"أنا جورنالجي"، هذا الوصف أحبه محمد حسنين هيكل كثيرًا، ووصف نفسه به دائما، في مواجهة من لقبه بـ«رجل السلطة».
واليوم.. في ذكرى ميلاد هيكل، الذي لقبه البعض بـ«أعظم صحفي في الوطن العربي خلال القرن العشرين» تقدم «الهلال اليوم» ملامح من حياة الأستاذ الذي أحدث رحيله فجوة كبيرة في بلاط صاحبة الجلالة يصعب سدها.
استطاع هيكل منذ أيام الملكية المصرية وحتى العام الماضي، أن يقضي عمره في دوائر السلطة في مصر، وأن يصبح مقود الصحافة والبحث السياسي، بل ويسطر أسمه ليصبح واحدًا من أكبر كتاب الوطن العربي، حتى أصبح قدوة ومثل في البلدان الأخرى، يلقب باسمه كبار الكتاب في بلادهم، مثل محمد باهي، الملقب بهيكل المغرب.
وصف وزير الخارجية الجزائري السابق، لاخضر براهيمي، وقتما كان سفيرا لبلاده في مصر إبان حكم عبد الناصر، هيكل، بقوله: «كان يحظى بصفتين أساسيتين، جعلتا منه رأس الصحافة العربية والمصرية، أولهما الذكاء الشديد وثانيهما الفضول الدائم، حتى في اللقاءات الودية، كان صحفيا أكثر من كونه صديقا، فدائما لديه الرغبة في البحث عن المعلومات».
ولد هيكل في 23 سبتمبر عام 1923 في محافظة القليوبية بالدلتا، وبدأ حياته في صحيفة "ذا إيجيبشن جازيت"، والذي غطى لها معركة العلمين في عام 1942 بين القوات البريطانية والألمانية، وفي سن الخامسة والعشرين، كان يقف بقلمه وورقته على الجبهة في فلسطين لتغطية الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، قبل أن يعود إلى مصر ويصبح صديقا مقربا للرئيس جمال عبد الناصر.
وخلال هذه الفترة، استطاع هيكل أن يضع اسمه على تقارير صحفية لا يمكن لغيره في مصر والوطن العربي أن يكتبها، يحكي لاخضر براهيمي أنه حتى حينما بدأت توجهات عبد الناصر إلى الاشتراكية، بعض السياسيين والمحليين الغربيين، وجهوا أصابع اللوم إلى هيكل، الذي كان بمثابة قلمه ومبشرا بسياسته الجديدة التي أعادت رسم الوطن العربي، وهي "القومية العربية"، على الرغم من أن هيكل كان يحظى أيضا بعلاقات قوية مع الغرب.
حتى وبعد حرب أكتوبر 1973، كان هيكل هو أول من توقع توجه الدبلوماسية المصرية نحو توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، لا ينسى الصحفيين حول العالم الدور الذي لعبه هيكل في جعل صحيفة "الأهرام" أكثر الصحف مصداقية في العالم العربي، والتي تسابق عليها كتاب الرأي في المنطقة ليضعوا أسمهم فوق عمود على صفحاتها، حتى وإن كان هؤلاء الكتاب معارضون أو خارجون حديثا من السجون بسبب مواقفهم السياسية.
وطوال العقود الماضية، ظل يوم الجمعة يحمل علامتين بارزتين، الصلاة ومقال هيكل، الذي كان ينتظره القراء والمحللين في مصر والوطن العربي من أجل معرفة معلومات جديدة غير محكية عن دوائر السلطة في مصر والوطن العربي، وكي يطلعوا على مستقبل المنطقة.
لم يندهش هيكل كثيرا بثورة يناير 2011، ، التي أطاحت بنظام الرئيس مبارك، بل على العكس، كان من المرحبين بها، إذ بدى أكثر شراسة وغير راضيا على نظام مبارك خلال الأعوام الأخيرة، خصوصًا الدائرة المحيطة بالرئيس، حتى أنه قال ذات مرة: "مصر لا يمكن أن تدار من شرم الشيخ".