الأربعاء 15 مايو 2024

الدور الفاعل للشباب في الأحزاب السياسية


د. شريف درويش اللبان

مقالات10-7-2023 | 17:06

د. شريف درويش اللبان

أجرت الباحثة وفاء براد جلال عبد الصادق بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج رسالة ماجستير مهمة شاركتُ في مناقشتها وعنوانها: "دور المواقع الإخبارية في تشكيل اتجاهات الشباب نحو الأحزاب السياسية بعد ثورة 25 يناير2011".

وقد أجرت الباحثة مقابلات علمية مقننة مع بعض القيادات الحزبية، حيث أوضحت هذه المقابلات أنه فيما يتعلق بتأثير وجود الشباب داخل الأحزاب السياسية و دورهم  داخل الحزب، أن للشباب دورًا غير مؤثر داخل الأحزاب السياسية قبل ثورة2011، إلا أن هذا الدور تغير وأصبح للشباب دور مهم ومحوري داخل الأحزاب السياسية بعد الثورة؛ لما أثبته الشباب من أنهم قادرون على التغيير، فأصبح أغلب الشباب من أبرز قيادات الأحزاب بعد الثورة، بل أصبح بعض الشباب رؤساء لبعض الأحزاب، ويتعاظم دور الشباب داخل الأحزاب يومًا بعد يوم، وأصبح لدى بعض الأحزاب لجنة نوعية للشباب، كذلك فاعليات الحزب يقوم بها شباب الحزب من حيث الفكر والتنفيذ، كما أن الشباب داخل أي حزب هم الدماء الجديدة القادرة على الحركة والتفاعل في العمل السياسي الحزبي، وإن كان بعض الأحزاب لا تفسح مجالاً كبيرًا في حجم عضوية الشباب لأن عنصر الجذب للانضمام هي ما يقدمه الحزب من أنشطة شبابية.

كما أشارت نتائج المقابلات حول حجم تواجد الشباب في مستويات القيادة العليا للأحزاب عن وجود الشباب في الأحزاب في مستويات القيادة، فعلى مستوى الهيئة العليا والتي هي أعلى مؤسسات الحزب يوجد خمسة شباب داخلها، كذلك هناك لجنة فرعية للشباب تعد أهم اللجان النوعية والمؤثرة في الحزب، كذلك يوجد في كل محافظة رئيس شباب للحزب، ولا تؤخذ قرارات تتعلق بالحزب أو بالشباب إلا بمشاورة الشباب فيها، كما أن الشباب لا يدخلون القيادة العليا كأفراد وإنما كقيادة تمثل شباب الحزب المنظم في اتحاد الشباب، فأمين الشباب عضو بالأمانة العامة والمكتب السياسي للحزب والمكتب التنفيذي للشباب كاملاً عضواً باللجنة المركزية للحزب.

وكشفت نتائج المقابلات حول تشكيل اتجاهات الشباب من خلال الموقع الإلكتروني للحزب أن الموقع الإلكتروني للحزب يقوم بدور فعال لصالح الحزب عموماً وبدور تنويري لصالح الشباب خصوصاً من حيث تعليم الشباب وإطلاعهم أولا بأول على الأحداث والمستجدات والقرارات بالحزب وكذلك تنوع الأخبار التي تهم الشباب سياسيا وثقافيًا، إضافة إلى أن الموقع الإلكتروني للحزب يقدم الشباب التحليل السياسي، ونشر أخبار الحزب وتنظيماته المحلية بالمحافظات وكذلك الكتب الإلكترونية المرشحة للقراءة، كما ينشر بيانات الحزب التي يشارك فيها القيادة الشبابية والشباب داخل القيادة يكتبون مقالات وينشرونها داخل الحزب والموقع له اتجاه إيجابي تجاه الشباب.

وكشفت نتائج الدراسة الدور الذي ساهمت به ثورتا 25 يناير و 30 يونيو في تعزيز دور الشباب في الأحزاب السياسية من حيث اهتمام الشباب المتزايد بالسياسة، وأقبل على الانضمام إلى الأحزاب السياسية بمختلف اتجاهاتها، وأن عددًا من الشباب بعد هاتيْن الثورتيْن الثورة اتجه للأحزاب. وكان هناك سيل من الائتلافات وأزمة بين الشباب فيمن يمثلهم، ومن هنا جاء دور الأحزاب لإيجاد كيان يصب في مصلحة جيل كامل يكفل وجود نخبة سياسية شابة لديها رؤية وتعمل على تقديم عمل سياسي جيد.

وكشفت نتائج الدراسة حول رؤية القيادات الحزبية للأداء السياسي للشباب داخل الحزب أن الأداء السياسي للشباب جيد للغاية؛ لأن حزب الوفد عريق ويحتفل هذا العام بمرور مائة عام على تأسيسه، وبالتالي لدى الحزب شباب لديهم خبرة سياسية كبيرة ظهرت في دور الحزب بشبابه في قيام ثورتي 25 يناير و30 يونيو، إضافة إلي  أن الشباب دائمًا معتز برأيه في أي موضوع يشارك فيه من الناحية الفعلية، والأحزاب هى القنوات الواضحة لممارسة الحياة السياسية، ونعول علي فكرة الكفاءة والكيف وليس الكم، ومن سيتم انتخابهم داخل المجالس المحلية قادرون علي اتخاذ قرارات فعالة، ويكون لهم لمسة وبصمة معينة، لكي نصل لكادر سياسي قوي والتجربة في هذه المرحلة لا تزال محل اختبار، وإذا لم تنجح فهو شيء كارثي في حد ذاته، وندمر تجربة جيل كامل، ونمحو أي ثقة لدي المواطنين في الشباب ومنحهم الثقة، كذلك عندما نتحدث عن مشروع الكادر السياسي نقدم رؤية لكيفية استفادة الدولة من الشباب، فنحن نقدم الطرح والرؤية، وإنجاح التجربة سيكون مسئولية المؤسسات التي ستشارك في التجربة فيما بعد.

وأظهرت نتائج الدراسة مدى قابلية شباب الأحزاب لممارسة الديمقراطية داخل الحزب أن مجرد وجود الشباب في الحزب فهو يريد ممارسة الديمقراطية، فالشباب لا يتحيز لرأي معين، فالشباب يعتد برأيه، ووجوده في حزب سياسي سيعوده مع الوقت على الممارسة في أن يقول رأيًا يختلف ولا يخالف، وميزة من مميزات الأحزاب أن يتم نشر ثقافة الاختلاف، ويؤخذ برأيه، كل البناء الهيكلي في الأحزاب يتم بالانتخاب، ويسمح لهم بالاختلاف في الرأي مع الالتزام برأي الأغلبية، وفي النهاية يقبلون بالرأي الصحيح ويلتزمون بقرار الحزب، الشباب عندما بادروا إلى الالتحاق بالعمل الحزبي، كان دافعهم الأساسي هو المحاكاة، نظرًا لوجود القدوة السياسية، حيث كانوا يَجدِون فيمن يمتهِن العمل السياسي المصداقية والنزاهة اللتيْن تُعدّان المغناطيس الجاذِب للانخراط في العمل الحزبي، وهذا الأمر أصبح –للأسف- في عصرنا الحالي شبه غائب، حيث تسيّدت الانتهازية وتحوّلت الأحزاب إلى أداة للتسلّق الطبقي والمصالحي، واقترن ذلك بالمحسوبية وعدم النزاهة.

فى ضوء ما أسفرت عنه الدراسة من نتائج قدمت الباحثة عددًا من المقترحات، حيث أوصت بضرورة اهتمام الأحزاب السياسية المصرية بالمواقع الإلكترونية شكلاً ومضمونًا لأهميتها في تشكيل اتجاهات المجتمع نحوها، وأنه على الأحزاب السياسية أن تتبنى في خطابها الإعلامي القضايا التي تمس المواطنين بشكلٍ مباشر كالقضايا الاقتصادية والاجتماعية، وأن تقدم حلولاً علمية وتبدأ بالفعل على تنفيذها، بدلاً من أن تكون هذه الحلول مجرد وعودٍ انتخابية زائفة يرتبط القيام بها في حال الفوز بمقاعد في البرلمان فقط، وأن تعكس ذلك من خلال المواقع الإلكترونية الخاصة بالأحزاب أو المواقع الإخبارية العامة، وعلى الأحزاب أن تعيد النظر في عددها الكبير والمبالغ فيه، وأن تعمل الأحزاب السياسية على الاندماج فيما بينها ليصبح لدينا 5 أو 6 أحزاب تمثل مختلف التيارات السياسية.

د. شريف درويش اللبان