تعتمد السياسية الصينية منذ فترة طويلة على تجنب الصدام العالمى والإهتمام بشؤنها الداخلية المتنامية بإستمرار . الامر الذى إستدعى معه الكثير من الأسئلة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية . ماذا بعد تنامى تلك القوة الداخلية وتحولها إلى قوة إقتصادية كبيرة ذات ثقل؟ بينما يضع العالم سيناريوهات متعددة لتنامى تلك القدرات وكيف ستتحرك .كانت الصين بالفعل قد مهدت لنفسها فى قلب تلك الدول بالصناعات الصغيرة التى ليس لها بديل الآن .ولا يتخيل أحد العالم بدونها .
أجبرت الصناعات الصغيرة الصينية العالم على الإعتماد عليها فلا يكاد بيت فى العالم يخلو من المنتجات الصينية بمختلف أنواعها إلى أن قررت الصين منذ عقد مضى وفى عام 2013م أن تعلن عن خطتها فى تأمين طرق جديدة للتجارة . يستفيد منها الجميع فى خارطة جديدة لمسارات التجارة فى العالم أسمتها الطريق والحزام .
ولتحقيق تلك الغاية طرح التنين الصينى بديلاً فى قلب العالم لتحرك أكثر سلاسة من مراكز لوجستية الى مراكز لوجستية أخرى , فى محاولة لإختراق منظومة المضايق والطرق المسيطر عليها بالفعل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية . والتى ظنت أنها يمكنها غلق منافذ التجارة الصينية بالسيطرة على المضايق بالقوة العسكرية والتواجد الأمنى وقت الضرورة .
لم يترك التنين الصينى القادم للمنافسة منظومه المضايق أيضاً ليعود للتواجد العسكرى فى أهم مضايق العالم وأكثرها تحكماً فى طرق التجارة . ليحصل على ميزه إضافية جديدة فى السيطرة على خطوط التجارة العالمية .
ونجحت الخطة الصينية بدرجة جعلت ما كان يردده الخبراء الاستراتيجيون في السابق عن قدرة خصوم الصين على غلق الممرات الملاحية في وجهها، شيئًا من الماضي، بل قد ينعكس الأمر تمامًا إذا استمر النفوذ البحري الصيني بالصعود بنفس الوتيرة الحالية، والتي تصيب المراقبين الغربيين بالذهول.
إذ لا يوجد مضيق استراتيجي في العالم إلا وتربط الصين معاهدات الصداقة والشراكة بإحدى الدول المطلة عليه، وكانت البداية من مضيق ملقا، الذي يصل بين المحيط الهادئ، والمحيط الهندي، حيث عززت الصين علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع ماليزيا، التي تشرف على المضيق، إلى جانب إقامة مدينة صينية كاملة به؛ تسمى «مدينة الغابة» على أربع جزر اصطناعية.
أيضاً حرصت الصين على التواجد في مضيق باب المندب انطلاقًا من جيبوتي، حيث تمول المصارف الصينية 14 مشروعًا في البنى التحتية في البلاد، بتكلفة 14.4 مليار دولار، وتشمل المشروعات إنشاء ستة موانئ مصممة خصيصا لاستقبال الحاويات القادمة من الصين.
وفى مضيق بابا المندب اختارت الصين موقعًا استراتيجيًا قرب مدخل مضيق جبل طارق، حيث تم توقيع مذكرة تعاون لإنشاء مدينة صناعية صينية ، ومن المقرر نقل آلاف الصينيين للعيش والعمل بالمدينة الجديدة .
وفى قناة بنما أولت الصين اهتمامًا بالغًا بموقع قناة بنما التي يمر بها جزء كبير من تجارتها للأمريكيين،إشترت الصين ميناء جزيرة مارغريتا، على الجانب الأطلسي للقناة، وهو أكبر ميناء في بنما.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن الصين بدأت في تجربة استخدام الطريق البحري الذي يمر بالمحيط الشمالي المتجمد، بالاستعانة بكاسحات الجليد، لنقل بضائعها لغرب أوروبا في وقت قصير، بعد أن أدت ظاهرة الاحتباس الحراري لذوبان الجليد في المنطقة، ما جعلها مؤهلة للملاحة أكثر من ذي قبل،إذ كانت تلك المنطقة ليس لها أي قيمة ملاحية في السابق بسبب كثافة الجليد.
وفى قناة السويس تعتبر الصين أكبر مستثمر على الإطلاق يساهم في تنمية محور قناة السويس، فشركة تيدا الصينية، هي أحد أكبر المطورين الصناعيين في المنطقة الاقتصادية للقناة .
يما يتعلق بمضيق هرمز فقد إنشاء الصينيون منطقة صناعية كبرى قريبًا منه، وتحديدًا على الساحل العماني، في منطقة الدقم، وترجع أهمية الميناء لقربه من مضيق هرمز الذي يعتبر ممرًا رئيسيًا لنقل النفط من الخليج .
تسعى الصين إلى بناء القواعد عبر البحار بدلًا من استعمار الدول سعيًا إلى تعزيز قوتها البحرية، لكن تظل قاعدة جيبوتي هي القاعدة الرسمية حتى الآن.
وتخطط الصين لمضاعفة عدد قواتها البحرية 4 مرات لحماية خطوطها وطموحاتها البحرية الحيوية، حيث سيصبح النشاط البحري على ما يبدوسيد الموقف خلال الفترة المقبلة.