الإثنين 29 ابريل 2024

مصر بوابة بريكس

مقالات25-6-2023 | 10:01

مفاجأتان اقتصادية وسياسية معا ، مصر تتقدم رسميا بطلب الانضمام إلى مجموعة بريكس، والطلب المصري سوف يكون في مقدمة 19 طلبا للانضمام إلى التجمع العالمي الجديد، وهو ما أعلنه السفير الروسي في القاهرة. وأكد السفير أن دول بريكس مستعدة للتبادل التجاري مع مصر بالعملات الوطنية، وإنشاء عملة مشتركة لعملة البريكس ، وقد سبق لنا الحديث في هذا الموضوع ، ولكن الجديد اليوم هل سيقبل طلب مصر فعلا ومن أول اجتماع ، ومن الذي يرغب بالإنضمام معنا ، ومتي هذا الإجتماع ، وهل هناك مميزات أخرى غير التخلي عن الدولار في التعامل مع دول بريكس أم الفكرة هي عملات بديلة عن الدولار الأمريكي؟ في مارس ٢٠٢٣، صدق الرئيس عبدالفتاح السيسي علي اتفاقية تأسيس بنك التنمية الجديد التابع لتجمع بريكس ووثيقة انضمام مصر إلي تأسيس بنك التنمية الجديد، وهو البنك الدولي الملحق بتجمع بريكس المفروض أنه سيمول مشروعات الأعضاء ومصدر أمواله لتمويل المشروعات والاستثمار هي الدول المؤسسة للبريكس يعني روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا إلا أن الأخيرتين دورهما صغير في التجمع وجرى اختيارهما كبديل مؤقت. لكن أفريقيا مصر التي سوف تملئ الدور الأفريقي المطلوب بسبب الأزمات السياسية المتجددة في جنوب افريقيا مقارنة بالاستقرار السياسي المصري، كما أن دور مصر الجيوسياسي وموقعها الإستراتيجي بمحور قناة السويس سيجعلها بوابة بريكس إلي القارة الأفريقية وأيضا بوابة مصانع دول بريكس لأوربا عبر قناة السويس. جنوب افريقيا علي موعد في ١٥ أغسطس ٢٠٢٣ لاستضافة القمة المقبلة وأبرز الدول التي طلبت الانضمام لبريكس ، الأرجنتين وإيران وأندونسيا، وتجمع بريكس يمثل 30 % من حجم الاقتصاد العالمي ، 26% من مساحة العالم 43% من سكان العالم، وينتج حوالي ثلث إنتاج الحبوب في العالم. تأسس بريكس رسميا عام ٢٠٠٦ ومن عام ٢٠١٧ بدأت مصر محاولات هادئة وجادة لإكمال الانضمام للتجمع وصولا لمشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي قمة بريكس في الصين عام ٢٠١٧ والمرة الثانية كانت أيضا في الصين عام ٢٠٢٢ وتلك المشاركة تمت عبر الأقمار الصناعية "الفيديو كونفرنس" لصعوبة السفر في هذا التوقيت الذي شهد تصعيد في الحرب الأوكرانية وأزمة تايوان. مصر استبقت طلب الانضمام بالاتفاق مع روسيا والصين والهند علي التبادل التجاري بالعملات الوطنية والاستغناء عن الدولار الأمريكي أو اليورو الأوروبي عملة الاتحاد الأوروبي وهو مجهود مصري في إطار المساهمة المصرية في الثورة العالمية الجارية لإنزال الدولار الأمريكي من عرش الكوكب باعتبارة العملة الأكثر انتشارا والعملة الرسمية لحركة التجارة العالمية، الانضمام لبريكس ليس بسبب بنك التنمية أو عملة بريكس أو حتي التعامل بالتبادل بالعملة الوطنية فقط ، لكن هناك مزايا كثيرة. أول المزايا أن مصر بعد ٣٠ يوليو ٢٠١٣ قررت أن تصبح قطبا دوليا وليس دولة تابعة لأي قطب أو تجمع أو معسكر وحتي تصل لتلك الحالة لابد من علاقات متوازنة مع كافة المعسكرات وعدم الغياب عن أحدهما والتواجد في آخر.وبحكم انتهاء الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي مصر استمرت أربع عقود تقريبا علاقتها الاقتصادية مع المعسكر الغربي، ولكن الآن المعسكر الشرقي أسس تجمعا قويا فلابد أن نكون جزءً منه كي نصل للتوازن المطلوب في علاقتنا بين الشرق والغرب المبهر حديث أغلبية المثقفين والكتاب والمفكرين والمعارضين من قبل أن مصر لابد من خروجها من سيطرة العولمة والاقتصاد الغربي والأمريكي و الآن هم في صمت تام لم نسمع صوتهم أو نقرأ لهم عن بريكس وعن التوجه المصري الجديد إلى الشرق وإلي روسيا والصين. ولا نجد غير بعضهم يردد إسكريبتات أمريكية " ابقوا خلي روسيا والصين تنفعكم ". المكسب الثاني هو زيادة التبادل التجاري بين مصر ودول بريكس كما وكيفا ، بالطبع هناك أولوية في البضائع والاستثمارات في تنفيذ مشروعات واستثمار على أرض مصر حيث تتميز بوجود قناة السويس واتفاقيات مع روسيا والصين والهند بخصوص التواجد في المنطقة الاقتصادية ومحور قناة السويس عمليا سيحول مصر إلى رئة تجمع بريكس وعمودها الفقري لأن روسيا والصين والهند في حاجة قوية لشريان تجاري وموقع إستراتيجي مثل قناة السويس وبذلك نصل لفهم التوتر الأمريكي من تجمع بريكس أو التوتر الغربي عموما من وجود مصر في هذا التجمع ، الغرب بدأ في تنفيذ خطة لعمل توازن تجاري مع الصين وعندما تشرع بكين لعمل تجارة أو استثمار في منطقة ما فالغرب يحاول عمل استثمارات أكثر في ذات المنطقة وبالتالي فمصر عندما تتجه شرقا فإنها تكسب من الغرب أيضا، نعم تكسب عندما يحاول الغرب أن يرضي مصر حتي لا يخسرها وتصبح حليف للشرق دون أن يكون للغرب وجود في منطقة حيوية كمحور قناة السويس. كل المكاسب تترجم إلى أرقام أو إلى أموال تتدفق للسوق المصري سواء ذهبت إلى خزانة الدولة جراء العمل في المنطقة الاقتصادية للقناة ورسوم العبور والاستثمارات أو للشعب ممثل بالعاملين في المصانع والمشاريع الجديدة التي سيأتي إليها مستثمرين من دول بريكس ويدفعون فيها ايجار ومرتبات وضرائب ورسوم وموصلات وفواتير كهرباء ومياه وغاز. والملاحظ أن بعض القوي الأقليمية أو حتي المليشيات والجماعات المنظمة والتي يقول البعض إنها سحبت البساط من مصر أو تنافس الدور المصري ففي تلك المخططات العالمية الجديدة ينعدم دورها نهائيا ولانجد لها أي أهمية، لأن العالم لا يدار باللجان الإلكترونية و"ردح" السوشيال ميديا. العالم يدار بالإنجازات الحقيقية والمشاريع التي لا تتوقف والتعمير والتطوير وثورة التشغيل والذي يجب أن يفهمه الجميع إننا لابد من مواصلة الليل بالنهار من أجل ذلك. والعكس مفزع من يقف أمامة سوف يدهس وينسي ، وحاليا ليس هناك صف ثالث ولأن الأزمات الاقتصادية الدولية تأكل الأخضر واليابس فمن الضروري أن يكون لدينا ثورة صناعية مثل ما تقوم به مصر، وضرورة وجود شبكة تجارة ضخمة مع الشرق والغرب والعدو قبل الصديق إن أمكن وبالتالي انضمام مصر للبريكس تمثل شهادة جودة، لأنها خلال ١٠ سنوات استطاعة فيها سن سياسة جديدة فيها توازن وندية مع الشرق والغرب و حسمت المباريات الإقليمية الاقتصادية لصالحنا. ومصر اليوم شريك أساسي مع الصين وروسيا والهند والبرازيل والأجنتين في ثورة عالمية للتخلص من الدولار وتفكيك الدور العالمي للدولار وإسقاطه من على عرش عملات الكوكب وأن مصر تسعى إلي تنويع العملة الصعبة، وأن يكون هناك سلة عملات مع عدم الاعتماد على الدولار، وفي نفس الوقت تعمل في ملف احتياطي للثروة المعدنية ونقصد هنا ملف الذهب مصر مؤمنة اقتصاديا واستثماريا وعملة وذهب ، والخير قادم إن شاء وعلي المصريين فقط العمل الجاد.حفظ الله مصر وجعلها في أمان واستقرار ورخاء إلى الأبد.
Dr.Randa
Dr.Radwa