يتساءل الكثير من الآباء والأمهات كيف نربي أطفالنا فى ظل المتغيرات الثقافية الحالية وظروف الحياة القاسية والضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وهل يصلح معهم الأسلوب الذي تربى عليه جيل الآباء والأمهات أم ينبغي أن نعيد النظر فيه لتكون علاقتنا بأطفالنا جيدة ويُلح سؤال مهم كيف ينبغي أن تكون التربية ؟
فتقول الدكتورة ميرفت ميرغـني مدرس مناهج وطرق تدريس تربية الطفل، إن التربية عملية نمو وفهمنا لآلية النمو عند الطفل ومظاهره وأنواعه سواء كان نموًا جسديًا، معرفيًا عقليًا، انفعاليًا، اجتماعيًا، أو أخلاقيًا، وفي كل مرحلة يجب معرفة متطلبات هذا النمو واحترام الفروق الفردية التي تكون بين أطفال المرحلة العمرية الواحدة، وقد عَرف الفلاسفة والعلماء قديمًا مثل "أفلاطون" التربية فقال: (إنّ التربية هي أن تضفي على الجسم والنّفس كل جمال وكمال ممكن لها) وعرفها هربرت سبنسر أنها (إعداد الفرد ليحيى حياةً كاملةً).
التربية بالحب أسمى مراتب التربية
تقول «ميرغني»، إن أفضل طرق التربية العلمية والعملية، هي التي تتخذ من الحب منهجاً للتربية، وهى أعلى مرتبةً وأبقى أثرًا وأحسنُ نتيجةً من سائر أنواع التربية وألوانها، ومَنْ مارسَ مع أطفاله التربيةَ بالحب؛ حَصَدَ فيهم الرحمةَ والعطف والبر.
وتُعرف التربية بالحب بأنها أسلوب يعتمد على استخدام المشاعر والأحاسيس أثناء عملية تكوين الفرد ذاتيًا ومجتمعيًا، واكتساب الخبرة الحياتية بأساليب ودودة ومحبة بعيدًا عن العنف، بجميع أشكاله وممارساته، بغرض خلق إنسان متوازن، يتمتع بصحة نفسية، يدرك حقوقه ويدافع عنها، ويقوم بواجباته كمواطن فعال في مجتمعه.
وتضيف بأن هناك فرقًا في معنى الحب بين الحب الفطري الذي فطر الله الوالدين على محبة طفلهما، وجعله ثمرة الفؤاد وقرة العين وهو مقترن بالثقافة التقليدية وأحيانًا كثيرة يكون حبيسًا داخل صدور الآباء والأمهات ولا يظهرونه لأطفالهم ولا يعبّرون عنه قولا أو فعلا؛ مما يضعف جسور الارتباط والصلة بين الطفل وأسرته، ويفوت على الطرفين الاستمتاع بهذه العاطفة الرائعة، وبين الحب المقترن بالمعرفة العلمية والثقافة الحديثة
فالنوع الثاني المقترن بالمعرفة العلمية يحتاج إلى تدريب على التواصل مع الطفل بشكل روحاني سليم وأن يشعر أني أقدره وأقدر شخصيته وأحترمه كما هو بمشاكله، عفويته، تعبه، نجاحه، إخفاقه، أتقبله بكل حالاته، فاحتواء مشاعر الأطفال وتقبلها تمنح الطفل القدرة على تقبل مشاعره و التعبير عنها وبالتالي تجاوزها دون أن تتسبب بالأذى في نفسيته.
وتضيف أن هذا المنهج يحث الأمهات والآباء والمربين على إعادة تأهيل أنفسهم، وتدريبها للتخلص من السلبيات العالقة بشخصياتهم، وأساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة، وذلك عن طريق جلسة صادقة مع النفس بالاعتراف صراحة أن كثيرًا من الأشياء التي زرعها المجتمع فيهم كأفراد موروثات وعادات وتقاليد، تحمل أخطاءً وحان وقت إصلاحها.