الخميس 16 مايو 2024

بالصور.. متحف الزعيم يحكي تاريخ الأمة المصرية والعربية

28-9-2017 | 14:23

بعد مرور ٤٧ عاما على رحيله،  تستطيع جدران منزله أن تتحدث لتحكي تاريخ زعيم وأمة عاشا فترة من أهم فترات تاريخ مصر الحديثة،  بعدما تحولت إلى متحف يستطيع كل المصريين زيارته ومعايشة تاريخ بلادهم والتنقل بين ردهات وغرف البيت بمنطقة منشية البكري،  هناك يمكنهم الوقوف على تفاصيل حياته الشخصية والتي لا تسقط ذكراها مع تقادم التاريخ،  "الهلال اليوم" قامت بجولة داخل بيت الزعيم ومتحفه الخاص للتعرف على تفاصيل حياة الزعيم جمال عبد الناصر.

ظل طوال حياته ذو أثر بالغ في تاريخ الأمة المصرية والعربية وحتى بعد رحيله لم يفقد يوما مكانته داخل النفوس،  وطوال مرحلة شبابه لعب دورا سياسيا وثوريا لكن الدور الأكبر قام به عندما تولى مسئولية مصر خلال فترة زمنية حرجة شهدت تغييرات جذرية على مستوى الوطن العربي كانت جدران بيته شاهدة عليها، وعلى قراراته السياسية التي غيرت وجه التاريخ، وحياته الأسرية وعلاقاته بأصدقائه وحتى زيارات رؤساء الدول الرسمية، وهو ما قدمه بيت الزعيم "عبد الناصر" بعد الانتهاء من ترميمه وافتتاحه كمتحف قومي أمام الزيارة منذ ما يزيد عن عام.

داخل منزل منشية البكري عاش جمال عبد الناصر مع حب حياته السيدة تحية التي تزوجها في 29 يناير 1944 وأولاده كأسرة مصرية بسيطة، كل ركن فيه يحكي حكاية أو ذكرى، عن فرحة بالنصر أو عن حزن وقلق على مصير أمة، ذكريات عن حروب وقرارات مصيرية، بين أركانه عاش في سعادة خلال سنوات الإعلان عن الوحدة مع سوريا كما عانى من القلق الممزوج بفخر خلال سنوات حرب الاستنزاف، مشاعر تتزايد مع كل عملية عسكرية وتهدأ بعد نجاحها، ولو تكلمت جدران بيت الزعيم لحكت عن لحظة عبور أول دورية لقناة السويس بعد تأميمها، أو عن تفاصيل معركة "رأس العش" أو غرق المدمرة "إيلات"، ولكشفت لنا كيف كان يكتب خطاباته أو يدرس قراراته الثورية أو كيف يتخذ قراراته الهامة، تفاصيل كثيرة يستطيع الآن معايشتها الشعب المصري على أرض الواقع بدلا من مجرد قراءتها بين دفات الكتب،  يستطيعون التنقل بين ردهات البيت وغرفه وتأمل ما كان يحدث خلال فترة من أهم فترات مصر الحديثة.

بيت منشية البكري مكون من طابقين، الأول يضم الصالونات لاستقبال الضيوف أما الدور العلوي فهو للأسرة فقط ، يحوي غرفة معيشتهم وغرفة للطعام ، يشاهدون التلفزيون كأي أسرة مصرية ويلتفون حول مائدة الطعام وإن كان عبد الناصر يفضل أن يتحاور مع أولاده ويلعب الدومينو أو الشطرنج داخل حديقة البيت ، ورغم أنه رجل ظل طوال حياته يحمل سمات الصعيد إلا أن ذلك لم يمنعه من الاهتمام بهواياته المفضلة وولعه بالسينما والتصوير الفوتوغرافي فخصص صالة صغيرة بمنزله ليعرض فيها أفلام الـ 35 مللي السينمائية التي يفضل مشاهدتها أو تلك التي يقوم هو بتصويرها.

وبعد وفاته عام 1970 أصدر مجلس الأمة قرارا يحمل رقم (77) تتنازل فيه الدولة عن ملكية بيت منشية البكري لأسرة الزعيم الراحل طوال حياتها، على أن يتم تخصيصه فيما بعد كمتحف ومزار تخليدا لذكرى الزعيم جمال عبد الناصر وأن تلحق به مكتبة تضم أكثر من عشرين ألف كتاب، وتنفيذا للقرار قامت الأسرة بتسليم البيت للدولة بعد وفاة أرملته في عام 1990 على أمل تنفيذ القرار بتحويله إلى متحف، ومنذ ذلك التاريخ ظل البيت مهملا ومغلقا، ثم صدر قرارا آخر بعدها بسنوات بتحويل البيت إلى مكاتب تابعة لرئاسة الجمهورية وترتب على ذلك مطالبة أسرة الزعيم بنقل كل متعلقاته ومحتويات المنزل، وقبل اندلاع ثورة يناير 2011 صدر قرار آخر بتحويل بيت منشية البكري متحفا وأصبح في حيازة وزارة الثقافة حيث قام صندوق التنمية الثقافية باستلامه من رئاسة الجمهورية تمهيد لدراسة حالته الإنشائية ومن ثم ترميمه، لكن الأمر تعطل بعد ثورة يناير حتى تجدد الأمر مرة أخرى حيث خضع لعملية ترميم شاملة أقامتها القوات المسلحة تخليدا لمسيرة كفاح أحد أبنائها المخلصين ولمكانة الزعيم جمال عبد الناصر في وجدان كل مصري وعربي،  واستشعاراً بقيمة وأهمية المشروع الذي سيكون إضافة هامة على خريطة المواقع الثقافية والسياحية، خاصة وأن المتحف يوثق جزءاً هاماً من تاريخ مصر الوطني ويسرد تاريخ الزعيم الراحل وما قدمه للأمة العربية طوال فترة حكمه.

ويحوي سيناريو العرض المتحفي ثلاثة مسارات متحفية،  المسار الأول خاص بالفراغات الخاصة بالمنزل بالإضافة إلى بعض المقتنيات الشخصية الخاصة بالرئيس عبد الناصر كالبدل والملابس والتي سيتم عرضها في سياق قاعات المنزل، والمسار الثاني يعتمد على عرض متعدد الوسائط يوثق لتاريخ مصر والأحداث الهامة التي مرت خلالها في عهد الرئيس عبد الناصر بداية من ثورة 1952 مروراً بالسد العالي وتأميم القناة والعدوان الثلاثي والوحدة بين مصر وسوريا وحرب 67 وحرب الاستنزاف وغيرها من الأحداث التاريخية وحتى وفاة الزعيم عبد الناصر، ومنها تسجيلات نادرة وأفلام وثائقية وخطب تاريخية ووثائق مرتبطة بهذه الأحداث الهامة، أما المسار المتحفي الثالث فهو مُخصص لمقتنيات مثل الأوسمة والنياشين والهدايا التذكارية التي حصل عليها الرئيس وبعض المقتنيات الأخرى المرتبطة به،  كما تم إضافة أنظمة للأمن والحماية فضلاً عن الخدمات الإضافية التي تم استحداثها لخدمة زوار المتحف وتوجيههم والتي تشمل مكتبة متخصصة تضم كل الكتب والأبحاث والمواد السمعية والبصرية التي توثق حياة الرئيس "عبد الناصر" وتاريخ مصر في هذه الحقبة.