كل يوم تفاجئنا الحياة باختيارات وخيارات جديدة . اختيارات قد نوضع فيها دون رغبة منا وخيارات لم ولن نتمنى يوما أن نختارها.
تأخذنا الحياة في طريقها لنتوه في دروبها. وما بين هذا وذاك نجبر ونرضخ لكلما نكره ونرفض.
من هذه الضغوط شبح التكنولوجيا ذلك المارك العملاق الذي حط على نافذة حياتنا سلبنا طمأنينتنا وأماننا واستقرارنا.شبح تغلغل داخل أسرنا وبيوتنا، سيطر على عقولنا ومازال يسعى لذلك؟!
لعل تقنية الذكاء الاصطناعي على الرغم من إنها صناعة بشرية إلا أنها شيء مزعج ..!!
مزعج كونه يقتحم خصوصياتنا - لعلمه فيما نفكر ولما ؟!
مزعج لأنه يتغلغل داخل أغوار النفس البشرية ولم يكتفي بذلك وإنما انطق المرضي وأيقظ الراحلين مبدلاُ مقاعدنا في الحياة.!!
لا أنكر أني من هواة الاستماع للاغاني بتوزيعات حديثة، لكن هذا لا يعني أن نرى الفوضى التي تسببت بها تلك التقنية.
أرحب باستخدامها في حال رغبت في الحصول على خدمات متكاملة في مجال ما، صوت نقي، تدقيق لغوي، ترجمة نص، إرشادي لطرق غير مزدحمة، عرض معلومة نادرة أو مشهد تخيلي يفوق مخيلتي البشرية؟!
لكن أن أرى كوكب الشرق تغني أغاني مهرجانات أو العندليب يغني لعمرو دياب أو موسيقار الأجيال يغني لحماقي ..؟!
رغم جمال التجربة الظاهري إلا أنها إساءة، فلا الصوت يطابق الصوت الحقيقي ولا نحن أمام شيء مبتكر لم يسبق له مثيل؟!
نحن أمام محاولة استنساخ فاشلة للماضي؟!
ظاهرة تحاول فرض نفسها في مجتمعنا رغم رفض الجميع لها ،استناكار للحياة المثالية التي سيمثلها الذكاء الاصطناعي. فدائما تهفو النفس البشرية للخطأ لا المثالية.!!
جميعنا يمقت الرمادية يحب الوضوح، وتقنية الذكاء الاصطناعي ظاهرة باهته ربما بمرور الوقت تصبح أكثر دقة، أكثر احترافًا وخطورة كذلك.!!
ما إن يتاح منها إصدارات جديدة عالية الجودة يساء استعمالها، ربما يستخدمها أصحاب النفوس الضعيفة في جرائم الابتزاز خاصة وأنه لم يتم تقنين استخدامها وتجريمه.
هل سيأتي يوما وسيشعر مبتكر هذه التقنية بالأسف عندما يشهد اندثار كل ما هو حي ، عندما يرى بنفسه تراجع الإنسان وكفاءاته أمام دقة الآلة وسطوتها؟!
هل سيعترف بخطأه أم أن هؤلاء لا هم لهم سوى جني المال..!!
بشكل شخصي أرحب باستخدام تلك التقنيات في بعض نواحي حياتنا وليست جميعها لا سيما البعد عن كل ما له علاقة بالإبداع.
ماذا لو ساعدتنا تلك التقنيات بتوحيد الجهود والأهداف بذكاء للقضاء على التصحر، للتحكم في درجة حرارة الكرة الأرضية، ماذا لو ساعدتنا في خلق أنواع جديدة من الأدوية للقضاء على الأمراض والأوبئة والحروب؟!
ارغب كثيراً في استنطاق الجماد، في الاستماع لحكايات الشرفات والمناضد والآسرة والحقائب .. فلنتخيل أن لهذه الأغراض لسان وذاكرة تحكي به مغامراتها اليومية..!!
ارغب باستخدام هذه التقنيات فيما وراء الخيال وما بعد الواقع لا استخدامه في كشف سر وفاة هذه أو لحظات غدر مر بها ذاك ...!!
هناك العديد والعديد من مقاطع الفيديو تتناول هذه الأشياء تتحدث بلسان الموتى تحكي سر اللحظات الأخيرة ..لا اخفي عليكم استمعت لأكثر من مقطع فيديو لم يأتي بجديد هو فقط يروي اعترافات المتهمين بلسان الضحية مما أفقد الأمر هيبته، وافقدنا تعاطفنا بالتالي.!!
اعتقد أننا من سنقر ونعترف بأسفنا تجاه أنفسنا ومن حولنا ،فنحن نساعد كل تلك العشوائية ونعمل على مد أصابع خيبتها التدميريه داخل بيوتنا وحياتنا.
لذا يجب أن نأسف لأنفسنا أولاً وحالنا ثانياً وغدنا المحاط بالمجهول رغم تجمله ثالثاً؟!.