فنان من أبرز الوجوه فى بدايات السينما، إذ شارك في العديد من الأعمال التى تعد من أقوى كلاسيكيات السينما المصرية، فهو صاحب قيمة أخلاقية بالإضافة إلى قيمته الفنية، فهو فنان وبن ذوات لم يعرف إلا البساطة برغم أنه باشا وابن باشا، أحب الفن برغم استبعاده عن هذا الوسط من قبل عائلته حسبانا بأن الفن لا يليق بالعائلة البرزواجية فى عصرهم، أنه الفنان سليمان باشا نجيب، الذى يعتبر من أجمل فنانى الزمن الجميل علما وثقافة وأصلا وأخلاقا وخفة دم.
تحل اليوم ذكرى ميلاد أشهر باشا فى السينما المصرية، إذ ولد الفنان سليمان نجيب فى 21 من يونيو لعام 1892م، لأسرة أنجبت العديد من الشخصيات المرموقة، فوالده الأديب مصطفى نجيب الذى عنى بتربيته وتثقيفه، فنشأ وفي روحه نزعة فطرية نحو الفن والتمثيل وخاله أحمد زيور باشا والذى تولى رئاسة مجلس وزراء مصر مرتين فى عهد الملك فؤاد؛ حيث التحق الفنان سليمان نجيب بالمدارس الأجنبية بالقاهرة، وتخرج في كلية الحقوق.
لم يكن سليمان نجيب مجرد فنان لكنه كان سياسياً وصحفياً، شارك العديد من المهمات وتولى أهم المناصب، فعمل موظفاً بسكرتارية وزارة الأوقاف، فتألق فى عمله بحكم ثقافته العالية، ثم نقل إلى السلك الدبلوماسى وعمل قنصلا لمصر في السفارة المصرية باسطنبول بتركيا، إلا أنه عاد إلى مصر والتحق بوزارة العدل وعين سكرتيراً فيها.
بدأ حياته الفنية بكتابة المقالات في مجلة الكشكول الأدبية تحت عنوان "مذكرات عربجي"، منتقداً متسلقى ثورة 1919م، وصعد المسرح في عهد كان يتعذر على أمثاله من الأسرة المحافظة العمل فى ميدانه.
وشغل أيضا منصب رئيس دار الأوبرا الملكية فى سنة 1938، وكان أول مصري يتولى هذا المنصب وحصل على لقب " بك " من الملك فاروق. وعمل سليمان نجيب فى السينما فى أوائل الثلاثينيات وحتى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي ، كممثل وسيناريست فكان أول فيلم يشارك هو فيلم "الوردة البيضاء" مع الفنان محمد عبدالوهاب وبعدها بفيلم 'يوم سعيد"، ومن أبرز الأعمال التي شارك فيها بالسينما "دنانير، وغزل البنات، ولعبة الست، والآنسة ماما، والآنسة حنفى"، وغيرها الكثير من الأعمال الفنية التى لاقت نجاحا كبيرا في عصرها، و يعد دوره فى فيلم غزل البنات عام 1949م أشهر أدوراه كما عمل في المسرح وقدم 40 مسرحية ما بين التمثيل والتأليف، وتألق نجمه وكان بطلا في كل الأدوار التي مثلها، ورغم أن مرتبه كان كبيرا وأرباحه كثيرة فإنه لم يدخر شيئاً كما لم يفكر في الزواج، وقد فضّل أن يعيش برفاهية وأن يفعل ما يريد دون أن يسبب لشريكة حياته أي نكد.
ومن أسباب عدم زواجه خوفه من إنجاب أبناء لا يستطيع تربيتهم ورعايتهم كما ينبغى أن يعانون الفقر أثناء حياته أو من بعد مماته، فلم يتزوج ولكن كان لخادمه 3 أولاد تكفل سليمان نجيب بحياتهم وتعليمهم.
وكان يعتبر المربية الخاصة به بمكانة والدته، وعند وافتها رفض أهله أن تدفن مع والدته لأنهم يرونها "خادمة" حتى لو كانت هي من قامت بتربيته، وكان حينها الفنان سليمان نجيب مسافراً فاتصلوا عليه وعندما علم بذلك قال لهم "تدفن مع أمي طبعا هو في بيه وباشا في الموت كلها نومة واحدة.. عجايب عليكم ياناس عجايب ". فعندما توفى أوصى بسيارته للسواق.. والمطبخ والسفره للطباخ وباقي الآثاث لدار الأوبرا المصرية التى كان يرأسها حينها.
ومن الغريب أن يوم وفاة الفنان سليمان نجيب كان أخوه مسافرا خارج البلاد، فطلب من صاحب سليمان نجيب ليشرف على الجنازة.. ويكتب له فواتير بكل مصاريف الجنازة لحين رجوعه .. وبالفعل عمل صديق الراحل بما أخبره به أخوه، وعندما عاد أخوه إلى مصر قابله في بيت سليمان، وقدم له فواتير بمصاريف الجنازة بالضبط وكانت قيمتها 299,1 جنيه وقرش واحد، فأخرج أخوه دفتر الشيكات كى يكتب له شيكا فجاءه "الخادم" وقال له هناك مبلغ مالي كان محتفظاً به سليمان بيه في الدولاب لمصاريف جنازته، فراح أخوه وفتح الدولاب ليجد مبلغاً بنفس مصاريف الجنازة.
وفى يوم 18 من يناير لعام 1955م، توفى الفنان سليمان نجيب عن عمر يناهز الـ63 عاماً، تاركاً وراءه إرثا فنياً كبيراً، أنه الفنان والإنسان الذى تميز بأخلاقه ونبل تصرفاته وتعامله فلم يكن للسينما المصرية أن تأتى بتكرار هذه الشخصية، رحم الله الفنان سليمان نجيب.