العنف الرقمي أكبر حرب تشن ضد الأطفال
الجرائم ترتكب ثم تسن القوانين فيما بعد!
الأمية الرقمية ودور مؤسسات الدولة في مواجهتها والقضاء عليها
عقد المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي؛ ندوة «حماية الأطفال من العنف في ظل المجتمع الرقمي»، والتي نظمتها لجنة مواجهة التطرف والإرهاب بالتعاون مع لجنة الثقافة الرقمية والبنية المعلوماتية بالمجلس، وبالتعاون مع قطاع التواصل الثقافي بمكتبة الإسكندرية.
وقد أدار الندوة الدكتور عبد الوهاب جودة، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين الشمس، وشارك فيها: المهندس وليد حجاج خبير وباحث في أمن المعلومات وعضو لجنة الثقافة الرقمية والبنية المعلوماتية، والدكتورة بثينة عبد الرؤوف دكتوراة في فلسفة التربية وعضو لجنة التطرف والإرهاب، والدكتور مسعد عويس أستاذ بكلية التربية الرياضية جامعة حلوان، والمستشار أيمن فؤاد رئيس محكمة الاستئناف وعضو لجنة مواجهة التطرف والإرهاب، والدكتور ماجد عياد أستاذ الذكاء الاصطناعي وعضو لجنة التطرف والإرهاب.
وبدأ الدكتور عبدالوهاب جودة الندوة بالإشارة إلى أننا نحيا تحولات كبيرة في بنية النظام العالمي، وهناك خلط بين وسائل الاتصال والمجتمع الرقمي (الرقمنة)، فوسائل التواصل هي عملية التفاعل التي تتم بين البشر بأي وسيلة، وأما الرقمنة فتعني التحول من الأمور المعتمدة على الورق إلى الصيغة التكنولوجية تسهيلًا للخدمات.
ونحن الآن نعيش مرحلة ما بعد التحول الرقمي؛ عصر الذكاء الاصطناعي، أو ما يعرف بما بعد الرقمنة، والأطفال يعدون من أهم وأخطر شرائح المجتمع لأنهم الفئة التي لها احتياجات فائقة ومتعددة، إذ إننا بصدد تحويل الطفل من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي.
وتحدث المهندس وليد حجاج عن الأدوار الكثيرة للأسرة والمجتمع لحماية الطفل من مخاطر الإنترنت، مشيرًا إلى أن هناك بعض التطبيقات، أو حتى الموسيقى التي لها نفس أثر المخدرات على الإنسان، وتعرف باسم المخدرات الرقمية، وليس لها حقوق نشر، وهي مستويات يتاح المستوى الأول منها مجانًا، ولها تصنيفات تخاطب الشعور الذي يرغب الشخص الوصول إليه. مشيرًا إلى ظاهرة السمسرة والأعمال غير المشروعة على الإنترنت، والتي يتورط بها أطفال، منبهًا إلى دور الآباء وضرورة وعيهم بما يتعامل أطفالهم معه.
وتناولت الدكتورة بثينة عبدالرؤوف، الحديث حول حماية الأطفال من التطرف في ظل المجتمع الرقمي، مشيرة إلى أن الأطفال في عصر الفضاء الإلكتروني تنمو معهم قدراتهم الرقمية، إذ يشكل الأطفال والمراهقون أقل من 18 عامًا ما يقدر بنحو ثلثي مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم
.
وأوضحت أن هناك عدد من الظواهر التي يتعرض لها الأطفال من خلال الإنترنت، مثل التنمر والاعتداء عليهم واستغلالهم في أعمال غير مشروعة، مؤكدة أهمية دور الآباء في متابعة الطفل، وملقية على عاتق وزارة التربية والتعليم الدور الأهم بخصوص توعية الطفل وتثقيفه رقميًّا.
وتحدث الدكتور سيد عويس عن السلام، والمحبة، والتسامح، باعتبارها قيمًا تقف في وجه العنف مع الأطفال، ومتحدثًا من خلال دور المرصد التربوي للعنف ضد الأطفال، موضحًا أننا حين نتحدث عن الشخصيات فهناك العديد من أنماط تلك الشخصيات، وقد تكون المحددات تكوينية أو نفسية أو ثقافية أو اجتماعية، ويلعب التعليم والثقافة دورًا أساسيًّا، وإن كان ما زال لدينا نسبة أمية قرائية كبيرة، فما بالنا بالأمية التكنولوجية
ودعا إلى طفولة بلا عنف لبناء مجتمع آمن، مشيرًا إلى دور المرصد التربوي في بناء الإنسان لكي يستطيع أن يؤدي أدواره الاجتماعية، ويمارس اتجاهاته الفكرية.
وأشار المستشار أيمن فؤاد إلى أن الأمر أكبر من أن يدرس في ساعة أو ساعتين، وإنما فقط يتم إلقاء الضوء على أهم النقاط التي تشخص الحالة ليتسنى لنا الوصول إلى العلاج، ومشيرًا إلى أن الأجيال الأكبر تربت على العنف الذي يبث على شاشة التلفزيون لسنوات طويلة، متمثلًا في "كرتون توم وجيري"، الذي يعرض حتى الآن، ودون أن نعي توافقنا على أن الجريمة هي الأصل، إذ إنها تظهر أولًا ثم تسن القوانين للحد من حدوثها، والعقاب على ارتكابها، وملمحًا إلى أن العنف يزيد من مجتمع إلى آخر، وفي المجتمع الواحد يزيد أو يقل حسب المستوى الاجتماعي، وأما في العالم الرقمي فالعنف يحاصرنا من كل اتجاه، سواء في الألعاب والتطبيقات الإلكترونية، أو من خلال مقاطع الفيديو التي تبث عبر اليوتيوب وغيره من مواقع المشاهدة.
وتحدث الدكتور ماجد عياد عن ظاهرة استخدام التكنولوجيا في ابتكارات حديثة تصل إلى درجة زرع شريحة في مخ الإنسان لحفظ كل البيانات لكي يتم الاحتفاظ بها، وفي حال إصابة الإنسان بمرض آلـ زهايمر فإنهم يزرعون في مخه تلك الشريحة من جديد، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا وصلت إلى حد عدم الاحتياج إلى الإنسان في الحروب، وإنما تستخدم الطائرات دون طيار، والشرائح الإلكترونية بهذا الدور، ومنبهًا إلى أن التكنولوجيا قد وصل أثرها حتى إلى جعل الآلة تشعر، وتحتال على مشاعر الإنسان، موضحًا أن الأفكار السلبية تجيد دورها في المجتمع أكثر من نظيرتها الإيجابية.