عادة لا نحتفى بيوم الرحيل، فهو مناسبة للحزن، لكن عندما يكون من رحل زعيمًا ما زال ذكره خالدًا فليوم رحيله رسالة لا يمكن أن نغفلها، وعبدالناصر ليس زعيمًا عاديًا، بل هو ملهم لأمة، ما زال عشقه يسكن القلوب، وكما كان قدوة فى حياته، كان أيضًا رسالة فى رحيله، رسالته كانت كيف تموت واقفًا، كيف ترحل كريمًا فيتذكرك الناس طويلاً؟
عبدالناصر كتب فى يوم رحيله رسالة الكرامة، فلم ينكسر ولم ينحن تحت أى ظرف، تحمل كل المؤامرات وواجهها بقلب من حديد، رغم أن قلبه كان منهكًا، تصدى لكل الطعنات بجسد من فولاذ، برغم أنه كان يئن من آلام المرض.
رسالة عبدالناصر باقية حتى الآن، بنى دولة رغم المتآمرين وأسس فكرًا قوامه الإنسان الذى يعرف معنى العزة وشرف الأرض وحماية العرض، فبقى كل البسطاء يتذكرونه حتى الآن، لم يخف من الموت فلم يخفه الموت!
وما يحدث الآن لا يختلف كثيرًا بل هو صورة عصرية من نفس “طينة” الزعيم وفكره، رئيس لا يخاف الموت، لا يفكر بمنطق المصلحة الخاصة، بل بمنطق الدولة، يواجه المؤامرات بنفس القوة والجلد، يتصدى للفتن بنفس الحكمة والحسم، يدرك أن المنصب زائل والسيرة باقية، قد يغضب البعض منه الآن لقرارات يرونها لا تحقق مطالبهم، لكنهم يقينا سيدركون فيما بعد أنها لم تكن قرارات إرضائية وإنما كانت لحمايتهم وتحقيق مصالحهم والدفاع عن حقوقهم.
ما بين عبدالناصر والسيسى بلد أراد الله له كلما تعرض لكارثة وأوشك على السقوط أن يخرج له من بين بسطائه من يتصدى لمهمة القيادة وإنقاذه.. مصر باقية وولادة للزعماء.