الجمعة 27 سبتمبر 2024

أزمة اسمها تتجوزى جوزى ؟!

26-9-2017 | 12:51

تحقيق : نيرمن طارق

«الغيرة » صفة اشتهرت بها المرأة على مر العصور وكانت بمثابة الشرارة الأولى للخلافات الزوجية، إلى أن ظهرت مؤخراً حملات نسائية تحمل في باطنها مطالبة النساء بالتخلى عن تلك الصفة، وكانت البداية عندما طالبت الإعلامية منى أبوشنب عبر صفحتها الشخصية بتعدد الزوجات، لكن يبدو أن الأمر لم يقف عند هذا الحد حيث أطلقت رانيا هاشم حملة «زوجى زوجك » لتأييد التعدد كمحاولة للحد من ظاهرة العنوسة وانتشار الخيانة الزوجية، لكن السؤال الذى يطرح نفسه، هل تقبل المرأة بالبحث عن عروس لزوجها؟ ومن هو الرجل الذى يكلف زوجته بمهمة البحث عن عروسة؟

فى البداية تقول شيرين نبيل ربة منزل: هناك جارة لى كانت تبحث عن عروس لزوجها لأنه هددها بالطاق إذا لم تختر له زوجة أخرى، ونظرا لأنها غير عاملة وليس لها مأوى غير منزل الزوجية رضخت لمطالبه، لذا أرى أن المرأة لن تقبل بهذا الأمر إلا رغما عن إرادتها.

وتقول هدى عبدالحى، أخصائية اجتماعية: المرأة التى تحب زوجها لن تقبل برؤيته مع غيرها، لكن إذا كان هناك خ افات ل زوجية بينهما فقد ترحب المرأة بارتباط زوجها بأخرى، وهذا ما لمسته من صديقتى التى رحبت بزواج شريكها حتى تتخلص من صوته المرتفع وإهانته المستمرة.

وتساءلت داليا يونس مهندسة زراعية: كيف أقبل بارتباط زوجى بامرأة أخرى وأنا أغضب منه إذا أبدى إعجابه بممثلة أو مطربة ما؟ وترى أن المرأة التى تقبل بالبحث عن عروس لزوجها هى ضعيفة وتستحق الخيانة، وأشارت فضيلة سليمان، ربة منزل إلى أن معظم الرجال فى الوقت الحالى يعجزون عن تلبية احتياجات بيت واحد بسبب غاء الأسعار، وتساءلت: كيف يستطيع الرجل الإنفاق على أكثر من بيت، أم أنه سيطلب من زوجته أن تعمل لتساعده على الزواج من أخرى؟

كرامة المرأة

أما عبير محمد، أخصائية تسويق فترى أن المرأة السوية هى التى تثور وتطلب الطاق إذا تزوج زوجها حفظاً لكرامتها، وأن من تبحث لزوجها عن عروس مختلة عقليا، بينما ترى مها محمود، طبيبة أسنان أن هذه الحملة ليست الحل للقضاء على العنوسة لأن هذا سيؤدى إلى الخلل المادى فى الأسرة وارتفاع نسب الطاق، لكن ينبغى مساعدة الشباب غير القادرين ماديا وإعانتهم على الزواج.

وتقول صفاء على، خبيرة تجميل: عندما قال زوجى مازحاً إنه ينوى الزواج قلت له أن مصيره سيكون مثل مصير زوج نبيلة عبيد فى فيلم المرأة والساطور، وهذا رد فعل طبيعى لأن تفضيل الرجل لامرأة غير زوجته يقلل من كرامتها، فكيف نطالب السيدات بتزويج أزواجهن؟

زوجة من اختيارى

وتذكر هدير شريف، محامية موقف تعرضت له فى أحد المساجد قائلة: طلبت منى امرأة منتقبة فى أحد المساجد ذات مرة الارتباط بزوجها، وعندما أبديت لها تعجبى من موقفها قالت لى: إنه يريد الزواج بأخرى وسيفعل ذلك سواء رفضت أو قبلت، لذا عندما تكون العروس من اختيارى أفضل من أن تكون من اختيار والدته أو شقيقته. وهاجمت فاطمة مصطفى ربة منزل حملة «زوجى زوجك » واصفة إياها بالرجعية والتخلف قائلة: هناك من يريد أن يجعل المرأة المصرية تقبل بالإهانة والرجعية وهذا لن يحدث أبدا.

ضد المنطق

بعد استعراض آراء الزوجات بالحملة كيف يرى علماء النفس والاجتماع سلوكيات أصحاب ومؤيدى تلك الدعوات، وهل سيقبل بها المجتمع بحجة القضاء على العنوسة؟ تقول بسمة سليم، خبيرة التنمية البشرية: هذه الحملة غير منطقية ومن يروجون لها لا يبحثون سوى عن الظهور الإعلامى، لأن الكثير من الزوجات يعانين تقصير الأزواج فى الواجبات الزوجية بسبب الضغوط المادية، فكيف نطالب بزواج الرجل من أخرى فى الوقت الذى لا يستطيع فيه أداء واجباته تجاه أسرة واحدة، وأرى أن من تدعم تلك الحملة تعرضت  «غسيل مخ » ولديها قناعة بأن تزويج زوجها بابها لدخول الجنة، ولن تدعم تلك الحملة سوى امرأة هزيلة لا تستطيع الحفاظ على كرامتها، أو أخرى تبحث عن الزواج فقط وترفع شعار «ظل راجل .»

غطاء دينى

ويقول د. جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة: تحمل هذه الحملة غطاء دينيا من قبل شخصيات تغلف أغراضها ورغباتها بفهمها الخاطئ لأحكام الدين، كما تعمل على إهدار الثقافة المصرية التى تقدس الأسرة والترابط بين الزوج ، وأرى أن الرجل الذى يطلب من زوجته البحث له عن عروس شخصية سيادية، يجد متعته فى تعذيب غيره، وقد يكون نجح فى السيطرة على عقلية زوجته باسم الدين أو ترهيبها بطردها فى الشارع، ولا شك أن الزوجة التى تقدم على تلك الخطوة من أجل إرضاء زوجها تعرضت لعنف جنسى ولفظى من قبل زوجها.

الزوج ملكية خاصة

أما د. جمال حماد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية فيقول: لن تقبل ثقافة المجتمع المصرى بالتعدد مثل المجتمع الخليجى، لأن المرأة المصرية تعتبر زوجها ملكية خاصة، وهذه الدعوات تدل على الانحدار الثقافى، ومن الأفضل استخدام صفحات التواصل الاجتماعى للدعوة لتنظيف الشوارع ونشر العادات الإيجابية، لأن الزواج الثانى لن يمنع الخيانة الزوجية فهناك من يتزوج أكثر من مرة لكنه لا يتوقف عن الخيانة، فالإقلاع عن هذه العادة يتطلب  قناعة دينية وليس تعدد الزوجات.