قال عوني الكعكي نقيب الصحافة اللبنانية رئيس تحرير جريدة الشرق اليومية بلبنان إن اللبنانيين يقدرون عودة مصر إلى لعب دورها التاريخي في لبنان، معتبرا أن لبنان بات في أمس الحاجة إلى مصر في الوقت الراهن لتحقيق التوازن في لبنان، مشيرا إلى توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعودة الى لبنان من خلال دعمه والمحافظة عليه .
واستشهد الكعكي بتصريحات سابقة للرئيس السيسي عبر فيها عن أمله في أن يدرك اللبنانيون قيمة وطنهم الذي يعتبر جوهرة في الشرق، ويشكل مع مصر دعامة مشتركة ومتبادلة. فلبنان يستحق التضحية من أجله، وأن يتعالى الجميع عن حساباتهم الخاصة لإنقاذه .
وأكد الكعكي في المانشيت الرئيسي لصحيفة الشرق في عدديها اليوم وأمس على حلقتين أن كل اللبنانيين المخلصين يرحبون بهذه العودة المباركة التي نتمنى أن تحمل في طيّاتها بشائر الخير للبنان.
وقال نقيب الصحافة اللبنانية في مقالته: " منذ خمسينات القرن الماضي… وتحديداً مع انطلاق ثورة 23 يوليو 1952 في مصر… ومع بداية مسيرة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، تعزّز الحضور السياسي لمصر في لبنان، على كافّة المستويات السياسية والاجتماعية والأهلية. وهذا الاهتمام لم يكُن وفقاً -للعديد من المطلعين- محصوراً بالشق الرسمي السياسي بل تعدّاه حينها للجانب الاجتماعي المباشر، الأول: إنشاء جامعة بيروت العربية كأوّل جامعة تعليمية عربية تُبصر النور في لبنان، والثاني: استجلاب الأساتذة المصريين إلى لبنان.
ما يعبّر عن مدى الرغبة المصرية بالحضور في الداخل اللبناني. واستمر الاهتمام ليشمل إرسال البعثات الأزهرية لمساجد لبنان. الأمر الذي جعل مصر وإلى هذا اليوم المؤثّر الأوّل في التوجّه الديني اللبناني."
وأضاف الكعكي: "وما يعزّز هذا الرأي،أنّ مصر كانت صديقة كل الأطراف اللبنانية، وحتى القوى المتخاصمة معها… وها هو الدور المصري يعاود نشاطه لبنانياً، وبعد الفراغ على المستوى السنّي، عبر دعم المؤسّسات العسكرية والوطنية، أو عبر مشاريع تنموية في كل المساحة اللبنانية. وأعود الى الدور المصري الرائد في لبنان، إذ كانت الحكومات لا تشكّل في لبنان، إلاّ باستشارة مصر ."
واستطرد قائلا: " أستطيع أن ألخص العلاقات بين لبنان ومصر منذ ثورة يوليو الى ثلاث حقبات: الأولى: من 1952 وحتى 1958 خلال عهد كميل شمعون. والثانية: من 1958 حتى 1967 خلال عهد فؤاد شهاب والشهابية. والثالثة: من 1967 الى 1970 أيام رئاسة شارل حلو. الحقبة الأولى شهدت خصومة بين كميل شمعون وعبدالناصر وتحوّلت تدريجياً الى عداوة أوصلت لبنان الى الانقسام المسلح عام 1958 بين الناصرية والشمعونية وذلك حتى جرى تفاهم صريح في اجتماع عُقِد في خيمة على الحدود بين لبنان وسوريا (الجمهورية العربية المتحدة)، تقرّر من خلاله أن يسير لبنان في خط جمال عبدالناصر العربي مقابل أن يؤيّد عبدالناصر السياسة الداخلية التي يتبعها فؤاد شهاب. في الحقبة الثانية صارت الناصرية خط الدفاع العربي الأوّل عن نظرية الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه. ولا ننسى ان عبدالناصر تدخل مباشرة لفضّ النزاع ومنع الانقسام الخطير عبر «اتفاق القاهرة» عام 1969. وبعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، جاء السادات الى حكم مصر
وتعزّز حضور مصر في لبنان على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والأهلية… وقد تعدّى هذا الاهتمام الشأن السياسي الى الجانب الاجتماعي المباشر، حتى أصبحت مصر صديقة كل الأطراف في لبنان حتى القوى المتخاصمة معها."
وأشار نقيب الصحافة اللبنانية أن عودة مصر الى لبنان اليوم والتأكيد على عدم التخلي عن لبنان وبدعمه في المجالات كافة، تكون مصر قد فتحت صفحة جديدة بعودة الدعم المصري كاملاً وغير منقوص الى لبنان، مستشهدا على ذلك بمشاركة مصر في اللجنة الخماسية التي تبحث حل ما وصفه بالعقدة اللبنانية المتمثلة في انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر، معتبرا أن ذلك خير دليل على رغبة مصر العربية في إعادة لعب دورها عربياً ولبنانياً.
واستشهد الكاتب الصحفي عوني الكعكي بكلمة سفير مصر بلبنان ياسر علوي في احتفال السفارة المصرية بذكرى ثورة 23 يوليو، حيث ركز عوني على ما قاله السفير بإن مصر العائدة مجدداً للعب دورها العربي التاريخي تعرف قدر لبنان ومكانته وتدرك أنّ قَدَر القاهرة وبيروت هو التشارك في كل جهد جدّي لاستنهاض المنطقة وأهلها.
كما شدد على قول السفير المصري إن مصر تعرف أن قيامة لبنان هي حاجة عربية ودولية، بقدر ما هي ضرورة لبنانية، والتأكيد على أن التزام مصر بدعم لبنان والوقوف بجواره هو فرض عين وثابت أساسي من ثوابت السياسة الخارجية المصرية، كما أن مساعدة لبنان ليست منحة تقدّم في أوقات الفراغ الوطني أو الدولي.