بقلم : إقبال بركة
حالت ظروف قاهرة دون تلبيتى لدعوة الصديقة العزيزة الفنانة الكبيرة ليلى طاهر حفل تكريمها فى وزارة الثقافة، وجلست أتابع الحفل فى التليفزيون والدموع تكاد تطفر من عيني، فليلى أو شيرويت ليست مجرد فنانة، أعجب كثيرا بطلتها الجميلة التلقائية على الشاشة، ليلى أو لولا كما يحلو لى أن أناديها صديقة أحبها وأسعد بصداقتها منذ سنوات طويلة، كنا نلتقى فى المناسبات الفنية ونتبادل أحاديث ودية ومشاعر إعجاب متبادل إلى أن جمعنى بها العمل التطوعى فى «جمعية قلوب مصر » التى أسسناها مع الطبيبة النابهة والأستاذة الجامعية د.نشوى الهجرسى، وعرفت الوجه الآخر لليلى طاهر، أو بالأحرى الشخصية الحقيقية، تولت ليلى منصب نائب الرئيس والسكرتير العام وأمينة الصندوق على التوالى بكل جدية وإخلاص، خلعت عباءة النجومية البراقة وارتدت ثوب الناشطة الاجتماعية الحريصة على عاج الفقراء بأرخص التكاليف، كانت تطوف ببيوت معارفها وجيرانها لتجمع التبرعات وتواظب على الحضور يوميا لمقر الجمعية لمباشرة أعباء منصبها ومتابعة سير العمل والتحضير للاجتماعات وإقناع شخصيات عامة للانضمام للجمعية، سافرنا معا كثيرا وشاركنا فى ندوات ومؤتمرات وتزاورنا عائليا فأصبحت تربطنى وزوجى علاقة طيبة بابنها الدكتور أحمد الشربينى الذى يماثلها فى البساطة والتواضع والرقى، وزوجته الفنانة الموهوبة عزة لبيب وابنتهما الجميلة الرائعة علياء، وطوال تلك السنوات لم يحدث ما يكدر علاقتنا لحرص الفنانة الكبيرة على التواصل والمجاملة ولرقتها وطبيعتها الهادئة المتزنة وبعدها التام عن الغرور أو الأنانية أو المشاكسة، وكثيرا ما نمضي الساعات نتحدث سواء فى نادى الجزيرة أو فى أحد بيوتنا فى المهندسن أو الهرم أو فى قرية المعمورة حيث نتجاور فى نفس العمارة. الفنانة ليلى طاهر ليست وجها جميا فقط وإنما تمتلك خفة روح وطبيعة مرحة تلقائية وجاذبية مصرية إلى جانب ثقافة عالية أهلتها للعمل كمذيعة ناجحة فى بداية مشوارها العملى، إنها فنانة كبيرة تفتخر بمشوارها المشرف فى أدغال السينما المصرية، استطاعت أن تخوض طريقها الوعر دون أن تخدشها الأقاويل والشائعات، وما زالت تملك مشاعر معجبيها واحترامهم وتحتفظ بمكانة راسخة فى قمة الفن المسرحى والسينما والتليفزيون، ولا يمكن أن تشارك فى أى عمل فنى إلا ويحظى بمشاهدة كثيفة.
لم تأثر السنون على جمالها ورشاقتها وابتسامتها الساحرة، وبدت ليلة تكريمها على المسرح القومى فى أبهى صورة لامرأة انتصرت للفن الراقى وتغلبت على أشواك الشهرة التى كثيرا ما تنبت للفنانن وتنَفر من يقترب منهم، هى أفضل من أدى دور المرأة المصرية العصرية وقد تألقت فى الكوميديا والدراما المسرحية، فمن ينسى دورها كفتاة أرستقراطية فى «مسرحية سنة مع الشغل اللذيذ »، وممرضة جميلة فى مسرحية «الدبور » مع الفنان الكبير أبو بكر عزت، ومن لم يعجب بدورها كأم «هاملت » مع الفنان الكبير يحى الفخرانى، وزوجة ريتشارد قلب الأسد فى فيلم «الناصر صاح الدين »، والفنانة بنت الأمير المفلس فى فيلم «الأيدى الناعمة »، وأتساءل أليس غريبا أن تغيب هذه الفنانة الكبيرة عن الفن منذ عدة سنوات ويحرم جمهورها العريض من مشاهدتها فى أدوار تناسبها وأصبحنا فى شدة الاحتياج إليها اليوم؟!