الثلاثاء 7 مايو 2024

العدالة الوقائية.. بين المنع والعطاء

مقالات21-6-2023 | 14:08

تعد العدالة الوقائية ضرورية لنجاح العدالة الاجتماعية، والقضائية والتنفيذية، ومنظومة العدالة عامة في نهاية المطاف، وتعد من أهم مراحل العدالة، لأنها تحول دون النزاعات ويصل  الحق لمستحقيه.

وبالرغم من الدور الذي تقوم به العدالة الوقائية في  حماية الممتلكات العامة والخاصة  وتحقيق الوقاية خير من العلاج الا أن العاملين في الشهر العقاري والتوثيق الذين أفنوا  عمرهم في الخدمة لم يحصلوا على حقوقهم. 
منذ فبراير ٢٠٢٠ حتى اليوم، لم يتم صرف  مستحقات المحاليين علي المعاش والخاصة بمكافأة نهاية الخدمة من الصندوق الخاص بالعاملين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق، بعد  قضاء  أكثر من 35 عامًا في خدمة المصلحة وبالرغم من استقطاع جزء من رواتبهم لصالح الصندوق خلال مدة عملهم لسد احتياجاتهم المعيشية عقب خروجهم علي المعاش ،وكما نص القانون  رقم 83 لسنة 2009 في المادة ٤ بشأن رسوم التوثيق والشهر يتم تخصيص نسبة 5% من حصيلة رسوم الشهر العقاري والتوثيق، بالإضافة إلى قرار وزير العدل رقم 1433 لسنة 2012 الخاص باللجنة الإدارية والمالية لصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية للعاملين بمصلحة الشهر العقاري الذي  حدد موارد الصندوق على سبيل الحصر، وكما هو وارد في المواد 4 و 7 من القرار جزء من حصيلة رسوم الشهر العقاري، وجزء من مرتبات العاملين بالقطاع، وبالرغم  أن الشهر العقاري من القطاعات الثرية التي تدر إيرادات مليارية للدولة بالإضافة إلي وجود وفرة سنوية كما بينت وزارة المالية  من قبل في مجلس النواب، والموافقة أيضا بزياد المخصصات المالية لصالح العاملين، وصرف المستحقات المالية للعاملين  في الخدمة إلا أن هناك  مشاكل مالية طاحنة لم يتم حلها منذ سنوات علي سبيل المثال استمرار مشكلة عدم صرف البدل النقدي للعاملين بالمناطق النائية والبعيده وحوافز  الإثابة وتأخر صرف مستحقات مالية الفترات المسائية الثانية، والتي يتم صرفها في الحال وبدلات أخري للمكتب الفني بإدارة الشهر العقاري والتوثيق بالرغم من كلفتها العالية بالمقارنة بمستحقات العاملين بالشهر العقاري والتوثيق الأمر الذي ترتب عليه ضرر كبير للعاملين بمصلحة الشهر العقاري،  وأصحاب المعاشات  من تأخر صرف مستحقاتهم المالية ومكافأة نهاية الخدمة،  ما يستلزم تدخل وزير العدل بسرعة عاجلة لحل تلك المشاكل لرفع المعاناة عن أصحاب المعاشات والعاملين بمكاتب وفروع وماموريات  الشهر العقاري والتوثيق الذين هم في أمس الحاجة  لمواجهة الضغوط المادية للحياة وعدم تضرر الأسر من مشاكل قانونية واجتماعية ترتبت علي تأخر صرف مستحقاتهم المالية.


وفي الحقيقة ما يثير التساؤلات هو تغير إدارة المستشار الدكتور أشرف حجازى مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقاري والتوثيق، الذي بدأ عامه الأول في  يوليو ٢٠٢١ يعكف على كافة الملفات وفي مقدمتها أزمة المحاليين للمعاش، وكانت المدة لا تتجاوز العامين علي خروج هؤلاء المستحقين والتي زادت حاليا بعد عامه  الثاني لتصبح ثلاث أعوام وأربعة أشهر  ، وفي الوقت نفسه  وافق  على  تعاقد بعض المحاليين علي المعاش في ديوان الوزارة  ، وما أثار أيضا حفيظة المحاليين علي المعاش  هو التعامل "السئ " علي حد وصفهم من سكرتارية مساعد الوزير، ومنعها لهم  من مقابلته بعد أن كان بابه مفتوح  ، حتي أن المذكرة التي تم رفعها لحل أزمة الصندوق  والعمل علي تقديم موارد لم تنل الإهتمام  فهي حبيسة الأدراج منذ شهور ويتردد أنه أحالها لمديرمكتبه الفني كباقي الملفات الأخري كمثل مدخلين البيانات التي تمت تحت إشرافه.

لا شك أن تأخر صرف مستحقات المحاليين علي المعاش ليس وليدة اللحظة ولكن لم تكن بهذه الصورة المحزنة المؤسفة  سواء في  طول المدة التي تجاوزت ٣سنوات وأربعة أشهروكذلك بلغ  اعداد المحاليين لأكثرمن ١٣٠٠ موظف  قابلين للزيادة  .
وبالمقارنة بفترات سابقة شاهد عليها خلال ٢٠ سنة لم أشاهد هذه الأزمة تطول كل هذه المدة !.

ففي وقت تولي  المستشار عمر مروان مساعدا لوزير العدل من ٢٠١١- ٢٠١٤ لم تزيد المدة لصرف مستحقات المحاليين ثماني اشهرعلي خروجهم علي المعاش ووصل اكبر عدد لم يصرف مستحقاته خلال فترته  عن ٤٠٠ موظف .
وفي الفترات  السابقة قبل  ٢٠١١ لم تحدث  أزمة تأخير لصرف المستحقات المالية للمحالين علي المعاش ولا حتي غير المحاليين ،واذكر وقت تولي المستشار فاروق عوض مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقاري والتوثيق الأسبق كان يطلب من وزراء العدل آنذاك المستشار فاروق سيف النصر ، و المستشار محمود ابوالليل رحمهما  الله توجيه  مبالغ  مالية  تخص الوزارة  لصالح صندوق العاملين بالشهر العقاري والتوثيق لصرف المستحقات المالية حتي  توفير المبلغ في الصندوق و استرداده للوزارة.
حلول عديدة تبناها العديد من المسؤولين ومن بينهم المستشار عمر مروان وزير العدل وقت  توليه إدارة الشهر العقاري والتوثيق ،مما يؤكد سهولة  حل هذه المشاكل وانهاء حالة الإحباط والإستياء  التي تسيطر على العاملين السابقين والحاليين  في الوقت الذي يدر قطاع الشهر العقاري والتوثيق إيرادات ضخمة ، وبالمقارنة بقطاعات أخري  لا تذكر إيراداتها و جميع العاملين بهذه القطاعات يصرفون مستحقاتهم المالية بعد اربعة اشهر من خروجهم علي المعاش ولم يعانوا سواء أثناء الخدمة أو بعدها نظرا لتقديرهم التقدير المالي والمعنوي الكافي.

أزمة مستحقات العاملين بالخدمة  في الشهر العقاري والتوثيق والمحاليين علي المعاش تزداد تعقيدا ،وما زالت بعد وعود وردية متكررة من بعض المسئولين ،ولا احد يدري متي ستنتهي هذه الأزمة في ظل تجاهل وتعنت مقصود وتحدي واضح من البعض ضد أصحاب الحقوق من العاملين أو الجمهور  أو أعضاء المجالس النيابية. 

وأخيرا وليس آخرا  اختم مقالي بمفاهيم الفاروق عمر بن الخطاب  "رضي الله عنه" في كتابه لأبي موسي الأشعري الذي ولاه قضاء الكوفة  إنَّ صحَّة الفهم والفقه في القضية من أهمِّ ما يُساعد على القضاء العادل ، ولا يكفي أن ينطق القاضي بالحكم العادل، بل عليه أن يُنفِّذه ، وذلك بإعلان الحكم والإلزام به ، ثُمَّ أخذ الحقِّ لصاحبه إذا رفض المدَّعى عليه تسليمه ، و المساواة بين الجميع   علي حد سواء ، فإذا اختلَّ أحدها تسرَّب الطمع إلى القويِّ بحيف القاضي، واليأس إلى الضعيف من العدل".

Egypt Air