تخوض مصر معركة مصرفية شديدة التعقيد بقيادة البنك المركزي وهي معركة وضعت مجموعة من الأهداف المهمة والنجاح في تحقيقها سيعود بالخير على الوضع الاقتصادي الذي يواجه اليوم عددا من التحديات ومن بين قانون المعركة أن تكون حركتك سريعة وأحيانا مفاجئة لعدوك ولعل أبرز مثال على ذلك النهج هو قرار البنك المركزي الأخير رفع أسعار الفائدة الأساسية لليلة واحدة 100 نقطة أساس من أجل تفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم.
وقد جاء القرار بالتزامن مع توقعات بانخفاض جديد في قيمة الجنيه وتكهنات بتخفيض محتمل فدائما ما يتواكب إعلان رفع الفائدة مع تعديل محتمل لسعر العملة من أجل السيطرة على الأسعار وسحب السيولة من السوق، وهو الأمر الذي حدث في 4 تخفيضات سابقة للعملة بداية من تعويم 2016 وانتهاء بتعويم يناير 2023 العامل الفارق الآن لتعويم جديد هو وجود حصيلة دولارية كافية بالبلاد والتي بدأت بالفعل مع الطروحات الحكومية والشهادات الدولارية وتعظيم عائدات السياحة وهو إجراء حتمي لتقليل الآثار المحتملة على تكلفة المعيشة والحسابات المالية قبل تعديل مرتقب لسعر صرف الجنيه خلال سبتمبر أو أكتوبر المقبلين استنادا للمراجعة الأولى والثانية لصندوق النقد الدولي.
من هنا نال طرح الشهادات الدولارية مؤخرا موجة هائلة من الشائعات بهدف التشكيك وضرب خطة المركزي في مواجهة أزمة الدولار ومحاصرة السوق السوداء لجذب العملة الصعبة من السوق الموازية فمجرد الإشارة إلى تعويم منتظر يربك السوق الموازية لأنه وببساطة يشجع المتعاملين على اللجوء إلى القنوات الرسمية لتبادل العملة بعد إنهاء إغراءات الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي عبر تخفيض الجنيه لذا كان وما زال الهجوم ضاريا على أولى خطوات القضاء على السوق السوداء وإفشال مخططات تنظيم الإخوان بجمع الدولار من المصريين في الخارج في العالم فالمطلوب بالطبع أن تسوء الأمور ويعلو الإحباط ما يمكن هذا التنظيم الذي لا يرى إلا نفسه ومصالحه من النشاط مجددا لتمرير أكاذيبهم لتعويض ما خسروه في الثلاثين من يونيو فبمجرد طرح شهادات دولارية جديدة بدأ أهل الشر في طرح التساؤلات عن مصير الحصيلة التي ستجمعها البنوك والإشارة إلى أنه من الممكن أن تستخدم الحكومة الحصيلة لتغطية الإفراجات الجمركية الخاصة بالمستوردين مثلا بهدف تخويف المصريين من التعامل مع هذه الشهادات على الرغم من وجود قنوات معلومة ومعروفة لتوظيف حصيلة الشهادات الدولارية من بينها سندات الـ"يورو بوند" وسوق السندات الدولية بشكل عام وتناسى أهل الشر أن الدولة أصدرت مؤخرا صكوكا سيادية بعائد 11%، بجانب القروض والتي تكون أعلى عائدا من 7% تقرض للشركات فقط والتي تمتلك مصادر للعملة الأجنبية كما يمكن ربط تلك الحصيلة أو جزء منها بالسندات الخاصة بالدولة "يوروبوند" والتي تمنح فائدة 13% أو 14%، وقد بلغت فائدة السندات الإسلامية المطروحة أيضا 11%.
ولأن ثقة المصريين بنظامهم المصرفي كبيرة لم تنجح تلك الموجات من التشكيك في إفشال طرح الشهادات الدولارية والتي وجدت إقبالا كبيرا يدفع بلاشك جهود تعزيز الحصيلة الدولارية لدى البنوك وإفشال السوق السوداء والتي تنتج ارتفاعات غير مبررة أو منطقية لأسعار صرف الدولار ما يقلل حدة المضاربات.
إن الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يكن مبالغا حين يكرر في كل لقاء جماهيري له بأن معركتنا مع أهل الشر لن تنتهي وأن كيدهم سيظل يعمل بهدف إسقاط هذه الدولة وأن وعينا إن غاب أو انشغل ونجحوا في قصم الجبهة التي تشكلت مع بيات 3 يوليو فلن يرحموا انشغالنا وسينطلقون في موجة ثأر مدفوع بغل دفين لا تنطفئ نيرانه ليدعونا إلى مصير مجهول يشفى صدورهم المريضة لذا فكل الأمنيات الطبية لمصر وقادة المناورة المصرفية الأكبر في تاريخ مصر فنجاحها يعني مزيدا من ترسيخ الأمان وهو أيضا إعلان جديد بلاشك لدحر أهل الشر وأمانيهم المريضة تجاه المصريين مجددا.