سعادتي لا توصف بدعوتي لحضور فاعليات مهرجان "جربة" في تونس الشقيق، وسط الطبيعة الخضراء والشاطئ الممتد على ضفاف المتوسط، مع كوكبة من الفنانين والنقاد والصحفيين، ووسط حفاوة كبيرة وترحيب بالغ من مديرة المهرجان عبلة الأسود، والتي غمرتنا بحبها الفياض للفن المصري وأبهرتنا بدورها الرائد في الاهتمام بقضايا المرأة.
وزادت سعادتي بلقاء الفنانة التونسية منى نور الدين رئيس شرف المهرجان بقيمتها الكبيرة، وعطائها الفني الراسخ، وحضورها المميز.
وسعدت أكثر أن أكون بصحبة الفنانة الجميلة الهام شاهين، تلك الفنانة الذكية الشهمة، بنت البلد، المثقفة الإنسانة، ذات الموهبة الخاصة والقدرة الكبيرة على إدارة أي حوار فني ثقافي شامل، والوصول به إلى قلوب الجمهور بكل ثقة وتلقائية.
فعلا كان حضور الهام شاهين في الندوة الخاصة بها على هامش المهرجان حضورًا استثنائيًا، تحدثت من خلاله بصراحة وتلقائية ووضوح كأنها كتاب مفتوح، دافعت بشراسة عن أبناء جيلها رافضة تهميشهم من قبل المنتجين والمخرجين، ومؤكدة أن هذا الجيل هو عصب التنوير في الحركة الفنية المصرية.
وأعلنت أنها ستظل داعمة للمرأة وتحثها على الاعتماد على نفسها، رافعة شعار "توعية الأهل بخطورة الجهل".
بل أكاد أجزم أن أدوارها كلها ما هي إلا تنويعات عديدة على لحن واحد شديد الثراء، لحن المرأة الراغبة في تحقيق ذاتها ووجودها وحريتها.
فقد استطاعت الهام خلال عمرها الفني أن تحافظ على خط محدد من الخيارات الفنية، وهو الدفاع عن قضايا المرأة، فهي فنانة ذات شخصية قوية تؤمن أن الفن رسالة، ومسئولية اجتماعية.
بل إن في داخل الهام شاهين إحساس عميق بالمأساة الإنسانية للمرأة التي تفتقد حقوقها، وتتيه في البحث عن السند والظهر والمعين، وتواجه مجتمعات ذكورية صعبة، وعادات وتقاليد أصعب، لذلك تفضل أن تقدم في أعمالها خلطتها الخاصة جدا تلك الخلطة السينمائية الملهمة الإلهامية.