الأربعاء 1 مايو 2024

بعد تأميم القناة والعدوان الثلاثي على مصر.. هل انتهى عصر الاستعمار؟

جمال عبد الناصر وتأميم قناة السويس

كنوزنا26-7-2023 | 14:21

بيمن خليل

يعد قرار رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، قرارًا تاريخيًَا، والذي أصدره وأعلنه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، من ميدان المنشية بالإسكندرية، في مثل هذا اليوم 26 يوليو من عام 1956م، وكانت كلمة السر ديليسبس.

كان خطاب عبد الناصر، خطاب ناريّ، أشعل العالم، وأعلن من خلاله تأميم قناة السويس، كهيئة مستقلة، وعن حصول مصر على حقوقها المغتصبة، وتحرير القناة من سيطرة بريطانيا وفرنسا، وعودة الحقوق المادية الكاملة للقناة إلى مصر.

تبع هذا القرار عقبات وخيمة شهدتها مصر، وتنوعت الردود ما بين ردود اقتصادية، تمثلت في رد فرنسا وإنجلترا بتجميد الأموال المصرية في بلادهما، ومن ردود دبلوماسية حرضت تعبئة الرأي العام الدولي ضد مصر.

وكان الرد الأقوى من ضمن هذه الردود هو الرد العسكري الذي تسبب في العدوان الثلاثي على مصر من قِبل تحالف ثلاث دول وهم بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وكان ذلك يوم  29 أكتوبر عام 1956م.

هل انتهى عصر الاستعمار؟

وفي حوار استفتائيَ أعددته مجلة دار الهلال، في عددها الصادر يوم 1 نوفمبر من عام 1956، أي بعد حوالي أيام قليلة من العدوان الثلاثي على مصر، وجاء بعنوان «هل انتهى عصر الاستعمار؟».

ووجهت من خلاله  «الهلال» سؤالين إلى ثلاثة من أكبر رجال الفكر العربي، وقتها، لاستطلاع رأيهم في الاستعمار البريطاني، وهم عباس محمود العقاد، ومحمد شفيق غربال، والدكتور عبدالوهاب عزام، وجاءت الأسئلة كالتالي:
1- هل تعتقد أن المستقبل لحرية الشعوب، وأن عصر الاستعمار قريب الزوال؟ وما الذي تبنون عليه رأيكم في ذلك؟

2- ما رأيكم في مستقبل الامبراطورية البريطانية وهل سيكون مصيرها مصير الامبراطوريات التي ظهرت في التاريخ ثم اختفت كالامبراطورية الرومانية؟

عباس محمود العقاد

كان رأي الأديب الكبير عباس العقاد في أول سؤال، إن الرد على السؤال الأول هو أن الاستعمار زائل، وقد أخذ فعلا في الزوال، والأساس الذي أبني عليه هذا الاعتقاد هو أن الاستعمار أنما يراد للمنفعة والاستغلال، وقد أصبح مستقبل الشعوب الآن عبثًا ثقيلا تزيد خسائره على منافعه.

وجاء رده على السؤال الثاني، إن الإمبراطورية البريطانية قد ذهبت فعلا، والموجود الآن إنما هو محالفة بين عدة أمم تربطها مصالح تتفق في أكثر الأحيان، ومتى اختلفت هذه المصالح لن تبقى هناك رابطة تجمع بين أجزائها.

 

محمد شفيق غربال

وكان رد محمد شفيق غربال الوكيل السابق لوزارة التربية والتعليم، على السؤال الأول، إن حق الشعوب في الحرية أمر مقرر، لا شك فيه وأن المستقبل كفيل بذلك، وأن الاستعمار ليس سوى صورة للاستغلال، استغلال شعب قوي لخيرات شعب ضعيف والتحكم فيه بعد ذلك.. ومن رأيي أن الاستغلال سوف ينتهي حتما لنضال الشعب الذي يستغل غيره خيراته.

وأنا لا أنكر أن العلاقة بين المستعمر علاقة قديمة وسوف تقف هذه العلاقة، بل سوف تتلاشى نتيجة لقوة الوعي القومي والرغبة في الحرية والتمرد، وقد بنيت رأيي هذا على طبيعة الأشياء وسنة الحياة والتطور فلن يستمر استعمار يشهد فيه المستعمر ولن تضيع نتائج شعب مكافح مهما وقفت القوة في طريقه فالنصر للحق والحق دائمًا غلاب.

أما عن السؤال الثاني فأجاب: فإن مستقبل الإمبراطورية البريطانية يتطور الآن إلى شيء آخر، وسر تطور الإمبراطورية العجوز هو أنها قد انهكت نفسها بوسائلها الاستعمارية القديمة.. وأيقظ هذا الانهاك روح النضال في الشعوب التي استعمرتها طويلا، والنتيجة الطبيعية لهذه الأمبراطورية هو أن ظلها سوف يتقلص ويتلاشى سلطانها وتفقد هيبتها وتذهب سمعتها بددا.

إن كل وضع خاطئ لا يمكن أن يدوم، والامبراطورية البريطانية حينما تستعبد شعبا وتغتصب خيرات هذا الشعب وتستغل موارده إنما تغتصب حقًا ليس لها، وتسلب صاحب الحق حقه المقرر، ولهذا ستجبر في يوم من الأيام على رد ما استغلته وإعادة ما اغتصبته إلى صاحب الحق الأصلي وهذا ما حدث وما سوف يحدث بالنسبة لكثير من الشعوب التي سطت عليها الإمبراطورية البريطانية.

عبد الوهاب عزام

وقال الدكتور عبد الوهاب عزام؛ سفير مصر السابق في المملكة السعودية واليمن، عن رأيه في أول سؤال: لا شك أن الشعوب سائرة إلى حريتها وعزتها وكرامتها، رضى الاستعمار بذلك أو لم يرض.

فقد مضى العهد الذي كان الاستعباد شريعة الأمم التي تعودت أن تعتدي على غيرها، وتسلبها حريتها واستقلالها سواء كانت تلك الأمم غربية أم شرقية، فقد نفضت الشعوب المستعبدة عنها رداء الكسل وقامت قومة رجل واحد تطالب بحقوقها وتفسح لنفسها مكانا يليق بها تحت الشمس، والرأي عندي أن ساعة اليقظة قد حانت وأن ناقوس التحرير يدق الآن في كل مكان منذرا الغاصبين بغضبة الشعوب المستعبدة، ووثبة الأمم التي تدفعها الرغبة في التمرد والوقوف على قدم المساواة مع غيرها، من الأمم التي تزعم أنها كبيرة وهي في الواقع كذلك ولكن بمظالمها وجرائم استعمارها.

 

وعن السؤال الثاني أجاب، فإني أرى أن عصر الإمبراطورية البريطانية قد انتهت إلى الأبد ولن يعد لها وجود.. صحيح أن إنجلترا موجودة في تلك الجزيرة الصغيرة، ولكن "الإمبراطورية" قد ذهبت إلى غير عودة، ذهبت تحت أثقال الظلم والمظالم التي اقترفتها في شنى بقاع الأرض قبل أن تتلاشى وتضمحل وتموت.

Dr.Randa
Dr.Radwa