الإثنين 20 مايو 2024

رئيس الوزراء أكد استمرار استيراد الغاز المسال الأسئلة الحرجة مع بدء الإنتاج من حقل «ظهر»

28-9-2017 | 21:06

بقلم –  غالى محمد

هل سنحقق الاكتفاء الذاتى؟

هل سنتوقف عن استيراد الغاز؟

هل يمكن أن نصدر الغاز ونحن نشترى حصة الشريك الأجنبى؟

قبل نهاية هذا العام، من المنتظر أن يبدأ إنتاج الغاز الطبيعى من حقل «ظهر» بنحو ٥٠٠ مليون قدم مكعب يوميا يتزايد إلى نحو مليار قدم مكعب يوميا، مع اكتمال المرحلة الأولى للإنتاج من المشروع قبل منتصف عام ٢٠١٨.

 

 

مع بدء الإنتاج من حقل «ظهر» والإسراع فى تنمية ٨ مشروعات أخرى باستثمارات ٣٠ مليار دولار، سوف يبدأ إنتاج الغاز الطبيعى فى تحقيق طفرات، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى فى نهاية ٢٠١٨، وتحقيق فائض من الغاز بحلول ٢٠٢٠، بهدف التصدير، كما تخطط وزارة البترول.

وهذا يعنى أن الأمانى كبيرة فى إنتاج الغاز الطبيعى، حيث تشير أرقام وزارة البترول إلى أن الإنتاج اليومى من الغاز الطبيعى سوف يصل إلى ٦,٢ مليار قدم مكعب نهاية العام الحالى ٢٠١٧-٢٠١٨ مقابل ٥,٢ مليار قدم مكعب يومياً الآن، وذلك بعد أن تم وضع حقول غاز غرب الدلتا شمال الإسكندرية، على الإنتاج فى مايو الماضى بواقع ٧٠٠ مليون قدم مكعب حتى المرحلة الأولى، ومن المقرر أن يصل إجمالى إنتاج هذه الحقول إلى ١٢٥٠ مليون قدم مكعب يوميا مع اكتمال المرحلة الثانية الجارى تنفيذها.. وقبل ذلك كان الإنتاج اليومى للغاز الطبيعى نحو ٤.٢ مليار قدم مكعب.

إذن نحن أمام مستجدات وطفرات مهمة فى إنتاج الغاز الطبيعى، سوف تتصاعد مع بدء الإنتاج من حقل «ظهر» قبل نهاية هذا العام، ليرتفع إجمالى إنتاج حقل «ظهر» إلى ٢,٧ مليار قدم مكعب يوميا، باكتمال كافة مراحل المشروع فى عام ٢٠١٩، حيث تصل احتياطياته إلى نحو ٣٠ تريليون قدم مكعب.

ولكن فى الجانب الآخر لهذه الطفرات يتزايد استهلاك مصر من الغاز الطبيعى خاصة مع دخول محطات سيمنز الثلاث لإنتاج الكهرباء العمل بتدرج قبل نهاية ٢٠١٨، الأمر الذى سوف يزيد من الطلب على الغاز الطبيعى، فضلا عن تزايد الاستهلاك فى مشروعات التنمية الأخرى.

وهناك أرقام تشير إلى أن استهلاك الغاز الطبيعى سوف يصل إلى نحو ٧,٣ مليار قدم مكعب يوميا، فى أوائل ٢٠١٩، الأمر الذى يطرح تساؤلاً مهما.. هل ستستطيع مشروعات الغاز التسعة التى تجرى تنميتها الآن تحقيق إنتاج متزايد من الغاز الطبيعى بمواكبة الاستهلاك المتزايد قبل بداية عام ٢٠١٩؟

أرقام وزارة البترول تؤكد أن إنتاج الغاز سوف يزيد بنسبة ٥٠فى المائة عام ٢٠١٨ مقارنة بمستوى الإنتاج فى عام ٢٠١٦، والذى كان يصل إلى نحو ٤,٢ مليار قدم مكعب، وهو ما يعنى أن يصل الإنتاج خلال ٢٠١٨ إلى أكثر من ٦,٢ مليار قدم مكعب يومياً، كذلك تتوقع مصادر وزارة البترول أن ترتفع نسبة الزيادة فى إنتاج الغاز الطبيعى إلى ١٠٠ فى المائة عام ٢٠٢٠، مقارنة بمستوى الإنتاج فى ٢٠١٦ وهو ٤,٢ مليار قدم مكعب يوميا، أى أن الإنتاج من الممكن أن يصل إلى نحو ٨,٥ مليار قدم مكعب يوميا فى عام ٢٠٢٠، وبالطبع من الممكن أن يصل خلال عام ٢٠١٩ إلى أكثر من ٧ مليارات قدم مكعب غاز يوميا.

كل هذه الأرقام، تؤكد أن الزيادة فى إنتاج الغاز الطبيعى، سوف تسير بالتوازى مع الزيادة فى الاستهلاك، وبما يشير إلى إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى، وهذا جعلنا نسأل المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء هل سوف يؤدى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز إلى وقف استيراد الغاز الطبيعى، الذى يصل الآن إلى أكثر من مليار قدم مكعب غاز يوميا .

جاءت الإجابة حاسمة وقاطعة من رئيس الوزراء، بأن استيراد الغاز مسالاً سوف يستمر ولكن بكميات أقل، وذلك بدوافع الأمن القومى أولا، لأنه من الممكن أن تحدث أية أعطال مفاجئة فى بعض الحقول الاستراتيجية فى أى وقت، فتحدث أزمة كبيرة نتيجة توقف الإنتاج لأسباب طارئة من أى حقل، ويحدث نقص فى توفير الغاز، وفى هذه الحالة يمكن مواجهة مثل هذا الموقف من خلال الغاز المستورد، والأعطال فى بعض الحقول شيء طبيعى يحدث فى كل دول العالم.

كما أننا - والكلام لرئيس الوزراء- فى إطار تحرير سوق الغاز، سوف يكون الباب مفتوحا أمام القطاع الخاص لاستيراد الغاز لتوفيره لأية مشروعات صناعية أو كهربائية، سوف يستثمر فيها القطاع الخاص.

رئيس الوزراء أضاف أن هناك انخفاضا الآن فى استيراد شحنات الغاز المسال، ومع دخول إنتاج حقل «ظهر»، سوف يكون هناك انخفاض أكثر فى الاستيراد، لكن فى المقابل هناك تعاقد لمدة خمس سنوات مع مركبى تحويل الغاز المسال المستورد إلى حالته الغازية، وبالتالى لا يمكن انتهاء التعاقد معهما قبل انتهاء فترة التعاقد، وعند انتهاء فترة التعاقد ومع التوجه بالحفاظ على الاستيراد بدوافع الأمن القومى، من الممكن الاستغناء عن مركب والإبقاء على الثانية إضافة إلى الكميات التى يتم استيرادها عبر الأردن وهى كميات محدودة.

ومع استمرار استيراد الغاز، أيا كانت كمياته، ومع تصريحات المهندس طارق الملا وزير البترول، بالعمل على تحقيق فائض فى الإنتاج بحلول عام ٢٠٢٠، حتى يمكن إعادة تصدير الغاز المصرى من خلال مشروعات الإسالة فى دمياط وإدكو، وفقا لتعاقدات سابقة على ثورة ٢٥ يناير وكرسالة طمأنة للمستثمرين بأن مصر دولة ملتزمة بالعقود التى سبق أن أبرمتها، فهل يمكن بالفعل أن يتم تصدير الغاز المصرى مسالا؟، وهل سيكون هناك فائض بالفعل؟، وكيف نصدر ونحن سوف نستمر فى استيراد الغاز؟

قبل الإجابة عن هذه الأسئلة، ينبغى الإشارة إلى أن قطاع البترول المصرى عبر تاريخه الطويل، اعتاد أن يشترى حصة الشريك الأجنبى من الغاز لمواجهة زيادة الاستهلاك من الغاز، واعتاد أن يضع حصة الشريك الأجنبى التى يدفع فيها مليارات الدولارات سنويا ضمن بيان الإنتاج الرسمى اليومى للغاز الطبيعى، ومن ثم فإن أرقام الإنتاج اليومى من الغاز الطبيعى الواردة فى هذه المقالة والصادرة عن وزارة البترول تشمل بداخلها ما يتم شراؤه من حصة الشريك الأجنبي؛ ولكنها لا تقول ذلك رغم المليارات التى تدفعها للشريك الأجنبى من أجل شراء تلك الحصص، حتى إن البعض يعتبره استيراداً والبعض الآخر يعتبره إنتاجا محليا.

لكن القضية ليست فى الخلاف حول ما إذا كان شراء حصة الشريك الأجنبى إنتاجاً محلياً أو استيرادا، وإنما القضية الأكبر، أن يتحدث أى مسئول فى الوزارة عن تحقيق فائض لتصدير الغاز ونحن نشترى حصة الشريك الأجنبى، بل نتمنى أن تزيد عدد الاتفاقيات ويزيد عدد الاكتشافات، ليأتى اليوم الذى نتوقف فيه عن شراء حصة الشريك الأجنبى لتخف الأعباء عن كاهل مصر، حيث دفعت هيئة البترول نحو ٥,٢ مليار دولار للشريك الأجنبى فى عام ٢٠١٦-٢٠١٧ مقابل شراء حصته، وهذا الرقم سوف يقفز إلى نحو ٨ مليارات دولار، بعد أن دخلت حقول شمال الإسكندرية الإنتاج ومع دخول الإنتاج من حقل «ظهر» ويقوم الشريك الأجنبى بتصدير حصته خلال مشروعات الإسالة فى دمياط وإدكو والتى لا تعمل الآن، إذن لا داعى لبيع الوهم من بعض مسئولى وزارة البترول الذين يتحدثون عن تصدير الفائض ونحن نشترى حصة الشريك الأجنبي، لا داعى للحديث عن أنه سيكون لدينا فائض للتصدير فى عام ٢٠٢٠، وإنما هذا الفائض إذا حدث سوف يكون جزءا من حصة الشريك الأجنبى.

لا ننكر أننا سنحقق طفرة فى تحقيق اكتشافات الغاز الطبيعى بدأت أثناء تولى المهندس شريف إسماعيل وزارة البترول، ومازالت تتحقق، لكن المفاهيم يجب أن تكون واضحة، وأن يكون الهدف الأكبر المزيد من الاتفاقيات، والمزيد من الاكتشافات، زيادة حصة الجانب المصرى، والاستغناء عن حصة الشريك الأجنبى تدريجيا ليقوم بتصديرها بمعرفته، حتى يأتى الوقت الذى نتوقف فيه عن شراء حصة الشريك الأجنبى التى سوف ندفع فيها أكثر من ٨ مليارات دولار خلال السنوات الثلاث القادمة، مع زيادة الإنتاج وزيادة الاستهلاك.

إذن القضية الأكبر، أن تتواصل الطفرات فى المزيد من الاتفاقيات والمزيد من الاستكشافات، ليتراجع استيراد الغاز الطبيعى إلى أدنى المستويات والذى سوف ينخفض أكثر مع بدء الإنتاج من حقل «ظهر»، ولنا فى نموذج الإنتاج من حقول شمال الإسكندرية تجربة مضيئة؛ حيث أدى وضع المرحلة الأولى على الإنتاج منها إلى وفر نحو مليار دولار سنويا سوف يزيد إلى حوالى ١,٨ مليار دولار سنويا بعد الانتهاء من تنمية المرحلة الثانية من المشروع ووضعها على الإنتاج وذلك عند احتساب متوسط أسعار برنت عند ٥٠ دولارا للبرميل.

وبرغم النجاحات التى شهدتها صناعة الغاز الطبيعى فى مصر خلال السنوات الأخيرة، إلا أن التحديات لا تزال كبيرة جداً، وهذه هى طبيعة صناعة البترول فى مصر.

ومن حقنا أن نطالب المسئولين عن قطاع البترول فى مصر بالمزيد من الشفافية فى الأرقام وقبول المزيد من التحدى الذى يحتم أن يكون لنا أكثر من حقل «ظهر» واحد، خاصة مع ثقة الشركات العالمية فى صناعة البترول فى مصر والتى ترتبط بالاستقرار السياسى.