الأحد 29 سبتمبر 2024

فوضى الإيرادات وغياب الشفافية

24-9-2017 | 11:22

بقلم : أشرف غريب

مع كل موسم سينمائى جديد تبدأ ما يمكن تسميته بحرب الإيرادات، حيث تداهمك كل شركة إنتاج أو توزيع بأرقام فلكية عن الفيلم الذى يخصها ، وغالبا ما تضعه فى المرتبة الأولى بين أفلام الموسم، مثلا فاجأتنا الأخبار بأن فيلم " الخلية " لبطله أحمد عز ومخرجه طارق العريان قد تجاوز الاثنين والعشرين مليون جنيه ، وأنه تخطى فيلم محمد رمضان ومحمد سعد " الكنز " للمخرج شريف عرفة والذى جمع اثنى عشر مليونا فقط محققا المركز الأول ، بينما تحدثت أخبار أخرى عن عشرين مليونا حققها «الكنز» وتصدره سباق أفلام عيد الأضحى وليس " الخلية " وطبعا لا أحد طالع أوراقا أو أحصى تذاكر أو وقف أمام دور العرض يعد الداخلين إليها ، ومن ثم لا يملك أى منا ما يصدق به هذه الأرقام أو حتى يكذبها، وحتى غرفة صناعة السينما التى من المفترض أن تقوم بهذا الدور بشفافية كاملة لم تعد تفعل ذلك بانتظام ، وأرقامها إذا أعلنت هى أيضا محل شك ربما لأنها تخدم مصالح بعض أعضائها الضالعين فى عمليات الإنتاج والتوزيع السينمائى .

ثم تعالوا ننظر إلى الأمر من الجانب الآخر ، ونسأل : هل دفع أصحاب هذه الأصفار الستة والأرقام الفلكية ضرائبهم للدولة وفق تلك الأرقام المعلنة ، أم أنهم سيقولون ساعتها إنهم ليسوا مسئولين عن أية أرقام ، وإن فيلمهم لم يحقق شيئا يا ولداه ، وأن الموسم مضروب وكله " كلام جرايد "؟ ! طبعا الحقيقة مائعة ودمها مهدر بين دور العرض وشركات الإنتاج وشركات التوزيع وغرفة صناعة السينما ، ولن يستطيع أحد إثبات شىء وكله فى صالح الدعاية لهذا الفيلم أو ذاك.

فى الماضى مع نهاية الستينيات وبداية السبعينيات حينما كانت الدولة لا تزال ممسكة بكل خيوط اللعبة السينمائية ومتحكمة فى كافة آليات السوق كانت مؤسسة السينما تصدر أرقاما دقيقة عن إيرادات كل فيلم بالقرش والمليم وقت أن كانت للقرش والمليم قيمة ، ولم يكن أحد يستطيع أن يكذب تلك الأرقام أو يزايد عليها، بل أن المؤسسة كانت تذكر كذلك تكاليف إنتاج الفيلم بالجنيه والقرش والمليم أيضا، وكان هذا يعطى معلومة دقيقة عن الأرباح الحقيقية لهذا الفيلم أو ذاك على الأقل فى السوق الداخلية قبل حساب ما حققه الفيلم فى الخارج ، وهو أمر كان ولا يزال يحتاج إلى وقت طويل لحسابه بدقة ، ولا أنكر أن آليات السوق قد اختلفت منذ بداية ثمانينيات القرن الماضى مع انتشار سوق الفيديو ثم الاسطوانات المدمجة بعد ذلك ، ولم تعد تقاس أرباح الفيلم فقط بما يحققه شباك التذاكر، لكن ما دام أصحاب الأفلام ما زالوا يصرون على اعتبار أرقام الإيرادات فى دور العرض هى مقياس نجاح أى فيلم فلا بد إذن من حل عملى يجنبنا فوضى الإيرادات فى كل موسم سينمائى، لا بد من جهة محايدة تتولى مراقبة الإيرادات وإعلانها بدقة وشفافية تماما مثلما فعل المجلس الأعلى للإعلام الذى يتخذ حاليا خطوات جادة لتقنين آليات قياس نسب المشاهدة التليفزيون التى شهدت هى الأخرى فوضى واضحة فى السنوات الأخيرة واتهامات علنية بتوجيه هذه الأرقام لصالح قنوات فضائية بعينها من أجل الاستحواذ على سوق الإعلانات فى مصر ، فهل تكون هذه الجهة السينمائية هى الغرفة بمفهوم جديد وآلية مختلفة أم شعبة الإنتاج بنقابة المهن السينمائية أم شركة مصر للتوزيع ودور العرض بشرط تعاون أصحاب دور العرض غير التابعة لها أم شركة خاصة يكون هذا دورها ويرضى السينمائيون بنتائجها ؟

وعلى السينمائيين أن ينتبهوا إلى ضرورة إنهاء فوضى الإيرادات والوصول إلى صيغة مرضية تنظم هذا الأمر وإلا فإن الصحفيين الباحثين عن تلك الأرقام لن يجدوا أمامهم إلا بيانات مصلحة الضرائب ، وساعتها سوف ينكشف المستور ويتحول الفيلم الأول بقدرة قادر إلى الفيلم الأخير فى قائمة الإيرادات .