(بابا ضرب ماما) هذه الكلمة قالتها لي طفلة بريئة عندما عملت في مجال الأطفال لفترة من حياتي ... دخلت عليَّ الملاك الجميل... وعيناها مكسورة... ونظراتها حزينة وكلماتها مضطربة وقالت لي (بابا ضرب ماما) لم تدخل مسرعة مثل كل مرة تدخل عندي تضحك وتنط.. لأ تمامًا قالت هذه الجملة وسكتت.
نظرت إليها وأنا في حيرة من أمري... ماذا عليَّ أن أفعل؟ بماذا أرد عليها.. وهي يا حبيبي مذعورة.. مرعوبة ترتجف ولكن عندما وجدت من يطمئن قلبها له أسرعت إليه ليشاركها هذا الحدث الضخم، فلم تنتقي الكلام ولم تفكر ماذا تقول بل عبرت عما يدور في داخلها، وقالت ما رأته في كلمات بسيطة.
أخذتها في حضني وربت على كتفها وأجلستها علي رجليَّ وبدأت أشرح لها أنه أكيد مش قصده.. أكيد هو كان بيضحك معاها وهي بس مش فاهمة ... وأكدت لها أنني سوف أستدعي ماما لتوضح لها ما حدث وكيف أنه كان يمزح معها فقط ليس إلا.. وأحضرت لها بعض الحلوى.. وجاء أصدقائها الصغار يدعونها للعب فذهبت معهم ونسيت ما قالته وانشغلت معهم وبهم ... ولكن أنا لم أنسى هذه الكلمات التي توجعني وتؤلمني حتى الآن (بابا ضرب ماما).
فإن بابا هذا بالنسبة لها هو عمود الأمان الأساسي في بناء حياتها وماما هذه منبع الحب والعطاء الدافق لها.. فكيف تختلفان بهذا الشكل اللاإنساني.
وودت لو أسأل والدها.. هل تدرك خطورة ما قمت به.. هل تعلم مدى عمق الجرح الذي جرحت به أعز الناس في لحظة غضب وبدون تفكير.
إن هذا الموقف سيظل يؤرق خيالها عندما تكبر فقد حُفر هذا الفعل في عقلها وقلبها فهل يا ترى سوف تنتزع الأيام والسنين هذه الذكرى المؤلمة..؟؟ ووجدتني أخاطب كل أب في نفسي وأود أن أقول له اعلم أيها الأب مكانتك في قلب أولادك فأنت الدفء والسكن.. أنت الأمان والضهر.. أنت الحضن الدافئ الذي ينام فيه كل طفل هادئ هانئ بحبك وبوجودك لا تهمه ولا تؤرقه مشكلات الحياة.. فحافظ على صغارك وكن لهم المثل والقدوة التي تنير قلوبهم قبل عقولهم وفكر بعمق في أي تصرف تقوم به أمامهم، فقد شرفك الله سبحانه بأن تكون حامل لأمانة جميلة ذات قلب وعقل لتحقق السعادة من خلالهم لك ولهم.
فكن أنت النور الذي يسبقهم لينير لهم الطريق في ظلمة الأيام