا يعلمون من يصنع لوكيشن التصوير و كيف يتم بناؤه بل لا يعرف الفرق بين العامل فى الحقل الفنى و فى أى مجال آخر فهل أى نجار يصلح للاشتراك فى الأعمال الفنية، وهل المواد التى تستخدم فى الاستديوهات هى نفس المواد المستخدمة فى تأسيس المنازل وبنفس التقنية أم تختلف بل ما الفرق بين الفنى و الأسطى و لمهندس سواء مهندس الديكور أو الإضاءة ؟ هل أجورهم توازى حجم عملهم؟ و لماذا دائما نجوم الفن يتحدثون عن أن حق هؤلاء العمال مهضوم ؟... أسئلة كثيرة قد تجول فى خاطرك عندما تشاهد عملا متميزا لذلك قبل كتابة هذه السطور تحدثت مع أساتذة المهنة لتكون الإجابة وافية بلا تضليل منهم المخرج الكبير أمير رمسيس و مهندس الديكور الكبير فوزى العوامرى و مهندس الديكور أحمد سعد الدين الذين أعطونى إجابات وافية.
فالعامل أو الفنى يخضع تحت إشراف الأسطى الذى دائما يكون تحت يدية 8 أو 9 عمال يقوم بتوجيههم حسب توجيه مهندس الديكور أو مهندس الإضاءة أو حتى مسئول الأزياء إن كان العمل تاريخيا و هم يحصلون على أجورهم اسبوعية مثل أغلب"الصنايعية " فى مصر و لكن ربما يكون الأجر يوميا فى حالة تصوير إعلان فقط، الغريب فيما قاله لى أمير رمسيس إن أجورالعمال فى الحقل الفنى لا تقارن بأجور نجوم العمل أو مخرجه فستظر ملاليم أمام ملايين النجوم، و لكن إذا أضيفت عدد الأسابيع التى يعملون بها طوال الفيلم او المسلسل قد توازى أجور ممثل الدور الثانى، وهى أجور عادلة لما يبزلونه من جهد ولكن المشكلة الدائمة ان أجورهم غير منتظمة وليست مستمرة كما هى الحال مع كل العاملين فى الحقل الفنى، فهم دائما فى انتظار العمل و ترشيح الأسطى للفنى، كما ان هؤلاء العمال بدون تأمين صحى و إذا حدث لهم أى أزمة صحية يتوقف العائد المادى وهنا تكمن المشكلة.
نجار أو نقاش السينما مختلف تماما عن النجار و النقاش التقليدى الذى يصنع الأثاث " يشطب " المنازل و هو ما أكده لى فوزى العوامرى وخاصة الأسطى لأنه متخصص فى تقنيات سينمائية معينة لا يعرفها النجار و النقاش العادى، ولكن يمكن اكتسابها بعد اكتساب الخبرة و الأسطى سهل عليه لن يطوع النجار العادى للعمل بالسينما و يعلمه، أما المواد المستخدمة فهناك أدوات تستخدم فى الصناعة مثل الفوم و الخشب و هى لا تستخدم فى المنازل.
للفنى دور مهم فى إبداء رأيه فى العمل وهناك عدد كبير من المخرجين و مهندسى الديكور يأخذون بهذه الآراء التى يستفيد منها العمل فهم شريك مهم داخل كل عمل فنى و لهم بصمات واضحة و لا يجب التقليل من حجم إبداعهم الذى يصب فى اكتمال الرؤية البصرية لدى المشاهد، بل و أحيانا لهم دور فى توجيه الممثل بعد أخد رأى المخرج فى بعض التفصيلات.ِ
عمال الحقل الفنى دائما يعملون تحت ضغط الزمن فهم فى صراع دائم مع الوقت لإنجاز مهامهم قبل التصوير و أحيانا يطلب المخرج تغيير الديكور قبل التصوير بسويعات الأمر الذى يضغطهم، وأحيانا يواصلون الليل بالنهار حتى اكتمال عملهم ويعملون فى لهيب الحرارة صيفا أو زمهرير الشتاء خاصة إذا كان التصوير خارجيا او لوكيشن مفتوحا، فحجم تعبهم فى العمل يضاهى كل النجوم و الفنانين وباقى العناصر بل ويكتب اسمهم فى تتر الختام، وأحيانا كثيرة لا يعرض عقب انتهاء المسلسل أو لا ينتظر المشاهد تتر النهاية فى السينما، فحقوقهم الأدبية رغم انها مصانه لكن لا يتابعا أحد.
الأزمة عند عمال الوسط الفنى أن عملهم بالقطعة فإذا تعثرت الحركة الفنية يتوقف نشاطهم، وتصبح عائلاتهم بلا مورد أو إذا اصيب الفنى بمرض او حدث له أمر وهو فى موقع التصوير، لأنهم غير مؤمن عليهم ولن يلتفت إليهم أحد فضلا أنه لا يوجد شىء يحميهم من مخاطر المهنة إذا وقع من على السقاله أو أصيب بصعق كهربى وهو يعمل وكم من عامل تعرض للإصابة وابتعد عن العمل، ولم يسأل عليه أو يبره أحد لذلك أتمنى أن تقوم شركات الإنتاج بالتأمين على هؤلاء النجوم _ لأنهم نجوم فى عملهم _ من مخاطر المهنة بل أتمنى ان يضافوا كشعبة داخل النقابات الفنية المختلفة ولا أعرف مدى قانونية هذا الاقتراح.
و لمن لا يعرف هناك نجوم كثر فى الوسط الفنى كانت بدايتهم كعمال صحيح بعيد عن الحقل الفنى، لكنهم كانوا عمال و على رأسهم الفنان الشعبى شكوكو الذى تحول فى فترة إلى أسطورة شعبية و كان أول فنان يصنع له دمية عرفت بدمية شكوكو. فكانت بدايته مع حرفى النجارة ونفس الأمر الفنان أشرف عبد الباقى الذى عمل نجارا و نقاشا قبل احترافه الفن وكذلك حماده هلال الذى عمل فى ورشة نجارة .. الأمثلة كثيرة لنجوم الفن الذين عملوا فيه. المهم و لا أنسى موقف حكاه لى محمد رجب فى بداياته أثناء تصوير فيلم "مذكرات مراهقة " عندما تغيب نقاش على العمل و كانت رجب فى بداياته ووجد التصوير سيتعطل فقام هو بدهان الحائط وأكمل تصوير مشاهده.