بلغت مؤلفات الدكتور زكي مبارك المُلقب بالدكاترة نسبةً لحصوله على ثلاث رسائل في الدكتوراه، 45 كتابًا بين: «الأدب والنقد والشعر، والفكر»، وعانى طوال مسيرته العلمية، كما تعرض للأقصاء والتهميش بفعل آرائه الحادة والمُتكلفة أحيانًا.
ونستعرض هنا بعض من أبرز مؤلفاته شهرةً:
«ليلى المريضة في العراق».. جاء عن الكتاب:
«ليلى المريضة في العراق» كتابٌ ظاهره التغني بجمال ليلى العراقيّة ذات الجمال الأرستقراطي الحائر، والملفوفة بـ«العباية» العراقيّة، والغارقة في حب شاب مصري وسيم الطلعة، التقته صدفته أثناء زيارتها القاهرة، لحضور المعرض الصناعي العراقي إبّان حكومة عبدالمحسن السعدون، بينما هدف الكتاب الأساسي، هو محاولة الاقتراب من دراسة الشخصيّة العراقيّة، وتحليل عوامل أزماتها العاطفيّة والذهنيّة والاجتماعيّة والسياسيّة، ولهذا يصف بعض النقاد الكتاب بأنه أشبه بدراسة نفسية، مغلفة بطابع سرديّ جميل وممتع، فزكي مبارك في هذا الكتاب يريد أن يعرف سر انزواء ليلى، وأن يساعدها على مشكلتها النفسية، حتى نجده يتقمص دور الطبيب.. ولهذا سيجد القارئ نفسه أمام أديب يتقمص شخصية طبيب نفسي، ومع طبيب نفسي يكتب بقلم شاعر وأديب، ومبارك يخبر بوقوعه في هذا الوهم، حين طرق باب بيت ليلى في شارع العباس بن الأحنف.. الشاعر الذي أحب زوجته حباً مجنونا.. فإذا به يرى في لحظاتِ إطلالة ليلى عليه في صالون بيتها الراقي، فتساءل لماذا لا يكون هو الطبيب الذي يداوي مريضته التي تهيم بحب شاب مصري.
«وحي بغداد».. قال زكي مبارك عن الكتاب:
كتاب وحي بغداد بقلم زكي مبارك.. كتب الله تباركت أسماؤه أن يجعلني من الموفين بالعهد فأخرجت كتاب «ذكريات باريس» تحية لمدينة النور التي اتصلت بها نحو خمس سنين، واليوم أخرج كتاب «وحي بغداد» تحية لمدينة الرشيد التي اتصلت بها نحو تسعة أشهر قضيتها في يقظة عقلية أوحت إلى قلمي ألوف الصفحات.
وكنت نظرت فرأيت كتاب «ذكريات باريس» أوحى إلى فريق من الكتاب أن ينشئوا المؤلفات عن العواصم الغربية أمثال باريس ولندن وبرلين، وأنا اليوم أرجو أن يكون كتاب «وحي بغداد» سنة حسنة لمن يعيشون في العواصم الشرقية عساهم يحببون العرب والمسلمين في بلادهم بما يبتكرون من شائق الوصف ورائع الخيال، هذا الكتاب أوحته بغداد، وفيه ما في جو بغداد من طغيان الرفق والعنف، وصولة العقل والفتون.
هو كتاب سيرقم على وجه الدهر وجبين الزمان.
هو كتاب سيسعد به قوم ويشقى آخرون.
ولكنه سيظل أثيراً لدى بغداد، لأنه من وحي بغداد.
«الأخلاق عند الغزالي».. جاء عن الكتاب:
دشَّن زكي مبارك كتاب "الأخلاق عند الغزالي" وهو لا يزال شابًا بقلمٍ تغمرهُ روحُ الحماسةِ والانطلاق، وسليقةٍ تحوزها ملكة مفعمة بالنقد، فكان قلمهُ قاسيًا على من تناوله بالنقد، وقوله صادمًا لكل مُغرضٍ من الصدق ومُرجفٍ من الصواب، وقد نأى المؤلف بنفسه عما كان سائدًا في عصره من اجترارٍ لمناهجِ القدماءِ في مداهنةِ السلفِ وتقديسِ الشخصياتِ التاريخية، وآثر أن يُخضع موضوعه للدراسة التي يرمي من خلالها إلى إبراز الحق وإقامة العدل، فتناول الأخلاق عند الإمام الغزالي كمبحث فلسفي تناولًا نقديًّا رصينًا، حيث درس الإمام في عصره، وحياته، وتعرَّض إلى مصادره الفكرية، ومؤلفاته وعلاقتها بمبحث الأخلاق، ولم يكتف بذلك فقط، بل امتد اهتمامه إلى دراسة التأثير الفكري للأخلاق عند الغزالي فيمن لحقوه، كما وازن بينه وبين فلاسفة الغرب أمثال: ديكارت، وهوبز، وسبينوزا.
ويعد هذا الكتاب أطروحته التي نال عنها الدكتوراه من الجامعة المصرية سنة 1924.
«مدامع العُشَّاق».. جاء عن الكتاب:
بدموعٍ من ماء القصائد الشعرية يصف الكاتب قضية الحب الأزلية في وجدان الإنسانية، ويبرهن الكاتب على أنَّ من الصبابة والجنون تتفجر منابع الفنون؛ فمن مدامع العشَّاق تفرعت ضروب النسيب الواصفة لحرارة الأشواق؛ فأنتجت إرثًا شعريًّا صنعته صَبَوَاتُ العاشقين. وَمَنْ يتأمل موضوعات هذا الكتاب يجد أنَّ قضية الحب هي المُؤَلفةِ لنسيجِ بنائه الناطقة بلغة إبداعه؛ فقد تفنن الكاتب في وصف مذاهب النَّسيب التي تصف شقاء العاشقين عبْرَ صبواتِ الهوى، وتناول أشعار الشعراء الذين تغنوا في أشعارهم بوَجْدِ الحُبِّ وآلام الفراق؛ فلا عجب أن تأتلف من حروف كلمة مذاهب الحب الشعري، ودموع الوَجْدِ الإنساني.
ولد زكي مبارك في الـ5 من أغسطس 1892، لأسرة ميسورة الحال، التحق بالكتاب صغيرًا، ثم حصل على الشهادة الأهلية من الأزهر الشريف سنة 1916، وتخرج في كلية الآداب بالجامعة المصرية -جامعة القاهرة حاليًا- سنة 1921، ونال درجة الدكتوراه عام 1924، عن أطروحته «الأخلاق عند الغزالي».
سافر إلى فرنسا بعد حصوله على الدكتوراه الأولى له ودرس هناك الأدب، وحصل على دبلوم الدراسات العُليا في الأدب من مدرسة اللغات الشرقية بباريس عام 1931، وحصل على رسالة الدكتوراه الثانية من السوربون عن أطروحته «النثر الفني في القرن الرابع الهجري».
وحاز الدكتوراه للمرة الثالثة من الجامعة المصرية كذلك عن أطروحته «التصوف الإسلامي» عام 1937.
كتب المقالات لجريدة البلاغ، وغيرها من الجرائد، وانتدب إلى العراق مدرسًا عام 1937، مُنح «وسام الرافدين» من المملكة العراقية عام 1947.
ومن أبرز مؤلفاته: «ليلى المريضة بالعراق، مدامع العُشاق، الأخلاق عند الغزالي، وحي بغداد».
توفي زكي مبارك يوم 23 من يناير عام 1952، بعد مسيرة حافلة بالمُعاناة والإبداع.