قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إن غالبية سكان الضواحي الفرنسية أظهرت عداءً كبيرًا تجاه وسائل الإعلام، حيث عبَّر بعضهم عن عدم ثقته بالصحفيين على خلفية أحداث الشغب عقب مقتل الفتى نائل برصاص شرطي بضاحية نانتير الباريسية.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها، أن الصحفيين والمصورين وصلوا من جميع أنحاء فرنسا وخارجها إلى شارع بابلو بيكاسو، الشارع الرئيسي بضاحية نانتير، في وقت متأخر من الصباح بعد مقتل الفتى نائل، حيث عاينت آثار أعمال الشغب فيما وضعت شعارات على الجدران "العدالة لنائل".
ومع تصاعد التوتر كان من المقرر أن تغادر المسيرة التي نُظمت تكريمًا لنائل الحيَّ الساعة الثانية بعد الظهر، و قبل ذلك بدقائق قليلة، سمعت صحيفة "لوموند" أن بعض الشبان أعطوا تعليمات لسرقة معدات الصحفيين. وقال مراهق (14 عامًا) "إذا شاهدك أحدهم تقوم بالتصوير، فسوف يضايقونك".
وعلى طول شارع بابلو بيكاسو، كان الشبان يراقب بعضهم بعضًأ، فيما تعرَّض 18 صحفيًّا وفنيًّا للاعتداء أثناء تغطيتهم لأعمال الشغب. وسلطت ردود الفعل على وفاة نائل الضوء على انعدام الثقة في الصحفيين، كما هي الحال أيضًا أثناء الاشتباكات مع حركة السترات الصفراء، إذ تعرَّض 18 صحفيًّا وفنيًّا للاعتداء أثناء تغطيتهم لأعمال الشغب.
وبعد ثلاثة أيام من المسيرة، غادرت معظم الكاميرات الحي، وتجمع سكان بابلو بيكاسو صباح يوم الأحد أمام مطعم "Le 35" في منطقة التسوق في مشروع الإسكان، وقال أحدهم "الصحفيون يحصدون، ويغيرون، ثم يخبرون، هذا كل شيء، لا مزيد من الحديث".
وبعد أيام قليلة من المسيرة، وافقت مديرة منظمة حي "Authenti-Cité"، لبنى بينزي، على التحدث إلى "لوموند" عن المتطوعين الشباب الذين يساعدون المنظمة بشكل يومي، وعن غضبهم الشديد من وسائل الإعلام. فيما تساءل أحدهم: "لماذا لا يأتي هؤلاء الصحفيون إلا عندما تحدث الأشياء؟، لفهم ملابسات حدوث شيء ما، يجب أن تكونوا هناك عندما لا يحدث شيء".
لكن هناك أيضًا واقع آخر يشترك فيه السكان بتواضع كبير وأحيانًا بالحرج، يتحدثون عن الأطفال الذين ليس لديهم سوى بدلة رياضية يرتدونها، وعن الفئران في ملاعب الأطفال، وهناك الكثير من الحديث عن العنصرية، وعن مواقف ضابط الشرطة في وصف عمليات التحقق من الهوية، تظهر الكلمة ذاتها مرارًا وتكرارًا: "إذلال". من جانبه، قال الناشط و المناهض للعنصرية ومؤسس حركة الهجرة والضواحي، نور الدين إزناسني لـ "لوموند": "ربما أكون غير لطيف مع الصحفيين، لم أستطع أن أفهم لماذا يقدمون دائمًا نسخة الشرطة".
وقالت الصحيفة، إن الشاب محمد رفض الإجابة عن أي سؤال، لكنه أراد أن يطلعنا على مقاطع الفيديو التي نشرها على تطبيق "سناب شات" خلال أعمال الشغب، مشددًا على أن وسائل التواصل الاجتماعي هي وسيلة لمشاركة وجهة نظرهم حول الأحداث. وقالت ياسمينة في مكاتب "أوثنتي سيتي": "مراسلو الحي الذين يسهرون طوال الليل، موجودون هناك لمواجهة التضليل الإعلامي".
من جانبها، قالت كلير فيداليت، معلمة التاريخ والجغرافيا في مدرسة ليسيه جوليو كوري في نانتير، التي تنظم دورات تعليمية لوسائل الإعلام: "إنهم مقتنعون بأن أخبار وسائل التواصل الاجتماعي هي التي تسود على أخبار الصحافة التقليدية".