الجمعة 10 مايو 2024

آسف حبيبتي

مقالات8-8-2023 | 14:13

بمرور الوقت ازداد قناعة بأهمية وجود هواية في حياتنا. كل من لديه ميل تجاه شيء إبداعي ما، تكتشف فورًا أنه شخص مميز ومرهف الحس واسع الأفق ومثقف.


فمن يملك موهبة، أخر ما يفكر به أذية الآخرين أو إيلامهم.


استمعت واستمتعت بعدة لقاءات بالأبيض والأسود لسهرات مع عمالقة الفن المختلفة لاكتشف أنهم يتبنون نفس الرأي .


نحتاج لزرع الوعي الفني في النشء،  فالطفل المحب للرسم لابد أن يجد من يشجعه وينمي هذه الموهبة على الأقل من المدرسة.!!


كم أتمنى أن تولي الدولة اهتمامًا خاصًا بحصص "الرسم والموسيقى"، اهتمامًا عمليًا وليس نظريًا، فقد أصبحت تلك المواد عبئاً على الطالب، نظريًا على الأقل فهم يفرضون عليهم حفظ بضع أسئلة و يختزلون الرسم في عدة أسئلة .. لا يعيرون لذوي الموهبة اهتمامًا، لا لشيء سوى قلة الإمكانيات وعدم جدوى المحاولات ولضيق الوقت وتهميش دور تلك الفنون والمجالات بحكم العادة.


في السابق كانت مدرستنا تتحول لنادي اجتماعي ورياضي في العطلة الصيفية، ملاعبها تقام عليها مباريات لكرة السلة وألعاب للقوى ومعامل الموسيقى والرسم تدير ورش ودورات تدريبية لإثقال موهبة من يجد لديه بذرة موهبة.. ناهيك عن تكليف المدرسين باختيار من يروا بهم فناني وموسيقي المستقبل.


أعلم أن الدولة لا تتوان عن توفير تلك الفرص في شتى المكتبات ومراكز الإبداع  حول الجمهورية، لكن برأيي تظل المدرسة الأساس والبيت الآمن لممارسة ما نهوى ونحب في شتى المجالات.


عروض الأوبرا في روسيا يوزعون على الحضور نوته موسيقية ليتابع الموجود اللحن ويقرأه، فلم يهتموا بفحوى المعروض من أشعار أو قصة أو مسرح وإنما اهتموا بالموسيقى.!!


في حب الموسيقى أكتب وحب الفنون أزيد وأعيد وأكرر لابد  أن نركز على طاقات أبناءنا  حتى لا يأتي يومًا ونشعر بالأسف على أنفسنا ووطننا.


كلما ازداد الوعي الفني كلما قل القبح  وساد الهدوء والرقي المجتمع.. الحديث هنا لا يقتصر على الموسيقى فحسب وإنما شتى المجالات والهوايات.


من حقنا أن نرى الجمال في كل شيء ومن حق أبناءنا أن يعيدوا اكتشاف ذاتهم ومن حق بلدنا أن ترى أجمل ما فينا وأن تفتخر بأن أبناءها  أسود يحمون أرضها وصقور تحلق في سماءها تؤمن نمو براعم الخير والفن والفكر والثقافة على أرضها  لتنير الكون  الرحب وتعكس ضياؤه على أرواحنا ووجوهنا.


من المهم زرع حقيقة أن كل "مبدع خالد وما عدا ذلك سراب"، لا بد أن يعي أبناءنا هذه الحقيقة، ليزداد إصرار على الوصول للأفضل وأن يصبح متميزًا خالدًا في مجاله لا مجرد رقم في تعداد البشرية بوفاته ينسى وتطوى صفحته.!! 


أسعدني الحظ وحضرت تسليم مشاريع إحدى الكليات العملية الشهيرة، راقني العقول والفكر وروح العمل الجماعي التي عكستها تلك المشاريع وتلك العقول الذكية التي تواكب العصر بروح وعقل ونقاء الماضي الجميل..فهي خليط مدهش جمع ما بين الأصالة والحداثة برقي وبساطة.


عندما رأيت هذا سعدت كثيرًا أو بالأدق شعرت بالاطمئنان على مستقبل هذا الوطن رغم كل العقبات والصعوبات التي قد تلوح في الأفق.


اعتدت أن اكتب عن الايجابيات، أفتش عن السعادة ، عن النور وسط الظلام ، فأنا من أنصار نشر البهجة والسعادة لا الواقعية والسوداوية ليس إنكارًا لما يجري وإنما تيمناً بـ"تبسمك في وجه أخيك صدقة".


ما بالك لو كانت تلك الصدقة شيء إيجابي، خبر أو صورة أو لحن أو صورة حتى لو كانت لجماد أو شيء تالف متهالك.!!إيمانًا بمنطق  أن "ما تبحث عنه قطعاً يبحث عنك". 


من يبحث عن الجمال سيجد الجمال ومن يبحث عن القبح و السيئ سيجد السيئ.


فتشوا حولكم عن الجمال، أبحثوا عنه ولو بإبرة فمن حقكم أن تعيشوا وأن تروا ما يسر العين ويشرح القلب ويريح الفؤاد.


لا تدعوا للأسف مجال في حياتكم .. حتى ولو كان عنوان هذا المقال؟!


يقول الأحباء نخشى المواجهة خوفًا من سماع كلمة آسف حبيبتي؟!


يقول الأصدقاء نخشى العتاب حتى لا نقر بأسفنا تجاه من نحب؟!


 لا أخفي عليكم أننا جميعًا لدينا ما أو من نشعر بالأسف منهم..!


 لأننا  لم نكن على قدر المتوقع  أو المسئولية  معهم يوماً. !!

Dr.Radwa
Egypt Air