قال الدكتور محمد يحيى ناصف رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة لتعليم الكبار، إن هناك علاقة بين الأمية وانعكاساتها على الأمن الوطني.
وأشار "ناصف" أنه يُعرف الأمن بأنه الشعور بالحماية والشعور بالتحرر من الخطر والخوف والقلق والقمع والعنف غير المبرر، ويتجلى مفهوم الأمن الوطني في أبسط معانيه وصوره في قدرات الحكومة داخل الدولة على تلبية الاحتياجات المرتبطة بشعبها مثل: الجوع والفقر والأمية والبطالة وعدم المساواة والظلم، فقضية الأمية تتشابك مع العديد من القضايا الأخرى مثل: الفقر والجوع والبطالة فكل منهما يؤثر ويتأثر بالأخر، ومن ثم فإن الأمن الوطني يتمثل في شعور الناس داخل الدولة بالحماية من الخوف والقلق والعنف والقمع والقيود غير المبررة، ويُعرف مفهوم الأمية بضعف قدرات الأفراد على القراءة والكتابة والحساب، وكذلك ضعف قدراتهم على تعديل سلوكياتهم كي تتوافق مع المعايير الحديثة للمجتمع، أو وضعف قدراتهم على التفكير والتصرف بصورة مدنية تتوافق مع منظومة القيم التي يقرها المجتمع وتتوافق عليها الجماعة.
يُعد القضاء على الأمية هو نقطة البدء الحقيقية لمواجهة كل التحديات والعقبات التي تواجه المجتمع المصري للعبور نحو المستقبل بخطى ثابتة تحقق ما نصبو إليه القيادة السياسية في الجمهورية الجديدة، وهذا ما أكدت علية مدير عام اليونسكو إيرني بكوفا عام [2015] عندما قالت "إن مستقبل أي دولة يبدأ بالقضاء على الأمية" فالقضاء على الأمية يساهم في تحقيق المواطنة النشطة، وتحقيق المشاركة الديمقراطية، وتعزيز الأمن الوطني في العديد من المجالات.لقد توسع مفهوم الأمن الوطني وأصبح يشمل: الأمن السياسي، والأمن الاجتماعي، والأمن الاقتصادي، والأمن البيئي، والأمن الغذائي.
وأوضح "ناصف" أن كل نمط من هذه الأنماط له علاقة بالأمية وانعكاساتها على الأمن الوطني.
وأردف "ناصف" فيما يتعلق بتعزيز الأمن السياسي، يُساهم القضاء على الأمية في تعزيز الأمن السياسي من خلال تعزيز المشاركة السياسية والديمقراطية للأفراد داخل المجتمع،وتعزيز الوعي المدني، كما يُمكن القضاء على الأمية الأفراد من المشاركة بنشاط في تحديد سياسات البلاد، واتخاذ القرارات المهمة، حيث يحتاج المواطنون إلى فهم المعلومات، والوثائق الرسمية، مثل: الدستور والقوانين والسياسات العامة، والقدرة على التعبير عن آرائهم، والمشاركة في العملية السياسية، مما يكون له أكبر الأثر في تعزيز الأمن الوطني في البلاد.
ويؤثر عدم القضاء على الأمية في الانتماء والتعاطف الوطني والاستقرار السياسي والأمن الوطني، فضعف قدرات الشخص الأمي على قراءة وفهم النصوص والرموز الوطنية، مثل: الدستور والمؤسسات الحكومية والشعارات الوطنية، سوف يقلل من شعور الفرد بالانتماء والولاء للدولة، فالأفراد الأميون قد يواجهون صعوبة في تطوير انتمائهم الوطني والتعاطف مع قضايا الأمن الوطني.
ويُمكن القضاء على الأمية من مساعدة الأفراد داخل المجتمع على فهم التحديات الأمنية التي تواجه البلدان، حيث يحتاج الأفراد إلى القدرة على قراءة وفهم المعلومات الأمنية والتعامل معها بشكل فعال، سواء كان ذلك في مجال الأمن الداخلي أو الأمن الدولي، فالأفراد الأميون قد يكونوا أقل قدرة من المتعلمين على فهم وتقييم التحديات والمخاطر الأمنية المحيطة بهم، مما قد يؤثر على قدراتهم على المشاركة الفعالة في جهود الأمن الوطني.
وفيما يتعلق بمحور تعزيز الأمن الاجتماعي، فأشار رئيس محو الأمية، بانه يُساهم القضاء على الأمية في الاستقرار الاجتماعي، حيث ترتبط الأمية بعدم المساواة الاجتماعية وعدم الاستقرار الاجتماعي، فالأميون قد يواجهون تحديات في التفاعل الاجتماعي والتواصل الفعال مع الآخرين، وهذا يمكن أن يؤدي إلى انعدام الثقة والتوتر الاجتماعي وزيادة الاضطرابات الاجتماعية، والمشكلات الأمنية، التي تنعكس لا محالة على الأمن الوطني.
ويُساعد القضاء على الأمية في الحد من الانقسامات المجتمعية وإزالة الفجوات بين الطبقات في المجتمع وتقريب وجهات النظر، والحد من الاستثارة الاجتماعية والحد من تفاقم الصراعات بين الطبقات داخل المجتمع، وتقليل معدلات الاضطرابات الداخلية، فالأمية تقف حجر عثرة أمام أصحابها في الحد من قدراتهم على فهم التحديات والتهديدات الأمنية، مثل: العمليات الإرهابية والجريمة المنظمة، والتطرف العنيف، بالتالي تحتاج الدول إلى مواطنين متعلمين قادرين على التعامل مع هذه التحديات والمشاركة في جهود الأمن والدفاع الوطني.
اما محور تعزيز الأمن الصحي، وحسب رئيس جهاز محو الأمية فانه يساهم القضاء على الأمية في تعزيز الأمن الصحي للأفراد داخل المجتمع، بهدف توفير الحماية والسلامة الصحية للفرد والمجتمع بصورة شاملة لجميع الأفراد بغض النظر عن الدخل أو المكانة الاجتماعية، وكذلك توفير الخدمات الصحية الجيدة والوصول العادل إلى الرعاية الصحية، وكذلك توعية وتثقيف الأشخاص الأميين بالأمراض والمخاطر الصحية الناجمة عنها ذلك من خلال توفير المعلومات الدقيقة والموثوقة حول الصحة والنظافة الشخصية والتغذية الصحية وأنماط الحياة الصحية، وكيفية مجابهة التحديات الصحية الكبيرة مثل: الأوبئة والأمراض المزمنة، والكوارث الصحية، والتعرف المبكر على الأمراض ومراقبتها والتصدي لها بصورة سريعة وفعالة، وتوفير الرعاية اللازمة للمتأثرين واتخاذ التدابير الوقائية لمنع انتشار الأمراض، وأذكر عندما توجهت بسؤال إلى سيدة لماذا تلتحقين بفصول محو الأمية قالت: عندما كتب الدكتور دهان لخالتي فقامت بشربه وتوفاها الله عندها أدرجت الفرق وأهمية التعليم. إن الأمن الصحي جزء لا يتجرأ من الأمن الوطني ويعتبر أساسًا مهمًا لتحقيق التنمية المستدامة وازدهار المجتمعات، حيث يؤثر على جودة الحياة وقدرة الأفراد على العمل والإنتاج، والمشاركة الفاعلة في المجتمع، وفي وجود الأمية تتلاشي كل هذه الجهود.
ويعد محور تعزيزالأمن الاقتصادي ، من المحاور الهامة وتعتبر الأمية عائقًا رئيسيًا أمام التنمية الاقتصادية المستدامة، الأفراد الأميون يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على فرص العمل المناسبة التي تحقق لهم دخل مستدام،نظرًا لصعوبة القدرة على قراءة وفهم تعليمات العمل والتواصل مع الزملاء والعملاء والتي تُعد من أهم المتطلبات الضرورية لشغل الوظائف؛ ومن ثم تؤثر هذه الأمية الاقتصادية سلبًا على المشروعات الاقتصادية والاستثمارات والتنمية المستدامة في البلدان، وكلها عوامل تنعكس سلبًا على الأمن الوطني، وبالتالي، قد تتزايد مستويات الفقر والبطالة وعدم المساواة الاجتماعية بين طبقات المجتمع مما يؤثر بصورة سلبية على الاستقرار الاقتصادي وعلى قدرة الدولة على توفير الخدمات الأمنية بهدف الحفاظ على الأمن الوطني.
واختتم " ناصف " تصريحاته مؤكدا أن محور تعزيز الأمن البيئي من المحاور الهامة، حيث يسبب عدم القضاء على الأمية الكثير من التحديات التي تنعكس على الأمن الوطني، حيث أصبح مفهوم الأمن الوطني مرهونًا بقدراته على مواجهة التهديدات البيئية الناجمة عن التغيرات المناخية من رياح، وأعاصير وأمطار، وفيضانات، ...الخ، حيث تمتد تأثيرات هذه التغيرات المناخية إلى الأمن الوطني، مما جعل العديد من الدولة المتقدمة والنامية المخاطر البيئية على الأجندة الأمنية التي تهدد الأمن الوطني للدولة، وتم إطفاء الطابع الأمني على هذه المخاطر البيئية؛ مما يتطلب الأمر دائما إعادة ترتيب الأجندة الأمنية وفقًا لمقتضيات التهديدات غير التقليدية.
.