الأحد 9 يونيو 2024

فضيحة إخوانية فى تل أبيب

1-10-2017 | 14:59

منذ شهر قلت في إحدى القنوات التلفزيونية حقيقة يعرفها عدد كبير من قادة الإخوان، هذه الحقيقة هي أن القيادي الإخواني الكبير يوسف ندا الذي يستثمر أموال الإخوان في أوروبا والأمريكتين كان هو أكبر مورد للأسمنت والحديد لشركات المقاولات الإسرائيلية التي تبني المستوطنات، وأنا أقسم أن هذه الحقيقة وأن هذا حدث، ولكنني أقسم أيضا أن جهلاء الإخوان لم ولن يصدقوا.

نعم هناك علاقات بين إسرائيل والإخوان ونحن نملك الأدلة عليها ولكن الجهلاء يغلقون عقولهم، والأغبياء لا يصدقون، مع أن شمس الحقيقة لا تخفى إلا على من في عينيه قذى، ولا يظن أحد أنني أخفي الأدلة في بيتي ولكنها كلها جاءت على لسان الإخوان، أو في أوراقهم، وقد أصبح معروفا للكافة أن الإسرائيلي «حاييم سابان» الذي يعتبر أحد ملوك الإعلام في العالم هو أحد شركاء يوسف ندا، بل إنه كان شريكا له ومؤسسا في بنك التقوى، وهو الذي كان صاحب الدور الأكبر في إلغاء قرار مجلس الأمن بحظر شركات يوسف ندا،

ومن خلال شركة يوسف ندا «التقوى للتجارة والمقاولات» التي كانت إحدى شركات بنك التقوى ووفقا للسجلات التي كشفت عنها سويسرا عن نشاط هذه الشركة كتبت صحيفة «لوتون» السويسرية مبرئة يوسف ندا وبنك التقوى من دعم الإرهاب، وفقا لما وقع تحت يدها من بيانات الغرفة التجارية الدولية السويسرية: أن شركة يوسف ندا هي أكبر شركة داعمة لبناء المستوطنات لإسرائيل وانها أكبر مورد للأسمنت لشركات المقاولات الإسرائيلية، ويعرف كل قادة الإخوان هذه الحقيقة، ويعرفون أيضا أنه عندما اعترض بعض قادة الإخوان على ذلك قال لهم يوسف ندا:«المال ليس له دين ولا وطن»!

ولذلك فإنه في عالم السياسة ـ وفي العوالم الأخرى أيضا ـ لا تنخدع بالظاهر، لكن تمهل وانظر واستبصر وحلل واجمع المعلومات ما استطعت، وقتها ستعرف أن الظاهر ليس هو الحقيقة دائما، وكم خَدعت المظاهر البراقة عيون وعقول الدهاة، ولكنها لابد وأن تنكشف يوما ما ، فالظاهر الخادع يعيش دهرا ثم يتبدد بددا فتنكشف الحقائق من خلف دخانه.

وندخل إلى البينات التي لا يستطيع أي أحد من الإخوان أن ينكرها، فقد سمعنا من هؤلاء الإخوان لسنوات طويلة ، ورأينا أيضا ، مظاهراتهم الطلابية وغير الطلابية في مصر وفي غير مصر تخرج بهتافات صاخبة حماسية : «خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود» و «يا أقصانا لا تهتم راح نفديك بالروح والدم» وشاهدنا آلاف الإخوان عند انتخابات الرئاسة التي نجح فيها مرسي في غفلة من الشعب، أقول شاهدناهم وهم يهتفون «على القدس رايحين شهدا بالملايين»! وعبر سنوات مضت عاش شباب الإخوان المغيب الذي شوهوا عقله ومشاعره وهو غاضب وحانق على هذه الأنظمة العربية أو المصرية الكفرية التي لا تحب الإسلام ولا تهتم بفلسطين ولا تحفل بالمسجد الأقصى ، وحين كان غضب هؤلاء الشباب يشتد يزداد حنقهم على هذا النظام المهادن لإسرائيل والذي يسير طوعا لأمريكا فلا يفتح باب الجهاد ، وحين قام شاب إسرائيلي إرهابي متعصب بقتل عدد من المصلين في المسجد الإبراهيمي بالقدس عند صلاة الفجر عام ١٩٩٤ خرجت مظاهرات الإخوان في كل مكان وهي تصب جام غضبها على مبارك العميل الذي لا يسمح لهم بالجهاد والدفاع عن أولى القبلتين ، حينها كنت في الإخوان وكنت أشاهد شبابا يبكون وفي ذات الوقت يلتمسون العذر لقيادات الجماعة التي لا تستطيع أن تفعل شيئا لفلسطين والأقصى إلا جمع التبرعات لأنهم ليسوا في الحكم، أما لو صلوا إلى الحكم فإنهم سيزحفون الزحف المقدس لتحرير القدس! وظل الإخوان يتناقلون الخرافات عن أن موشى ديان بعد حرب ١٩٦٧ دخل بنفسه إلى غزة ثم أجرى تحقيقا مع القيادات الشعبية الفلسطينية من أجل أن يسألهم عن «أين الإخوان» فقالوا له «لقد قضى عليهم عبد الناصر وحبسهم، فقال لهم موشى ديان الحمد لله أنه فعل ذلك لأنه لو كان تركهم ما كنا نستطيع أن ننتصر على مصر وفيها الإخوان!! ولك أن تعتبر أن هذه الفقرة من مقالي هي فقرة كوميدية، أما الكوميديا الأكبر فهي ان شباب الإخوان يتناقلون تلك الطرائف الخرافية على أنها حقيقة، وماذا نفعل لهم وقد أغلق الله عقولهم؟! .

وراحت الأيام وجاءت الأيام ، وأصبح الإخوان حكاما ونظاما ورئيسا ، ولنعد بذاكرتنا إلى الوراء قليلا ، حيث وقف مرسي بعد مائة يوم ليتحدث في استاد القاهرة عن إنجازاته ، وأخذ يتحدث عن مصر أخرى غير التي نعرفها ، مصر التي في خياله هو ، لا في واقعنا نحن ، مصر التي تعيش حتما على كوكب آخر غير كوكب الأرض ، وكان من البلاهة أن يصدق هو أو جماعته أن هناك إنجازات فعلا ، ولكنني شاهدت شبابا من الإخوان يتحدثون عن إنجازات خيالية وكأنها حدثت ، فأيقنت أن هناك من أصابهم بالبارانويا والهلاوس السمعية والبصرية ، وهو مرض معروف في الأوساط الطبية النفسية، وفي ذات اليوم الذي كان فيه مرسيهم الغريب العجيب صاحب القدرات العقلية العجيبة يتحدث متفاخرا بإنجازات وهمية كانت إسرائيل تنتهك المسجد الأقصى ، فإذا الأقصى الذي كانوا يبكون من أجله غائب عن قلوبهم ومشاعرهم ، لم يقف أحدهم صارخا أو هاتفا ، كلٌ نسوه ولم يعودوا يذكرونه في الحياة ، والكون يدفن في ظلال الحكم حتى المقدسات ، وفاتهم أن يطالبوا مرسيهم بفتح باب الجهاد، ولم يحدث في هذا اليوم أن نبس مرسي ببنت شفة عن القدس والأقصى، وفلسطين الجريحة السليبة، ولم يوجه تحذيرا لإسرائيل عن انتهكاتها، بل صمت صمت القبور، وصمت الخرابات أيضا .

وتوالت الأحداث ، ويكتب مرسيهم رسالة حب مفعمة بالمشاعر لصديقه الحميم شيمون بيريز فلا يستنكر أحد من شبابهم المغيب هذا الفعل القبيح ويلتمس الأعذار لمن قدم فروض الطاعة والصداقة لإسرائيل ، بل إن البعض اعتبرها حنكة سياسية ، بمعنى أنها حين كانت تصدر من مبارك كانوا يعدونها خيانة، وإذ تصدر من مرسيهم فهي الذكاء والألمعية ، ثم يقول بعضهم إنها عبارات بروتوكولية، والبروتوكول لا يقتضي أبدا أن يقوم من يعادي إسرائيل في الظاهر بنعته بالصديق الحميم، ولكن شباب الإخوان صدقوا تلك الترهات والمبررات، فهكذا هي العقول الممسوخة تصدق كل ما يقال لها ولا تعمل عقلها لأنها فقدته من الأصل .

ويخرج عصام العريان على الهواء ليطالب يهود مصر الذين هاجروا لإسرائيل بالعودة مرة أخرى، ويقول كلاما كارثيا بأن هؤلاء الإسرائيليين لهم ثروات في مصر يجب أن يستردوها! لم يقل العريان هذا الكلام بحسبه ناشطاً سياسياً، ولكنه قاله باعتباره أحد الذين يحكمون مصر، ونتذكر من هذا العريان أنه قال ذات يوم لصحيفة الحياة اللندنية في حوار شهير له عام ٢٠٠٦ بأن الإخوان لو صلوا لحكم مصر سيحافظون على أمن إسرائيل وأنهم سينفذون اتفاقية كامب دافيد لأنهم سيكونون دولة آنذاك وهم يحفظون عهود الدولة المصرية.

وتمر الأحداث تلو الأحداث ، ويتتابع سقوطهم يوما وراء الآخر ، ويفرطون في أمن مصر القومي بإذاعة الحوار الكارثي على الهواء في حين أنهم كانوا يتحاورون في شئون الأمن القومي ، ومع ذلك لا يطرف لهم رمش ، كأنهم كانوا يذيعون مباراة كرة قدم ، ويفرط مرسيهم في أمن مصر حينما سمح ـ كما قالت الصحف الأثيوبية ـ ببناء سد النهضة ، وآية ذلك أنه لما عاد «بخفي العم حنين»  من أثيوبيا قال قبل أن تكون هناك تقارير علمية : «سد أثيوبيا لن يؤثر على حصة مصر من المياه والدنيا ستمطر» وكأنه يقلد سعاد حسني وهي تغني الجو بديع ـ وليس محمد بديع ـ قفل لي على كل المواضيع .

ومع ذلك وفي كل المواقف تجد الشباب الغر الذي شوهوه ومسخوه يعيش في عالم التبريرات ويظن أنه يعيش في حالة مقدسة للدفاع عن الإسلام ضد أعداء الإسلام ، هؤلاء الشباب لا يعرفون أن الجماعة ستلقي بهم في الشارع وستضحي بهم ، وهم يعيشون في وهم « إسلامية إسلامية» وجماعتهم لا تعرف من الإسلام إلا التجارة به فقط ، ومع ذلك فأنا واثق تمام الثقة أن هؤلاء الشباب سيتمادون في الوهم والخيال وسيظنون أنهم يقفون على ثغر من ثغور الإسلام ، وذات يوم سيحكي التاريخ عن جماعة باعت الوهم لمجموعات ساذجة من الشباب ، ولرجال بلداء من أغمار الناس لا قيمة لهم ولا وزن ، عاشوا يظنون أنهم يقفون ضد إسرائيل وقياداتهم كانت تضع يدها في يد إسرائيل سرا، ثم قامت بالوساطة بينها وبين حماس وقبلت إسرائيل وساطة الإخوان، وما خفي كان أعظم.

وللمقاربة الغريبة فإننا حين جاءت حقبة الثمانينات كنا نسمع ونرى أفواجا من الحجيج الإيراني وهم يتظاهرون في موسم الحج وعند الكعبة الشريفة ضد أمريكا وإسرائيل، وبقدر ما تعجبنا من مظاهرة سياسية تنطلق في موسم الحج وعند الحرم، بقدر ما أكبرنا موقف هؤلاء الشيعة الذين يناصبون أمريكا وإسرائيل العداء، إيران هي العدو الأكبر لأمريكا شيطان العالم الرجيم، ولكن الشيطان كان يمد يده في الخفاء لإيران يداعبها فتستنيم له ويلهج لسانها بالتسبيح له، ولم لا وهو الذي يمدها بالسلاح في حربها ضد العراق؟ ومن عجب أن العالم استيقظ ذات يوم ليرى تلك المظاهرات الإيرانية التي تهاجم أمريكا وإسرائيل، ثم انكشف له في ذات الوقت أن سيلا من الأسلحة وقطع الغيار كانت تشحن من أمريكا عبر إسرائيل إلى طهران.

ففي عام ١٩٨٥، وأثناء الولاية الثانية للرئيس الأمريكي الممثل الكاوبوي راعي البقر رونالد ريجان ، كانت أمريكا تسير في خطوات ثابتة نحو القضاء على أسطورة الاتحاد السوفيتي والمد الشيوعي، وكان حكم ميخائيل جورباتشوف للاتحاد السوفيتي يحث الخطى هو الآخر نحو القضاء على الاتحاد السوفيتي الذي كان قد أصبح هشا خاويا، ولابد أن العمليات المخابراتية التي قام بها فريق العمل الذي يترأسه السيد «ويليام جي كيسي» مدير المخابرات الأمريكية كان له الدور الأكبر فيما تحقق بعد ذلك من انهيار للاتحاد السوفيتي وتفككها.

وقتئذ تم تنفيذ خطة أطلقوا عليها «إيران - كونترا» والتي أصبحت فيما بعد فضيحة كبرى أطلق عليها الإعلام العالمي «إيران كونترا جيت» تشبيها لها بفضيحة «ووترجيت» التي أطاحت بنيكسون من قبل من حكم أمريكا، كانت هذه الخطة ـ الفضيحة ـ عبارة عن مخطط سري يستهدف بيع أسلحة أمريكية لإيران التي تتظاهر ضد أمريكا وتغضب من إسرائيل، وتصب جام غضبها على الرعاية الأمريكية لإسرائيل خاصة رعاية التسليح، هل يصدق هذا أحد، القط سيعقد صلحا مع الفأر ويقوم بتزويده بالأسلحة ليفرض سطوته على المنطقة كلها ويؤازره في حربه التي كانت تشحذ أسنتها ضد العراق، أما الهدف الاستراتيجي الظاهر لبيع الأسلحة لإيران هو أن يستخدم ناتج البيع في تمويل حركات «الكونترا» المحاربة للنظام الشيوعي في نيكاراجوا.

 هل يصدق أحد أن هتافات إيران ضد إسرائيل وأمريكا كانت خادعة؟! إيران الثورة الإسلامية، إيران الشيعية، إيران التي تتظاهر ضد إسرائيل، كانت ترمي نفسها في الخفاء في أحضان أمريكا وإسرائيل ، ولكن الله شاء أن تنكشف هذه العلاقة المحظورة ، لتظهر بعد ذلك جماعة الإخوان الحالمة في الحكم وهي تتظاهر ضد إسرائيل وتهتف ضدها، ويقف قادتها ليهتفوا «على القدس رايحين شهداء بالملايين» ولكن خطواتهم كانت مفضوحة، وشعاراتهم لم تُخف علاقاتهم المحظورة بأمريكا وإسرائيل ، فالكل يعرف أن الجماعة عقدت صلات قوية مع أمريكا وإسرائيل، ووصلت للحكم عن طريق أمريكا ومن خلال تعهدها بالحفاظ على مصالح إسرائيل، لم نقل نحن ذلك، ولكن قاله عصام العريان في ٢٠٠٦ ثم بعد يناير ٢٠١١ قابل وزير خارجة مصر السيد هنري كيسنجر، فسأله الوزير العرابي: هل سيخوض الإخوان انتخابات الرئاسة، فقال له كيسنجر: نعم وسيصبح واحد منهم رئيسا لمصر، والداهية كيسنجر الذي لا يزال يدير مع آخرين سياسات أمريكا، ويحمي إسرائيل يعرف ما يقول، وينقل خبرا لم يكن الإخوان قد باحوا به بعد، فسأله العرابي: وهل ستمانع أمريكا؟ فقال كيسنجر: لا لأنهم تعهدوا بالحفاظ على أمن إسرائيل وتفاهمنا معهم بشأن قناة السويس وسيناء، ووصل الإخوان للحكم برعاية جون ماكين، وكيري، ووليم بيرنز الصهيوني الأكبر في حكومة أوباما، وصديقة إسرائيل الحميمة كلينتون، ثم شاء الله أن تنكشف جماعة الإخوان وينزل الستار على المسرحية التي كانت تقودها ضد إسرائيل، كانت مجرد حرب كلامية ومسرحية خادعة ، وخلف الكواليس كانوا يتبادلون القبلات، وما خفي كان أعظم.

 هل تريدون معرفة شعار الإخوان الجديد، شعارهم هو «لا حياء في الدين ولا في العلم ولا في السياسة، ولا عند تقبيل إسرائيل وراء الستار».

    الاكثر قراءة