بقلم : سمر الدسوقى
ما زالت عقدة الخواجة تسيطر على عقول البعض منا، لدرجة قد تدفع بهم لشراء أى من السلع المستوردة مهما كانت درجة جودتها لمجرد التباهى أمام الآخرين أو تقليد الغير، تحت شعار أن جودة المنتج المصرى أو شكله النهائى أقل من نظيره المستورد، فى حين أن الواقع يشير إلى ما هو عكس ذلك، فكثير من المنتجات المصرية كالمنتجات الجلدية أو منتجات الملابس على سبيل المثال قد استطاعت أن تثبت تواجدا ملموسا فى الأسواق خلال السنوات الأخيرة، من خلال تميزها شكليا بل وانخفاض أسعارها، وتعالوا نتذكر بعض المنتجات الغذائية التى نشأنا عليها جميعا خلال مراحل الطفولة سواء من منتجات الألبان أو العصائر وغيرها لندرك أن الحياة كانت تسير بوتيرة عادية وسهلة، وأننا كنا متقبلين وبرضا تام ما هو متوافر فعليا فى الأسواق دون المقارنة بينه أو غيره، وهو ما ينطبق أيضا على الملابس، إلى أن بدأت حمى شراء المستورد تطغى على سلوكياتنا فأصبحنا نلهث وراء شرائه أو المقلد منه أى كان، بل وازدادت الأزمة وطأة مع وضع بعض القيود على الاستيراد، حيث بدأ البعض وبخاصة من النساء فى اللجوء للتسوق عبر الإنترنت لتستمر بهذا المشكلة، التى كثيرا ما أتعجب منها حينما أرى تهافت الإخوة من الأشقاء العرب على شراء المنتجات الجلدية المصرية خلال زيارتهم لمصر مشيدين بجودتها وانخفاض أسعارها، كما أذكر فى هذا ما أخبرتنى به صديقة تقيم بالولايات المتحدة الأمريكية من لهث الجميع على شراء المنتجات المصرية القطنية خلال إقامة أى معرض مصرى هناك مهما كان السعر المطروحة به، بل وإنها تحرص شخصيا بناء على طلب صديقاتها على شراء الكثير من هذه المنتجات لهن ولأبنائهن خلال زيارتها لمصر وبكميات كبيرة تكفيهم طوال العام، وهو ما يثير الكثير من علامات التعجب حينما نحاول تقييم سلوكياتنا النظيرة فى هذا الصدد ليس فقط ما يتعلق منها بالبيع أو الشراء، ولكن أيضا بمقاطعة الحملات المحلية التى تطلق بين الحين والآخر لتشجيع شراء المنتج المصرى بحجة أنه أقل جودة أو غير قادر على التنافس، فى حين أن شراءنا لمنتجاتنا الوطنية بل وتعاونا جميعا فى الترويج لها لا يلعب دورا فى تنظيم وترشيد نفقاتنا الاقتصادية كأسر بقدر ما يلعب دورا فى دعم الكثير من العاملين فى هذه الصناعات بل والحفاظ على تواجدها واستمرارها فى الأسواق وتشجيعها على التطور وبالتالى القدرة على المنافسة، وهو ما يعنى استمرار الحياة لملايين الأسر، بل ومواجهة الأزمات التى يعانى منها الاقتصاد المصرى من حين لآخر، فهو ببساطة يعنى وبلغتنا كنساء أن نكون سندا لهذا البلد وليس عبئا عليه، فالعامل المصرى الذى يعمل فى أى من مصانعنا أو أى من ورش التصنيع المحلية قد يكون أخا أو ابنا أو صديقا ومساهمتنا فى الحفاظ على لقمة عيشه تعنى حفاظنا على استقرار أسرنا جميعا بل واستقرار أوضاعنا الاقتصادية، وهو ما ينعكس على حياتنا ككل، أقول هذا بناء على تجربة فعلية عايشتها مع العديد من أسر أصحاب ورش التصنيع فى مناطق الحسين والغورية وغيرهما، حيث أدى عزوفنا بشكل أو بآخر عن شراء المنتجات المصرية مع انخفاض معدلات السياحة جراء ما نواجه من مؤامرات داخلية وخارجية بشكل مستمر مع بداية كل موسم سياحى لتحجيمها، إلى غلق العديد من هذه الورش لأبوابها وفقدان الكثير من العاملين بها لمصدر رزقهم، فى حين أن المنتج الذى كانت تقدمه كان وما زال محور جذب للعديد من الجنسيات الأجنبية، هذا على النطاق الضيق فماذا عن آثار هذا على الاقتصاد المصرى ككل، هل نستطيع أن نعيد لصناعتنا وبخاصة مع دعم الدولة المستمر لها الحياة ونعيد بهذا الروح لاقتصادنا المصرى من خلال شراء منتجاتنا المصرية الأصلية دون انتظار حملة تدعونا لهذا؟ هل يمكننا العودة إلى ما نشأنا وتربينا عليه جميعا من منتجات مصرية سواء كانت غذائية أو منتجات ملابس أو جلدية وغيرها، أعتقد أننا نستطيع لو كنا بالفعل نحب هذا البلد ونرغب أن نكون كنساء وأسر سندا له.