وأخيرا أسدلت محكمة النقض الستار على الاتهام بالجاسوسية الذي وجهته النيابة لمحمد مرسي الذي كان للأسف رئيسا لمصر، فصدر الحكم النهائي البات الذي يعاقبه على أحقر جريمة يمكن أن يرتكبها مواطن، ألا وهي جريمة الجاسوسية، وإذا كان من الوارد أن يرتكب مواطن عادي جريمة جاسوسية ضد وطنه، إلا أنه لم يحدث أن ارتكب رئيسٌ هذه الجريمة ضد وطنه الذي يحكمه، وهذه هي إحدى الكُبَر!.
قبل أن يتقلد مرسي حكم مصر تكلمنا وكتبنا كثيرا عن خطورة أن يتقلد حكم مصر قيادي كبير في تنظيم دولي، إذ وقتئذ ستكون كل أسرار مصر القومية ليست تحت يده كرئيس، ولكنها ستكون تحت يد تنظيمه الدولي الذي يقع مقره الرئيسي في «لندن» تحت حماية المخابرات البريطانية، ولكن الضجيج الذي كانت تحدثه تلك الجماعة في مصر وقت الانتخابات الرئاسية جعل أصوات المُحَذِّرين لا تصل إلى عموم الشعب، وساعد على ذلك أيضا «دهاقنة» فندق فيرمونت حمدي قنديل وعبد الغفار شكر وعبد الجليل مصطفى وفريقهم أولئك الذين ذهبوا إلى مرسي يبايعونه وهم لا يدرون ـ أو يدرون ـ أن مرسي لن يكون هو الحاكم الحقيقي، ولا حتى جماعة الإخوان، ولكنها ستكون قطر وبريطانيا، المهم أن مرسي الجاسوس تولى حكم مصر في فترة هي الأسوأ في تاريخ مصر كله، فلم يحدث ابدا أن تولى حكم مصر جاسوس، نعم حكمها منذ عهد الفراعين حكام وملوك وولاة وسلاطين أغبياء وبلداء ولكنهم لم يكونوا أبدا جواسيس، حتى فترة المماليك الذين جاءوا إلى مصر من الأقطار كعبيد ثم حكموها لم يحدث أن خان أحدهم مصر وسلَّم أسرارها لأعداء البلاد، لم يحدث هذا إلا من مماليك العصر الحديث الذين أطلقوا على أنفسهم الإخوان، ولم يحدث إلا من مملوكهم الذي حكم مصر لمدة عام وهو «المملوك محمد مرسي».
وإذا قرأنا الحكم الصادر من محكمة الجنايات دائرة المستشار محمد شيرين فهمي خيري والذي قضى بسجن مرسي أربعين عاما على جريمتين، إحداهما الخيانة وتسليم وثائق رسمية تحتوي على أسرار مصر القومية للمتهم الآخر أمين الصيرفي الذي ضبطت هذه المستندات في بيته رغم أنها كانت قد سُلِّمت لمحمد مرسي وكان لا يجوز قانونا أن يُخرجها من دوائر قصر الرئاسة ويسلمها لأحد أتباع جماعته ، وحين أخذها هذا التابع قام ببيعها إلى قناة الجزيرة القطرية، وذلك بمساعدة ضابط مخابرات قطري إلا أن هذا التسليم حال دون إتمامه يقظة ضابط من ضباط الأمن الوطني حيث قام بمداهمة بيت المتهم أمين الصيرفي والقبض عليه، حينها عثر ضباط الأمن الوطني على هذه الوثائق في بيت هذا الصيرفي، وكان أخطر ما في هذه الوثائق هو أنها كانت تحتوي على تشكيلات الجيش المصري ومستوى تسليحه وكل ما يتعلق بالجيش المصري ونقاط تمركزه وخرائط أعدها الجيش المصري عن قطاع غزة والمعابر الحدودية، وكل ما لدى مصر من معلومات وخرائط عن الجيش الإسرائيلي ونقاط تمركزه !.
كانت تلك المعلومات مفزعة جدا، وكان وصولها إلى إسرائيل وقطر من الممكن أن يصيب مصر بأضرار جسيمة تهدد الأمن القومي، كانت هذه المعلومات أكثر مما يحلم بها أعداء مصر، فإذا بما لم يتصوروه يحدث، وإذا بمحمد مرسي يتسلم هذه الوثائق والمستندات والمعلومات بحكم أنه أصبح رئيسا للبلاد، ثم إذا به يقوم بتسليمها لأمين الصيرفي عضو جماعته الخائنة ليسلمها إلى دولة قطر التي تآمرت وتتآمر علينا، وخططت وتخطط ضدنا، وأنفقت وتنفق على الإرهاب الذي لا نزال نواجهه كل ساعة، واستطاع الصيرفي إرسال بعض صور هذه المستندات لأحد المسئولين في قطر عبر الإيميل ووعد بإرسال كل الأصول فيما بعد، إلا أن رجال الأمن الوطني ورجال المخابرات العامة أفشلا محاولات تسليم هذه الوثائق لقطر، ولكن ـ وألف آه من لكن ـ ما يدرينا أن الخائن مرسي لم يقم بتسليمها بنفسه لتميم ، وقد كان في إمكانه أن يفعل ذلك، ولعله فعل، وما يدرينا أنه لم يقم بتسليمها إلى إسرائيل وهو يتفاوض معها كوسيط لحركة «حماس» ولعله فعل، وما يدرينا أن صديقه شيمون بيريز لم يضع يده على هذه الوثائق كعربون لإتمام الاتفاق مع حماس على الهدنة بينهما، ولعله فعل، فما تم اكتشافه هو أقل القليل، وما صدر الحكم بخصوصه هو النذر اليسير، ولعل أخطر ما في الموضوع هو أن تكون هذه الوثائق قد وصلت إلى الدواعش وأنصار بيت المقدس فأصبحوا يعرفون حجم قواتنا ومناطق تمركزهم، وللأسف وقع رموز العمل السياسي في مصر من اليسار إلى اليمين ـ إلا القليل ـ في فخ الجهالة، فلم يدركوا خطورة ما حصلت عليه جماعة الإخوان من مصر أثناء حكمهم لها.
ولكن الحكم الصادر من محكمة الجنايات دائرة المستشار «شيرين فهمي خيري» كشف اللثام عن جرائم الإخوان، وخيانتهم لبلدهم وأهوى بقبضته على الخائن والخونة والخيانة، فوضع في حيثياته عبارات بليغة مضمخة بالحسرة على تلك العصابة، وكان مما قاله والذي يعد من عيون الأدب القضائي الرفيع :»إن خيانة الوطن أكبر من أن تحتمله أي نفس، إنه لعار أن تخون وطنك، فالوطن بمنزلة العرض والشرف للإنسان، ومن هان عليه وطنه يهون عليه شرفه وعرضه، وما من عرف أو دين أو عقيدة أو فكر يبرر خيانة الوطن،» وفي موضع آخر يقول:»يذهب كل شيء ويبقى الوطن ما بقيت السماوات والأرض، ومهما كان عذرك للخيانة فلا عاذر لك» وفي موضع آخر يقول المستشار شيرين فهمي خيري في حكمه:»جاءت نصوص الشرع تنهى عن الخيانة أشد النهي، قال تعالى:»يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون» وقال سبحانه «إن الله لا يحب الخائنين» ثم جاءت درة الحكم عندما أعطى المستشار شيرين لهؤلاء الخائنين درسا في الوطن والوطنية فقال: «إن الحياة والوطن وشيجتان مترابطتان تمثلان امتزاج الإنسان بأرضه، بطينه وترابه، بحرِّه وقرِّه، بغناه وفقره، بل بظلمه وعدله، فالوطن هو محفظة الروح، وحينما تغادره فأنت تنسل من جذرك ومن محفظة روحك، فالوطن هو أن يسكنك وتسكنه، هو أنت وأنت هو، حتى وإن أقلقك وأتعبك بوعثاء السير في دروبه، ومهما قسا عليك فلا مفر منه إلا إليه..».
كانت هذه هي كلمات حكم محكمة الجنايات، وهذا هو درسها للخائنين، ولكنني أظن أن هذا الدرس البليغ لن يصل إلى الخائن والخونة لأنهم جُبِلوا على الخيانة فأصبحت منهم وأصبحوا منها لا يستطيعون عنها فكاكا، وحينما طعنوا على هذا الحكم أمام محكمة النقض تمسكوا بأسباب قانونية واهية تدور حول وصف التهمة، وهل قام مرسي باختلاس هذه الأوراق أم أنه تسلمها بشكل رسمي دون أن يختلسها؟! فليكن، تسلمها بشكل رسمي دون أن يختلسها ولكنه خان الأمانة ، أمانة البلاد، وأمنه القومي وقام بتسليم هذه المستندات لجماعته لتعبث بها وتقدمها لأعداء البلاد، أبعد ذلك جريمة؟! ثم صدر الحكم البات من محكمة النقض، لتخفف العقوبة من السجن أربعين عاما، إلى السجن خمسة وعشرين عاما، إذ رأت محكمة النقض أن مرسي لم يختلس هذه المستندات ولكنه تسلمها بشكل رسمي فقامت بإلغاء حكم السجن خمسة عشر عاما على جريمة اختلاس مستندات ووثائق رسمية تحتوي على أسرار الأمن القومي للبلاد، ثم أيدت المحكمة حكم المؤبد على قيادة جماعة الإخوان والإضرار بالأمن القومي للبلاد، ثم ثبت أمام محكمة النقض بما لا يدع مجالا للشك أن محمد مرسي وآخرين تواصلوا مع أحد القطريين وارتكبوا معه جريمة تخابر للإضرار بالأمن القومي المصري فأصدرت في حكمها ما يلي:»قررت المحكمة إحالة الأوراق إلى النائب العام لاتخاذ اللازم نحو التحقيق والتصرف فيما نسب إلى رئيس قناة الجزيرة القطرية محمد بن جاسم من أفعال ووقائع تنطوي على جرائم جنائية مؤثرة بشأن التخابر على دولة أجنبية والإضرار بمصلحة البلاد ومركزها الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وإعطاء مبالغ مالية بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية للبلاد» وهذا القطري لم يرتكب تلك الجرائم منفردا بطبيعة الحال ولكن بالاتفاق مع الإخوان، وأولهم بديع والشاطر ثم مرسي ومحمود عزت، هذا ما يخص القضية والحكم، ولكننا يجب أن نتعرف على ذلك الجاسوس محمد مرسي الذي وصل إلى كرسي الرئاسة أثناء إصابة البلاد بحالة «غفلة» ثم تخلصنا منه سريعا من خلال حالة «إفاقة»؟ اقرأوا السطور التالية لتعرفوا تاريخ هذا الجاسوس ودلائل جاسوسيته وعمالته للمخابرات الأمريكية من البداية.
من وادي المجاهيل وفد محمد مرسي على مدينة الإخوان، لم تكن له بها أي علاقة من قبل، ولم يسبق له في أي وقت من الأوقات أن كان من طلاب الحركة الإسلامية رغم أن النشاط الإسلامي في الجامعات في السبعينيات ـ زمن محمد مرسي ـ كان على أعلى ما يكون، ولم يحدث بعد أن تخرج مرسي من الجامعة أي اقتراب منه لجماعة الإخوان، بل كان يتحسس الطريق ويضع يده على قلبه لو تصادف وقابل أحد الإخوان مصادفة. وفي كلية الهندسة بجامعة القاهرة كانت له أيام، ولكنها أيام مُغلقة حيث أغلق مرسي على نفسه حتى أنه اشتهر بين أقرانه بـ «مرسي العياط الدحاح» والعياط هذه ليست صفة ولكنها لقب عائلته بالشرقية، فكان لا يفعل إلا أن يدخل المحاضرة ثم يخرج منها، لا شأن له بالعمل الطلابي، ويبدو أنه في هذا الوقت كان يحمل مشروعا واحدا هو مشروع «إعداد مرسي كي يكون أستاذا جامعيا» ومن تصاريف القدر أن كان أحمد نظيف طالبا في نفس الكلية بذات الجامعة، وكان مثله مثل محمد مرسي العياط لا علاقة له بالعمل السياسي، وكان فقط منشغلا ببناء مستقبله، وكان كثيرا ما يلتقي الطالبان مرسي ونظيف في مكتبة الكلية، حيث تخصص واحد منهم في علم المواد والفلزات، وتخصص الآخر في هندسة الاتصالات، ثم فرقت بينهما الدراسات العليا حتى حين .
تخرج الطالب الدحاح مرسي العياط بتفوق، ثم انكفأ على ذاته ليحصل على الماجستير في هندسة الفلزات من هندسة القاهرة، دون أن يعرف حتى أن هناك جماعة اسمها جماعة الإخوان المسلمين، ثم كانت الأنوار والأفراح والليالي الملاح حينما حصل مرسي على بعثة للولايات المتحدة الأمريكية للحصول على الدكتوراه، وفي جامعة جنوب كاليفورنيا مكث محمد مرسي بضع سنوات وبضعة أشهر، مرت بمصر خلالها أيام حاسمة قُتل فيها رئيس وحل عليها رئيس، حُبس فيها من حُبس، وأُعدم فيها من أُعدم، دخل الإخوان السجون في أحداث سبتمبر ١٩٨١ وما بعدها، وخرج الإخوان من السجون في بداية عهد مبارك ليصبحوا الشريك المستتر في الحكم، وكان مصطفى مشهور الرجل الحديدي لجماعة الإخوان قد فر هاربا من مصر قبل عمليات القبض على السياسيين في سبتمبر، إذ أن بعض الأفراد الذين ينتمون لعائلته بمنيا القمح بالشرقية من الذين كانوا من المقربين لدوائر صنع القرار قد أخبروه مسبقا بنية السادات في الاعتقالات، اصطحب مصطفى مشهور في رحلة الهروب تلميذه الأثير محمود عزت إلا أنهما من فرط السرية التي لا يعرفون غيرها، نسيا إخبار باقي قيادات الإخوان بقصة الاعتقالات «فنفد مشهور بجلده» وجلد محمود عزت من الاعتقال.
تنقل مشهور في بلاد الغرب وسعى لتشكيل هيكل للتنظيم الدولي، ولأن مشهور كان من البارعين في التجنيد والتحييد وإقامة التنظيمات، وكان من صفاته الصبر والسرية فقد نجح نجاحا كبيرا في مبتغاه، وفي الولايات المتحدة الأمريكية كانت النقلة الثانية في حياة مرسي الذي يبدو أنه كان على موعد مع القدر، فمرسي المصري المغترب وفد على مجتمع جديد عليه لا يعرف فيه أحدا، والمصري المغترب خاصة عندما يكون من أصول ريفية يسعى دائما للتقرب من الجالية المصرية وأفرادها عله يجد فيهم الحماية من غوائل الغربة، كما أنه بهم يكسر حدة الغربة ورتابتها ليعيش ولو بالأمنيات مع أهله في مصر، ولأن مرسي كان على موعد مع مستقبل غامض لذلك كان اللقاء، ولكننا لا نستطيع أن نجزم بشكل قاطع هل كان الأمر محض مصادفة، أم أن المصادفة تم إعدادها ببراعة؟! هذا ما سنكتشفه بعد قليل .
وكما يقولون في الأمثال» رب صدفة خير من ألف ميعاد» ففي كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية وفي منزل الطالب الفلسطيني «موسى أبو مرزوق» الذي أصبح أحد أكبر قيادات حماس فيما بعد، وهو أحد الذين كانوا يرتادون المركز الإسلامي، وكان أيضا من إخوان أمريكا، ثم أصبح فيما بعد أول مسئول إخواني عن محمد مرسي، فكان أن التقى مرسي بمصطفى مشهور في بيت مصطفى مرزوق، وكانت هذه أول مرة يلتقي فيها مرسي بأحد القيادات التاريخية للجماعة، ولأن الدم يَحِن فقد استملح مشهور محمد مرسي فهما من محافظة واحدة، ومصطفى مشهور كان نسَّابا يعرف معظم عائلات الشرقية والمحافظات المجاورة لها، وله بالعديد من رموز هذه العائلات صلات نسب ومصاهرة، ولعله كان يعرف عائلة العياط التي ينتمي لها محمد مرسي رغم أنها كانت من العائلات البسيطة الفقيرة، وتطورت العلاقة بين الاثنين فمشهور يُعرف في الإخوان بالصياد الماهر وقد وضع شبكته الإخوانية على هذا الشاب الذي ليست له أي خلفية حركية من قبل، ولعل مرسي هو الذي وقع قاصدا في شبكة مشهور ليكون بعد ذلك أحد قيادات تلك الجماعة، وفي غضون أيام قليلة كانت العلاقة قد توثقت بين الشيخ والشاب، فاستضاف مرسي «عمه» الحاج مصطفى ــ كما كان يحب أن يناديه ــ فأقام عميد آل مشهور في بيت ابن عائلة العياط عدة أيام إلا أنها كانت كفيلة بتوثيق الصلة بينه وبين الشاب مرسي، وانقضت الأيام والشهور، ثم كان أن حصل مرسي على الدكتوراه رغم عدم إلمامه بالإنجليزية، وكانت هذه مفارقة غريبة، إلا أن هذه المفارقة تزول عندما نعرف أن هذه الجامعة ـ جنوب كاليفورنيا ـ من الجامعات التي يمتلكها التنظيم الماسوني الأمريكي، كما أن المخابرات الأمريكية خصصتها لاستقبال الطلاب الوافدين من خارج أمريكا سواء للدراسة في كلياتها أو للالتحاق بالدراسات العليا فيها، ولذلك فإن الطلبة المغتربين هم أكثر الأعداد قاطبة في هذه الجامعة، وبعد حصول مرسي على الدكتوراه عمل في أحد المكاتب الهندسية المتخصصة بإعداد البحوث والدراسات عن الفلزات، وكان من المقدر أن يستمر مرسي في أمريكا إلا أنه فجأة يترك حلمه في أمريكا لأن هناك من رسم له حلما آخرا في مصر، فعاد إلى مصر ظافرا مظفرا ليلتقي بمشهور الذي كان قد عاد بدوره إلى مصر قبل وفاة عمر التلمساني .
وأخذ مصطفى مشهور يرتب أوراقه الجديدة خاصة بعد أن فاضت روح المرشد عمر التلمساني، فأرسل مشهور تلميذه محمد بديع إلى بني سويف كي يعمل في فرع جامعة القاهرة هناك، وجعل من محمود عزت مسئولا عن نشاط أساتذة الجامعات بدلا من الدكتور سيد عبد الستار المليجي، وأرسل محمد مرسي إلى جامعة الزقازيق مدخرا إياه ليوم لا ينفع فيه الإخوان إلا الأخفياء الذين لا يعرفهم أحد، وهكذا دواليك، ووفقا لترتيبات مشهور أو لترتيبات من رتَّب لمشهور ظل محمد مرسي مختبئا في أدراج الجماعة لا يعرف عنه أحد شيئا ولم يُسمع عنه أو منه مايسر الإخوان، ولكن خيرت الشاطر بتوجيه من مصطفى مشهور كان قد اصطفى مرسي وجعله من رجاله المقربين فاستعان به في بعض مشروعاته كباحث واستشاري دون أن يقحمه في دواليب جماعة الإخوان، فوقته لم يحن بعد، وخيرت رجل التنظيم يصنع رجاله تأسيا بأستاذه مصطفى مشهور، أو بالأحرى قل يُصنع له الأتباع، وبعد أن تم القبض على عدد من قيادات الجماعة عامي ١٩٩٥ ، ١٩٩٦ ، خلت الجماعة من الرموز التي كان من الممكن أن تمثل الجماعة في العمل السياسي أو في الانتخابات البرلمانية، فكان قرار مشهور بخوض انتخابات عام ٢٠٠٠ بعدد من الإخوان الاحتياطيين، وكان محمد مرسي هو أحد المرشحين الاحتياط ، وكأن قدره أن يبدأ العمل السياسي كمرشح احتياطي في إحدى دوائر محافظة الشرقية بدلا من أحد المرشحين الرئيسيين الذين فقدوا الحق في الترشيح بسبب صدور حكم جنائي ضده من المحاكم العسكرية، ثم التصقت بمرسي صفة الاحتياطي فأصبح المرشح الاحتياطي للرئاسة بدلا من المستبعد خيرت الشاطر !! .
نجح المرشح الاحتياطي محمد مرسي في انتخابات مجلس الشعب عام ٢٠٠٠وأصبح بين ليلة أو ضحاها عضوا بالبرلمان ممثلا عن جماعة الإخوان، ثم أصبح متحدثا رسميا عن أعضاء الإخوان البرلمانيين، وعلى الفور تمت ترقية محمد مرسي إخوانيا فحصل على عضوية مكتب الإرشاد، وأصبح مسئولا عن النشاط السياسي للجماعة في محافظة الشرقية، بل أصبحت له كلمة نافذة في إدارة نشاط الإخوان هناك.
كانت أبرز صفات محمد مرسي في مسيرته بالجماعة هي السمع والطاعة المطلقة للقيادات التي تعلوه خاصة المرشد، وخيرت الشاطر، فهو التابع الأمين لخيرت لا يجرؤ أن يخالفه ولو قيد أنملة، أما الصفة الثانية التي ساعدت مرسي على الارتقاء في مدارج التنظيم هو أنه لا يستطيع أن يفكر على استقلال، فهو رجل يقوم خير قيام بتنفيذ ما يُعهد إليه، أما وضع السياسات وقدح زناد الفكر فهما ليستا بضاعة محمد مرسي، فهو لا يستطيع أن يفكِر بل ينتظر دائما أن يُفكَر له، وقد كان من المزايا الكبرى لمحمد مرسي أنه استطاع الجمع بين الشتيتين بعد أن ظنا كل الظن أن لا تلاقيا ، فمرسي في فترة فاصلة في الجماعة جمع بين أحد الإخوان الكبار وأحمد نظيف في جلسة رتبوا فيها أمر انتخابات مجلس الشعب عام ٢٠٠٥ ، إلا أن هذه الجلسة أتت بغير ما يشتهي مرسي ، فقد أسقطه حبيب العادلي لأنه تخيل أنه سيجرى حوارا مع النظام يبدأ من الداخلية، ثم كانت الطامة بعد ذلك عندما تم القبض على خيرت الشاطر في قضية غسيل الأموال، وقد كانت هذه القضية هي العقاب الأكبر الذي وقعته الداخلية على خيرت وبعد الثورة وعندما نجح الإخوان في استغلال الثورة لصالحهم ، فكر خيرت الشاطر في إنشاء حزب للجماعة، فهاهي البلاد في ظنه قد دانت لهم ويجب أن يكون لهم تنظيم حزبي شرعي يتسلم مقاليد الحكم، وخيرت ينتظر الخلافة على أحر من الجمر فهو في فكر الإخوان الخليفة المنتظر، ولا يوجد في الإخوان أأمن من محمد مرسي كي يكون رئيسا للحزب الإخواني الجديد، فهو التلميذ النجيب والموظف التقليدي الذي لا يستطيع أن يخالف أمرا صدر له من الشاطر رئيسه وولي نعمته، ولكن أين دلائل الجاسوسية من كل هذا؟ .
نعرف جميعنا الآن قصة الدكتور عبد القادر حلمي وقضية الكربون الأسود وضابط المخابرات المصري الراحل حسام خيرت، ونعرف يقينا أن محمد مرسي هو الذي وشى بعبد القادر حلمي وتسبب في إفساد الترتيبات التي كان المشير ابو غزالة قد أمر بها ألا وهي الحصول على الكربون الأسود ومعرفة تركيبته الكيميائية ليسهل لنا استخدامه في صناعة الصواريخ، وللآن ورغم الدلائل اليقينية التي تثبت أن مرسي تعاون مع المخابرات الأمريكية لإفساد تلك العملية المخابراتية المصرية إلا أن أحدا لم يوجه اتهاما بها لمحمد مرسي، ويبدو أن لذلك محاذير ما قد تكون قانونية وقد تكون غير ذلك، ولكن طوال فترة حكم مبارك ظهر بوضوح أن السفارة الأمريكية تسبغ الحماية على محمد مرسي، فهو من ناحية القيادي الإخواني الذي تولى مع عصام العريان التواصل مع الدبلوماسيين الأوربيين في النادي السويسري في إمبابة عام ٢٠٠٢ بوساطة سعد الدين إبراهيم، واللافت للنظر أن مرسي عندما عاد من أمريكا أخذ يترقى في الجماعة بسرعة البرق وبشكل لم يحدث مع أحد قبله، رغم مخالفة هذا الترقي للوائح الجماعة التي تحظر على أي فرد تولي مواقع مسئولية قبل مرور خمس سنوات على انضمامه للجماعة، في حين أن مرسي لم يكن قد مر على انضمامه إلا عامان فقط ، ولكنه اخترق هذه القواعد أو قل اخترقت له كل القواعد ليصبح في غمضة عين قياديا كبيرا، وباختصار ودون أن نزحم عقولكم بالتفاصيل يكفي أن نعلم أن يدا حانية كانت تغدق الأمان على مرسي، فبدأ من أول قضية عسكرية عام ١٩٩٥ إلى آخر قضية عسكرية عام ٢٠٠٧ وعددهم سبع قضايا لم يحدث أن كان مرسي متهما في أيهم رغم أن هذه القضايا كانت تأخذ كل القيادات في كل الأقسام، إلا مرسي وحده من دون كل القيادات الذي نجا من المحاكم العسكرية وأحكامها !!!! .
ثم جاءت لحظات التمكين للإخوان كي يحكموا مصر، وأمريكا التي لا تبحث إلا على حرية إسرائيل، وديمقراطية نفسها، إذا بها تصبح راعية للديمقراطية والحرية في مصر، فتستقبل مصر قبل انتخابات الرئاسة وفودا أمريكية تهرع لمقابلة محمد مرسي الذي كان قد أصبح رئيسا لحزب الإخوان، ثم يصدر تصريح من هنري كيسنجر على خلفية مؤتمر في تركيا حيث قال لوزير خارجية مصر: إن الإخوان سيقدمون أحدهم للترشيح للرئاسة، وتعجب وزير الخارجية لأن الإخوان أعلنوا أنهم لن يخوضوا هذه الانتخابات، ولكن يبدو أن القرار كان يصدر من البيت الأبيض لا من بيت المقطم !!، والأغرب أنه رغم معرفة كل الإخوان أن خيرت الشاطر سيكون مرشحهم، وقبل أن يطرح أحد اسم محمد مرسي إلا أن صحيفة «واشنطن بوست» أشارت إلى أن رئيس حزب الحرية والعدالة ـ تقصد محمد مرسي ـ هو المرشح الأوفر حظا للترشيح في انتخابات الرئاسة وأن الشاطر لن يكون هو الرئيس! وقد كان هذا قبل أن يعلن الإخوان رغبتهم في الترشح أصلا .
وبالفعل رشح الشاطر نفسه وكان مرسي احتياطيا، ولم تكتمل أوراق الشاطر فأصبح مرسي هو المرشح الإخواني، أو قل المرشح الأمريكي، صاحب العلاقات القوية بقطر وتميم شيطان العرب الأكبر، ومن بعد ذلك رأى العالم كله أمريكا وهي تمارس ضغوطها لإعلان فوز مرسي، ثم من بعد أن أسقط الشعب جماعة الإخوان ومرسي في ثورة يونيه العظيمة والتي لا سابقة لها في العالمين إذ بأمريكا تتحدث عن انقلاب عسكري! ويا ويح هذه الخزعبلات التي هرطقوا بها وقتها بصفاقة، أأنقلاب يتم تحديد موعده مسبقا، إذن كيف كان الحال مع مبارك بعد الثورة عليه، لماذا لم يصفوا ما حدث وقتها بالانقلاب؟ ولماذا لم يطالبوا بالإفراج عن مبارك؟! فقط هو مرسي الذي يهم الإدارة الأمريكية وتوابعها من الحكومات الأوربية، المهم أن شبكة الجاسوسية الإخوانية الأمريكية انكشفت، ودور قطر وتميم فيها أصبح معروفا للجميع بعد أن كان البعض ينكره، وصلات تميم السرية بإسرائيل لا تخفى على أحد، ورغبته في إسقاط كل الأنظمة العربية بمساعدة الإخوان باتت حقيقة لا يستطيع عاقل أن ينكرها، وظهر القبح الذي تدثر فترة برداء الإسلام، هذا القبح الذي تحول إلى قيح ثم قمنا بالتطهر منه ، وإذ انكشف المستور فليس لنا الآن إلا أن نقول لهؤلاء الجواسيس المشوهين الأغبياء ، وشيطانهم الأكبر العم سام، وأساتذتهم في المخابرات البريطانية، وعميلهم تميم الخائن الأكبر : عمر طويل في طاعة الشيطان، وهنيئا للخائن محمد مرسى أو مستر X بالمؤبد ، والإعدام قادم قادم