ذكرت تقارير إعلامية تركية اليوم، الجمعة، أن الحكومة التركية قد استقبلت ما يقرب من 23 ألف طلب للحصول على الإقامة والجنسية التركية من أتراك المسخيت ممن استقدمتهم تركيا إلى أراضيها من أوكرانيا، خلال الفترة الماضية، للحصول على الجنسية التركية.
وخلال الأشهر الماضية، قامت الحكومة التركية باستقدام مجموعة كبيرة من "أتراك المسخيت"، وقامت بتوزيعهم في عدة ولايات، أهمها بورصة، وأرزينجان، وبتليس، بتعليمات مباشرة من الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان".
وطبقًا للتقارير، هناك تأكيدات بأن السلطات التركية بدأت باستلام طلبات الإقامات والحصول على الجنسية التركية في الآونة الأخيرة، وهي تواصل إجراءاتها في الوقت الراهن.
"من هم أتراك المسخيت؟"
هم أتراك العرقية، وكانوا يعيشون في منطقة "مسخيت" التي تعرف باسم "جورجيا"، اليوم، والتي تمتد على الحدود الجنوبية لدولة تركيا، حيث بدأ الوجود التركي في "المسخيت" مع الغزو العثماني عام 1578، واليوم، أصبح أتراك "المسخيت" ينتشرون بشكلٍ واسع في مختلف أنحاء دول الاتحاد السوفيتي السابقة، بالإضافة إلى تركيا والولايات المتحدة.
أصل "المسخيت" مثيرة للجدل وما تزال لم تستكشف، ولكن الآن هناك اتجاهين رئيسيين، وهما:
* الاتجاه المؤيد للأتراك، ويقول إن هؤلاء السكان هم من أصلٍ تركي، وهم يمثلون عرقية أخرى في جورجيا.
* الاتجاه المؤيد للجورجية، ويقول إن التأريخ الجورجي قال إن الأتراك "المسخيت" تحوّلوا إلى الإسلام في الفترة ما بين القرن السادس عشر و1829 عندما كانت المنطقة من سكان "مسخيت جاواختي"، وإنهم يحملون العرقية الجورجية.
وعن أصول هؤلاء، قال "كاثرين توملينسون" إنه، في الوثائق السوفيتية عام 1944 حول ترحيل "الأتراك المسخيت"، كان يشار إليهم باسم "الأتراك"، وإنه بعد موجة الترحيل الثانية إلى أوزبكستان، ظهر مصطلح "أتراك المسخيت"، ووافقه الرأي "رونالد ويكسمان" على أن مصطلح "المسخيت" بدأ استخدامه فقط في أواخر عام 1950، ويعرف هؤلاء أيضًا باسم "أتراك أهيسكا".
"تاريخ أتراك المسخيت":
في عام 1578، غزت الإمبراطورية العثمانية "مسخيت"، على الرغم من أنه لم يكن جزءًا آمنًا من الإمبراطورية العثمانية حتى 1639، حتى تم التوقيع على معاهدة وضعت حدًا للمحاولات الفارسية أن تأخذ المنطقة.
وفي عام 1829، قامت الإمبراطورية العثمانية بالتخلّي عنهم للقيصرية الروسية كنوعٍ من الضمانة في أثناء الحرب التركية الروسية، ويذكر أنه تمكّن قسم منهم عبور الحدود والهرب إلى تركيا، في حين علق القسم الآخر بحدود "جورجيا".
وفي 15 نوفمبر عام 1944، قام "جوزيف ستالين”، السكرتير العام للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، بترحيل أكثر من 115،000 من "الأتراك المسخيت”، حيث قام بإرسال الشباب منهم إلى الحرب في صفوف الجيش الروسي، وشحن ما تبقّى منهم سرًا في عربات السكك الحديدية، وقد توفي ما لا يقل عن 30،000 إلى 50،000 من المهجرين بسبب الجوع، والعطش، والبرد، ونتيجة لعمليات الترحيل إلى أوزبكستان، وكازاخستان، وقيرغيزستان.
وتبيّن لاحقًا، بعد تفكّك الاتحاد السوفيتي من خلال الأرشيفات السرية، أن "ستالين" كان يخطط لتنظيف سواحل البحر الأسود من الأتراك وتهجيرهم تمامًا كما حدث مع أتراك "تاتار القرم".
وفي عام 1989، اندلعت أعمال شغب بين "الأتراك المسخيت" الذين استقروا في أوزبكستان وبين الأوزبك، ونمت مشاعر الاستياء القومي ضد هؤلاء السكان الذين تنافسوا معهم على الموارد في "وادي فرغانة"، مما أسفر عن مئات القتلى و الجرحى من "أتراك المسخيت"، وتدمير ممتلكاتهم، فهرب الآلاف منهم إلى المنفى، وبلغ عدد من ذهبوا آنذاك إلى أذربيجان 70 ألف مهاجر، في حين تفرّق الباقي منهم في روسيا، وأوكرانيا، وقيرغيزستان، وكازاخستان.
"الثقافة والدين":
يتديّن "الأتراك المسخيت" بالدين الإسلامي بأغلبية سنية وأقلية شيعية، ويتحدثون لهجة الأناضول الشرقية من اللغة التركية مع تأثيرات عدد كبير من الدول التي أقاموا بها بعد عمليتي التهجير الأولى والثانية.
وفي عام 2015، تم استقبال عدد كبير منهم في تركيا، حيث أمر "أردوغان" باستقدامهم على دفعتين بالطائرات، وتم توطينهم وإعطائهم مساكن من مؤسسة الإسكان الوطني التركي.