الجمعة 24 مايو 2024

"ذي أتلانتك كاونسل": هناك حاجة لمسار "ملموس" لانضمام أوكرانيا إلى الناتو!

حلف شمال الأطلسي (ناتو)

عرب وعالم8-7-2023 | 11:17

دار الهلال

مع استمرار أوكرانيا في دفاعها الحازم ضد العملية العسكرية الروسية، تبدو دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) مستعدة في القمة التي تستضيفها العاصمة الليتوانية (فيلنيوس) يومي 11 و12 يوليو الجاري؛ لاتخاذ خطوتين مهمتين لتوفير الأمن لأوكرانيا على المدى الطويل. فمن المتوقع أن يؤكد حلف الناتو على تعهده الدائم بدعم أوكرانيا بالسلاح، مع رفع مستوى اللجنة المشتركة بين الناتو وأوكرانيا إلى "مجلس"؛ لتوفير آلية استشارية أكثر تنظيما وفعالية .

وذكر مركز "ذي أتلانتيك كاونسل" الأمريكي المتخصص في الدراسات الاستراتيجية والأمنية التابع لحلف الناتو، أن هناك حاجة ماسة أيضا إلى اتخاذ خطوة ثالثة، تتمثل في إنشاء مسار "ملموس" لأوكرانيا للانضمام إلى الحلف، خاصة وأن أشكال الردع الأخرى فشلت مرتين في حالة أوكرانيا منذ عام 2014، وأن عضوية الناتو هي عامل الردع الوحيد القادر على الوقوف أمام أي تحديات أو تهديدات مستقبلية لأوكرانيا.

وأضاف المركز أنه بالرغم من وجود عقبات يجب التغلب عليها قبل منح كييف هذه العضوية، ومن بينها أن أوكرانيا في حالة حرب (مع روسيا) وأن القوات الروسية تحتل جزءا من أراضيها المعترف بها دوليا، إلا أن إنشاء مسار ملموس خلال قمة فيلنيوس للعضوية المستقبلية أمر بالغ الأهمية لتعزيز الروح المعنوية الأوكرانية خلال هجومها المضاد الصعب، وتقوية موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مع روسيا. كما أن إنشاء هذا المسار سيعزز مصداقية حلف الناتو من خلال اتخاذ خطوة طال انتظارها نحو مسار العضوية، وبما يتفق مع بيانه عام 2008 بأن أوكرانيا "ستصبح" عضوا في الناتو.

وأشار المركز الأمريكي إلى أنه مع اقتراب انعقاد قمة فيلنيوس بعد أيام قليلة، ماتزال الخلافات قائمة بين الحلفاء حول تطلعات أوكرانيا بالحصول على العضوية، وأن هذه الخلافات تحتاج إلى حل. ويرى المركز أن هناك طريقة للمضي قدما في هذا المسار شريطة قبولها من جميع أعضاء الناتو، حيث يجب أن تنشئ قمة فيلنيوس مجموعة رفيعة المستوى لوضع خارطة طريق لعضوية ذات مسار سريع لأوكرانيا، وأن تكون جميع دول الناتو ممثلة في هذه المجموعة التي سترفع تقاريرها إلى الأمين العام للحلف. ويجب تسليم خارطة الطريق سالفة الذكر في موعد لا يتجاوز قمة الناتو العام المقبل في واشنطن. كما يحق للمجموعة رفيعة المستوى أن تضم إما سفراء من مجلس شمال الأطلسي أو كبار المسؤولين من الدول الأعضاء، وهو نهج اتخذه الناتو سابقا لتحليل وحل القضايا الصعبة.

في الواقع، سيسمح إنشاء هذه المجموعة –وفقا للمركز الأمريكي- بالتعامل مع الآراء المتباينة حيال مسألة انضمام أوكرانيا عبر تقديم تحليلات بديلة. كما ستتابع المجموعة مدى التزام أوكرانيا بمعايير الناتو الموحدة كشرط للعضوية والتي حققت كييف بالفعل الكثير منها، ما يشير إلى أن هذه المعايير لن تمثل عائقا معياريا أمام العضوية.

ويرى "ذي أتلانتيك كاونسل" أن أكثر مجالين تعقيدا يجب على المجموعة تقييمهما هما: قضايا الفساد واستقلال القضاء وحماية حقوق الأقليات، وحالة أو تطورات الحرب التي من شأنها أن تولد الظروف التي سيتم فيها تقديم عرض العضوية.

وفيما يتعلق بالحزمة الأولى المتعلقة بالفساد وحماية حقوق الأقليات، فإن أوكرانيا تتخذ خطوات مهمة وإن كانت هناك حاجة لمزيد من الجهود، حيث أنشأت مكتبا للمدعي العام الخاص لمكافحة الفساد، والمكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا، والمحكمة العليا لمكافحة الفساد، والمفوضية العليا للمؤهلات للقضاة (المسؤولة عن تشكيل هيئة قضائية عليا شديدة الاحتراف). وقد شارك خبراء دوليون مستقلون والمجتمع المدني في هذه الجهود، التي أثمرت، على سبيل المثال، في مواجهة رئيس المحكمة العليا في أوكرانيا تهما بالفساد تتعلق برشوة مزعومة بقيمة 2.7 مليون دولار. 

كما أجرت اللجنة الأوروبية للديمقراطية من خلال القانون المعروفة باسم (لجنة البندقية) مراجعات مكثفة لوضع حقوق الأقليات في أوكرانيا، حيث رحب تقرير يونيو 2023 "باعتماد قانون جديد طال انتظاره بشأن الأقليات القومية، والذي يوفر عددا من الضمانات بما يتماشى مع المعايير الدولية". كما ذكر التقرير أنه "لضمان التوافق التام مع هذه المعايير، ينبغي إعادة النظر في عدد من أحكام هذا القانون".

وتتضمن الحزمة الأخرى من القضايا الأكثر تعقيدا أمام المجموعة رفيعة المستوى المقترح إنشاؤها في قمة فيلنيوس، في تحديد وضع وحالة النزاع الذي سيتم على أساسه تقديم عرض العضوية لأوكرانيا. 

ويرى المركز أن أكثر الظروف المرغوبة، بالطبع، هو انتصار أوكرانيا في الحرب مع روسيا واستعادة حدود ما قبل عام 2014 وتحقيق تسوية مع روسيا. وإذا حدث ذلك قبيل موعد قمة الناتو بواشنطن في العام القادم، فستكون هناك أسباب قوية للحلف لتقديم عرض العضوية. 

ومع ذلك، وبالنظر إلى حالة عدم اليقين بشأن الحرب، سيكون من المفيد أيضا تقييم ظرفين آخرين على الأقل، وهما: أولا، يمكن أن تنجح أوكرانيا في تحقيق سيطرة كبيرة على جزء كبير من أراضيها. وقد تنظر المجموعة فيما إذا كان ينبغي النظر في العضوية بضمان يغطي هذا الجزء من الإقليم فقط أم لا؟! هذا الخيار من المرجح أن يكون أكثر وضوحا قبيل قمة واشنطن العام المقبل. 

أما الظرف الثاني، فيتمثل في نجاح أوكرانيا تماما -أو بشكل كبير جدا- في استعادة حدودها ما قبل عام 2014، ولكن روسيا تواصل هجمات متفرقة أو منخفضة المستوى، وبالتالي فإن الصراع قد تضاءل إلى حد ما ولكنه لم ينته. ويمكن للمجموعة رفيعة المستوى حينئذ تقديم توصيات حول ما إذا كان ينبغي تقديم عرض العضوية في مثل هذه الظروف أم لا؟!

باختصار، يجب على رؤساء الدول والحكومات إنشاء مجموعة رفيعة المستوى في فيلنيوس تكون مكلفة بتقديم تقييم للقضايا الرئيسية التي تؤثر على عضوية أوكرانيا المحتملة وتقديم توصيات محددة في قمة واشنطن العام المقبل تشكل المسار "الملموس" لهذه العضوية. وسيكون تشكيل هذه المجموعة خطوة مهمة للأمام سياسيا بالنسبة لأوكرانيا. كما أنها تعتبر تسوية مناسبة بين أولئك الذين يريدون تقديم عرض العضوية الفوري وأولئك الذين يفضلون تجنب مسألة العضوية حتى تسوية الحرب.