كتبت – أماني محمد
"الحزب العربي الناصري، حزب الكرامة، التيار الشعبي" كيانات كبرى أسسها مؤمنون بالفكر الناصري خلافا لعدد من أبناء تلك الحقبة من تاريخ مصر ممن رفضوا الانتماء لأي من الأحزاب السياسية لكنهم لا يزالون من أبناء التيار أبرزهم محمد فايق وكمال أبوعيطة والنائب مصطفى بكري والإعلامي حمدي قنديل والكاتب عبد الله السناوي وآخرون.
فما بين تأييد ومعارضة الرئيس عبد الفتاح السيسي انقسم أبناء التيار الواحد، حتى جاءت أزمة اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية ونقل تبعية الجزيرتين تيران وصنافير بموجبها إلى المملكة لتكون فاصلة بينهم، ففي الوقت الذي تبارى فيه النائب مصطفى بكري وهدى عبد الناصر وسامي شرف في إثبات سعودية الجزيرتين، كان حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي وحزب الكرامة من الداعمين لتظاهرات جمعة الأرض المنددة بالاتفاقية والمؤكدة على مصرية الجزيرتين.
وهو ما أرجعه الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي إلى أن أية أيديولوجيا لا تكون ثابتة وأن هذا الانقسام طبيعي لأن الناصرية كفكرة غير صالحة للعصر الحالي فهي لا تحكم في أية دولة، مضيفا “رأينا الرئيس الليبي السابق معمر القذافي وقال إنه امتداد لعبد الناصر وكيف تدمرت الدولة في عهده".
وقال إن فكرة الزعيم والقومية العربية لم تعد موجودة، كانت لفترة وزمن معين وانتهى، مضيفا "التيار الإسلامي نجح وتغلب على الناصري، كذلك الليبرالي رغم أنهم غير أقوياء، لكن الناصريين الآن هم أشخاص بقايا من التيار الناشئ في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكلهم قدماء وكبار في السن وغير مؤثرين".
وأضاف أن هؤلاء هم أشخاص عاشوا على دعم أنظمة تقدمية مثل التي حكمت في سوريا والعراق وليبيا لكنها لم تستمر، واصفا هؤلاء بأنهم "يتامى الناصرية" وأن الأفكار التي آمنوا بها يمكن أن تستمر لكن ليست جميعها لأن الوقت الحالي ليس وقت الناصرية فلا يوجد زعيم أوحد ولا شخصية كاريزمية قادرة على جمع الجماهير حولها.
وأضاف أن الوحدة العربية غائبة وهؤلاء أشخاص يعيشون على الماضي لأن الأفكار لا بد أن تنجح لكي تستمر، لكن أفكارا أخرى مثل محاربة الظلم ودعم الفقراء يجب أن تدعم وهذا لا يقتصر على التيار الناصري فقط..
وقال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية إن الناصرية الجديدة لم يعد لها حضور في المشهد السياسي ولا تأثير وهذا نتيجة لعدة عوامل منها أنه لا يوجد تيار واحد فهو تفتت إلى يمين ويسار وتغيرت المواقف والتوجهات فجاءت المواقف السياسية تجاه قضايا بعينها مختلفة وتحول الحزب الناصري إلى إصدار ردود فعل وليس بمواقف ووجود فعلي سياسيا.
وأشار إلى أن الحزب غاب على المستوى الجماهيري والشعبي وتحول إلى حزب نخبوي وهو المسئول عن عدم إخراج قيادات أو إحداث حراك سياسي لأنه غير مؤثر على أرض الواقع، مؤكدا أن الناصرية كفكرة موجودة لكن المشروع تفتت وافتقد إلى الرؤية والمنهج فلم ينجح شخص في أن يكون الزعيم القادر على التأثير.
وقال فهمي إن تلك ليست مشكلة الحزب الناصري فقط بل الأحزاب المصرية عامة بسبب غيابها عن المشاركة السياسية في البلاد طوال فترات ماضية.
وقال سيد عبد الغني رئيس الحزب العربي الناصري إن التيار الناصري لم يستطع تحقيق الوحدة المطلوبة في المواقف والآراء تجاه الأحداث، مفسرا ذلك بسبب الظروف التي تمر بها المنطقة بشكل عام ومصر منها والالتباسات وغياب العمل التنظيمي عن التيار فضلا عن تعدد مدارسه.
وقال إن محاسبة التيار على ذلك الخلاف ستكون ظالمة نتيجة لما تعرض له خلال فترة طويلة من غياب التنظيم والحصار له وتجفيف منابعه لأن كل هذه العوامل تؤدي للاختلاف في الرؤية، مضيفا أن الحزب بدأ في مشروع جديد وهو معهد الكادر الشبابي لتدريب شباب الحزب على الوحدة في الاختيار والتحليل السياسي وهذا يحتاج للعمل لفترة.
وأوضح أن المعهد الشبابي الناصري لا يقتصر فقط على المنتمين للحزب العربي بل يدعو كل المنتمين إلى التيار للانضمام في صورة ناد سياسي أو صالون ثقافي لتوحيد المفاهيم من خلال مناقشة القضايا السياسية المطروحة.