الأربعاء 27 نوفمبر 2024

ثقافة

عبد العليم القباني الإبداع في سنّ الإبرة !

  • 16-5-2023 | 10:34

د. مصطفى رجب

طباعة
  • د. مصطفى رجب
  • ينتمى القبانى إلى تلك الفئة العصامية من المبدعين الذين خانهم التعليم الرسمي، أو خانوه هم، فلم يسلكوا مراحله، وهجروا مدارسهم، طلبا لأكل العيش
  • من أبرز الأعمال الشعرية التي تثبت مقدرة القبانى، ملحمته عن الحملة الفرنسية، وقد نظمها في  400 بيت كتبت جميعها على بحر شعرى واحد

رحم الله صديقنا الشاعر الفنان المبدع عبد العليم القبانى (2 أغسطس 1918- 14 يناير2001)، وجزى الله مجلة الهلال وأسرة تحريرها الكرام خيرا لاهتمامها بإحياء ذكرى نوابغ مصر والشرق من حين لآخر، فهذا دورها التاريخى الذى حرصت عليه الهلال على مدى تاريخها الطويل المشرِّف.

ينتمى القبانى إلى تلك الفئة العصامية العظيمة من المبدعين الذين خانهم التعليم الرسمى، أو خانوه هم، فلم يسلكوا مراحله، وهجروا مدارسهم، طلبا لأكل العيش، أو فرارا من معلمين استفزوهم، ومنهم عباس العقاد وعبد العال الحمامصى وآخرون،

فقد هجر عبد العليم القبانى بلده مطوبس (محافظة كفر الشيخ) مع والده وهو فى السنة الخامسة من عمره ، وبعد سنوات ترك مدرسته الابتدائية ليعمل مع والده خياطا للملابس. ولكنه كان محظوظا بعدد من المعلمين المتأدبين الذين كانوا يترددون على محل الخياطة الذي يعمل به، فتعلم منهم وحفظ مما كان يسمع منهم الكثير .

وببلوغ القبانى سن الثلاثين ( سنة 1948) بدأ يسعى لتحقيق ذاته فنيا فقد فاز سنتئذ بجائزتين كبريين كانت الأولى جائزة وزارة المعارف العمومية، وكانت المشاركة فى مسابقتها بخمس قصائد، وكان من المحكمين عباس محمود العقاد ومحمد فريد أبو حديد، وقد أدى حصول القبانى على الجائزة الأولى في هذه المسابقة إلى تسليط الأضواء عليه، ثم  حصل في العام نفسه على جائزة الإذاعة المصرية فى الشعر الغنائى.

ويبدو أن  القبانى استشعر أهمية الجوائز فهى تعوضه عن الشهادات التعليمية الرسمية التي افتقدها، فالجوائز شهادات كبيرة القيمة، يكون محكموها عادة من كبار الأساتذة. وتشهد  يوم توزيعها حضورا  إعلاميا كبيرا، لذلك حرص القبانى على كسب الجوائز الأولى بقدر المستطاع، فقد حصل على جائزة في الشعر الدينى من وزارة الأوقاف 1957م، كما حصل على جائزة   حملت اسم الشاعر أحمد شوقى عن أحسن ديوان شعرى عام 1964م.   ثم حصل على جائزة الشعر الاجتماعى عن "الأم" من وزارة الشئون الاجتماعية عام  1974م، كما حصل على جائزة في الشعر الدينى من إذاعة لندن  عام 1980م، واختتم هذه الجوائز بحصوله على جائزة الإبداع الشعرى من مؤسسة البابطين 1991م.

كنا نلتقي سنويا في مؤتمر أعلام دمياط  الضخم الشهير  - أواسط الثمانينيات من القرن الماضي - الذي كانت تنظمه كلية التربية بدمياط (وكانت إذ ذاك فرعا من جامعة المنصورة) وكان الشعراء يأتون لهذا المؤتمر من كثير من الدول العربية، وكنت أشارك ببحث تربوى مع زملائنا أساتذة الجامعات، وقد أشاركهم جلساتهم تلك البحثية، ولكنى في معظم الوقت كنت شريكا أساسيا في جلسات الأدباء والشعراء التي كانت بعيدة عن تلك الجلسات البحثية.

كانت جلسات الأدباء والشعراء تضم أدباء وشعراء وقصاصى دمياط من جهة، وتضم الضيوف من جهة أخرى وكنت واحدا منهم، وعلى رأسهم شيخنا الراحل الدمياطى الفكه طاهر أبو فاشا رحمه الله، وصديقنا الراحل الشاعر يسرى العزب رحمه الله، ولفيف من شعراء الإسكندرية على رأسهم القبانى.

ويصعب جدا أن أذكر ما كان يدور بيننا فى جلساتنا تلك الأدبية من مزاح  ومراح وتهاج و"مقالب" لأنها فعلا كانت أحيانا  فوق مستوى التخيل .

لكن مما أذكره لشاعرنا عبد العليم القبانى رحمه الله أنه:

في أواخر عام 1976 و قبل انتفاضة يناير 1977 كان ممدوح سالم رئيسا للوزارة كتب عبد العليم القباني هذه الأبيات: 
ليس بممدوح و لا سالم......... من ظن أن الشعب في قبضته
و أنه بالسيف أو بالعصا........... يستسلم الشعب إلى رغبته
يا أيها السادر في غيه........... هلا سمعت الدهر في حكمته
تجربة كانت و لما تزل........... لا يحكم الشعب سوى معدته!

 

ومن أبرز الأعمال الشعرية الكبيرة  التى تثبت مقدرة شاعرنا القباني، ملحمته عن الحملة الفرنسية، وقد نظمها في  400 (أربعمائة) بيت كتبت جميعها على بحر شعرى واحد هو البحر الطويل (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن) وأبياتها جميعها على قافية واحدة تلتزم برويّ حرف الراء، وقد استهلها بقوله:

إلى أيِّ ثَغْرٍ ـ قَبَّلَ الكأسَ ـ تنظرُ؟...... ومن أيِّ سهمٍ أيها القلبُ تَحْذَرُ؟

ومنها قوله:

وعُدْتُ إلى أيام قومى أصوغها........... ملاحمَ تُروى.. أو مآسيى تُذكرُ

وإلى جانب هذه المسرحية كتب القبانى رحمه الله ثلاث مسرحيات شعرية أخرى من المسرحيات ذات الفصل الواحد.

ومن أهم دواوين  القبانى الشعرية  رحمه الله :

- أشعار قومية حصل على جائزة شوقي من المجلس الأعلى للفنون على مستوى البلاد العربية نشر الهيئة العامة للكتاب 1966

-  بقايا سراب، نشر دار المعارف 1970

- لله وللرسول + العزف على الوتر الأخير «مزيج من الشعر الدينى والأجتماعى»، نشر دار لوران بالإسكندرية 1981

-  ملحمة الثورة العرابية في 3000 بيت من الشعر الموزون المقفى نشر الهيئة العامة للكتاب 1982

-  قصائد من حديقة الحيوانات، شعر للأطفال، نشر الهيئة العامة للكتاب 1984

-   أغنيات مهاجرة نشر الهيئة العامة للكتاب 1985

-   قوس قزح «ثلاث مسرحيات فصليات» نشر الهيئة العامة للكتاب 1987

-    حدث في قصر السلطان «شعر حر» نشر الهيئة العامة للكتاب 1988

-   ثورة الرماد، نشر الهيئة العامة للكتاب 1989

-   العزف على أوتار لم تتمزق بعد، نشر الهيئة العامة للكتاب 1996

-   أبو الهول المصرى في مواجهة النسر الفرنسى: ملحمة تتحدث عن موقف الشعب المصرى إزاء الغزو الفرنسي عام 2000

-    ديوان زجل (من غير زواق) «بعد الوفاة»، نشر مطبوعات الكلمة المعاصرة، 2001

وإلى جانب هذه الدواوين فإن للقبانى كتبا مهمة متميزة من أهمها:

-   شعراء الإسكندرية في العصور الإسلامية عن الهيئة العامة للكتاب مع مقدمة بقلم أ.د محمد طه الحاجري 1964م

-   مع الشعراء أصحاب الحرف الهيئة العامة للكتاب 1967م

    -   محمود بيرم التونسى وشعره الفصيح الهيئة العامة للكتاب 1969م

 - إيليا أبو ماضى حياته وشعره بالإسكندرية الهيئة العامة للكتاب 1974م

 

- فخرى أبو السعود حياته وشعره بالإسكندرية الهيئة العامة للكتاب 1973م (سلسلة المكتبة العربية)

 -  رواد الشعر السكندرى في العصر الحديث الهيئة العامة للكتاب 1972 م (المكتبة الثقافية)

-  نشأة الصحافة العربية بالإسكندرية الهيئة العامة للكتاب 1973م (سلسلة المكتبة الثقافية)

 -  طه حسين فى الضحى من شبابه (1908-1913) الهيئة العامة للكتاب 1976م (سلسلة المكتبة الثقافية)

-  موقف شوقى والشعراء المصريين من الخلافة العثمانية الهيئة العامة للكتاب

-   لبوصيرى حياته وشعره بالإسكندرية دار المعارف 1971

أخبار الساعة

الاكثر قراءة