يعتبر الزواج من أهم القرارات المصيرية الحياتية، ما جعل الجدل قائما على مر العصور بين القلب والعقل،.. فالبعض يرى أن الزواج عن حب هو الذي يدوم ويبقى وينشئ أسرة متماسكة وأجيال سوية، وآخر يؤكد أن الزواج بالعقل والحكمة هو الأبقى ، فما بين هذا وذاك، نتساءل أيهما أنجح في تحقيق الاستقرار الأسري، وهل من الممكن أن يتحول الزواج التقليدي المبني عن عقل إلي حب أم انه ينتهي تدريجياً لأنه لم يبنى على العواطف...
تقول الدكتورة رحاب العوضي أستاذ علم النفس السلوكي، أن أساسيات استمرار الزواج ونجاحه ليس من أهمها الحب المطلق أو العقل الدائم، إنما الإسهام في نجاح وتشكيل أسرة واستقرارها، وذلك عن طريق الاحترام المتبادل وتفهم العيوب والتعامل معها قبل المميزات وتحمل المسؤولية والإقرار بالحدود والحقوق الشخصية بين الزوجين، حيث أن الحب والإعجاب بلا احترام وتفهم للشخصيات والسماح للتدخل من الآخرين فى حياتهم الخاصة لا يعتبر زواج ناجح، وكذلك العقل المفرط باختيار شريك الحياة متشابه، وكأنه مشروع تجارى بحت قائم على المكسب والخسارة، ليس من شأنه إخراج أطفال أصحاء نفسيا قادرين على العطاء والتراحم بالمجتمع.
وأضافت أستاذ علم النفس السلوكي، انه مهما اختلفت الآراء ما بين مؤيد ومعارض لفكرة الزواج التقليدي وفكرة الزواج عن حب وأيهما أنجح من حيث الاستقرار والاستمرار، يبقى التفاهم والتوافق الفكري والاجتماعي بالإضافة إلى توافر الجانب المادي اللازم لبناء الأسرة هو الأساس الصحيح، الذي يجب أن يصاحبه التفكير بالعقل، من أجل حُسن الاختيار، حيث أن الزواج هو علاقة إنسانيه يلزمها الحب والمودة والرحمة والإدراك الجيد للطرف الآخر.
كما أن الزواج يحتاج إلى وعي كبير بمسؤولية وأهمية الأسرة والقدرة على المشاركة من قبل طرفيه سواء كان زواجاً تقليدياً أو مبنياً على الحب، حيث أنه في بعض الحالات التي يكون فيها الزواج مبنياً على الحب تكون هناك خيبة بسبب صعوبة الحياة ومشاكلها ما يجعلهم يصطدمون بأرض الواقع، أما إذا بني على العقل فقط أو القلب فقط فهذا الزواج يكون مبني على التملك والانفعال أي يعتبر كل شخص أنه أصبح ملكا للأخر، ومن هنا يهدأ ويهبط الحب، لذلك يجب التأني في اختيار الشريك والاعتماد على القلب والعقل معاً لأنهما يكملان بعضهما ولا ينجح الزواج دونهما ، فالقلب هو مصدر الرحمة، والعقل هو مصدر الحكمة والزواج بحاجة للرحمة والحكمة حتى يستمر، وأن العقل والعاطفة يجب أن يتزنا عند الاختيار توازنًا دقيقًا يجعلنا أكثر قدرة على الاختيار الصحيح وتكوين أسرة ناجحة.