يحل اليوم ذكرى وفاة الفنان محمود المليجى، الذى رحل عن عالمنا في 6 يونيو لعام 1983، عن عمر يناهز ال 73 عاماً. عرف باسم شرير الشاشة المصرية وصاحب الأسلوب المنفرد لكثرة تقديم أدوار الشر في أعماله، ومع ذلك كان بارعًا في تقديم أدوار الخير والطبيب النفسي، كما أدى أيضاً أدواراً فكاهية "كوميدية".
ولد "محمود حسين المليجي" في الثاني والعـشرين من ديسمبر عـام 1910، في حيّ المغربلين، أحد أقدم أحياء القاهرة الشعبية وأشهرها.. ونـشأ في بيـئة شعبـية حتى بعـد أن انـتقل مـع عائلـته إلـى حـيّ الحلـمية، وبعـد أن حصل على الشـهادة الابتدائية اخــتار المدرسة الخديوية ليكمل فيها تعليمه الثانوي.
وكان حبه لفن التمثيل وراء هذا الاختيار حيث إن الخـديوية مدرسـة كـانت تشـجع التمـثيل، فمـدير المدرسة "لبيب الكرواني" كان يشجع الهوايات وفي مقدمتها التمثيل، فالتحق المليجي بفريق التمثيل بالمدرسة، حيث أتيحت له الفرصة للتتلمذ على أيدي كبار الفنانين، أمثال: أحمـد عـلام، جـورج أبيض، فتوح نشاطي، عزيز عيد، والذين استعان بهم مدير المدرسة ليدربوا الفريق.
تألق المليجى فى أدوار الشر التي أجادها بشكل بارع، وتميز في أدوار رئيس العصابة الخفي، ومثل أدوارًا أمام عظماء السينما المصرية رجالا ونساء.
وفى بداية مشواره الفني انضمّ محمود المليجي في ثلاثينيات القرن الماضى، وكان مغمورًا في ذلك الوقت إلى فرقة الفنانة فاطمة رشدي، وبدأ حياته مع التمثيل من خلالها، حيث كان يؤدي الأدوار الصغيرة، مثل أدوار الخادم على سبيل المثال، وكان يتقاضى منها مرتباً قدره 4 جنيهات. فترك الدراسة من أجل الفن، ومع تألقه على المسرح فشل في أول عمل سينمائي، ليترك التمثيل ويعمل ملقنا بالمسرح، إلا أنه عاد مرة أخرى للتمثيل ليتألق في السينما ويكون واحدا من أشهر أشرار الشاشة الكبيرة في الوطن العربي .
وكانت أول أعماله السينما ئية، بطولة مطلقة أمام فاطمة رشدي وكان عمره 22 عامًا سنة 1932، ومنذ ذلك التاريخ لم يحصل على بطولة مطلقة طوال حياته، ولكنه صنع نجوم وقدم معظم أبطال مرحلة الخمسينات والستينات عندما خاض تجربه الإنتاج ففي أفلام "المقامر"، والأم القاتلة، والملاك الأبيض، وسوق الـسلاح.
ومع العديد من الأدوار التي قدمها في حوالي 550 فيلمًا، استطاع أن يجسد معظم الأدوار ولم يستمر طوال حياته داخل عباءة شرير السينما ، ومع اكتساب المليجي مزيدًا من الشهرة والحرفية، كان فيلم "الأرض" عام 1970 وشخصية "محمد أبو سويلم" الفلاح المكافح الذي لا يترك أرضه وعرضه، ومع تجسيده المتقن للشخصية، أضاف إليها المصداقية الكبري، عندما لم يقبل أن يأتي المخرج يوسف شاهين ببديل له ليؤدي مشهد النهاية وهو مربوط برجليه في الحصان مع تشبثه بجذور زرع أرضه، ليكون ذلك المشهد تميمة شخصيته الفنية، وليشارك في جميع أفلام يوسف شاهين التالية حتي مماته، وعن ذاك قال شاهين "كان محمود المليجي أبرع من يـؤدي دوره بتلقائية لـم أجـدها لدى أي ممثل آخر، كمـا أنني شـخصـياً أخـاف من نظـرات عينيه أمام الكاميرا.
وكما يموت المحارب في ميدان المعركة، مات محمود المليجي في مكان التصوير وهو يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في الفيـلم التليفزيوني "أيوب".. فجأة، وأثناء تناوله القهوة مع صديقه "عمر الشريف"، سقط المليجي وسط دهشة الجميع. أطلق عليه الفنانون العرب لقب "أنتوني كوين الشرق"، وذلك بعد أن شاهدوه يؤدي نفس الدور الذي أداه أنتوني كوين في النسخة الأجنبية من فيلم "القادسية" بنفس الإتقان بل وأفضل، فرحل المليجى صاحب الأسلوب المتفرد ويترك وراءه تاريخاً حافلاً جعله أحد أهم رواد السينما المصرية وأهم نجوم الزمن الجميل.