الأربعاء 26 يونيو 2024

قراءة متأنية في كتاب الأمير أحمد فؤاد ونشأة الجامعة المصرية (4)


د. حامد عبد الرحيم عيد

مقالات8-8-2023 | 18:41

د. حامد عبد الرحيم عيد

فى سبيل إنشاء الجامعة المصرية واجتماع المنوفية...!

فى مقال اليوم أتحدث عن الاجتماع التاريخى الذى عقد فى سراي حسن زايد بك بالمنوفية والذي يمكن أن نعتبره بداية لتحقيق الحلم العزيز الذى كان يراود نفوس المصريون وباتت الأقرب للخروج الى حيز التنفيذ بعد انتشار فكرتها وذياع صيتها وصداها فى كل البلاد، وزادت جملة التبرعات حتى بلغت اكثر من ثمانية ألف جنيها، وآلت رئاستها الى الأمير أحمد فؤاد الذى اظهر صدق الوطنية والعزم والمحبة لبلاده وإحساسه بعظمة وادى النيل.

فى هذا الاجتماع الذى تم بعزبة سراوة منوفية فى حضرة صاحبها حسن بك زايد الذي دشن الاجتماع بتبرعه بخمسين فدان من أجود الأراضى لتكون وقفا على الجامعة الناشئة.

وفى 15 أبريل 1908 نشرت جريدة المؤيد مقالا تحت عنوان " فى سبيل إنشاء الجامعة المصرية" تقول فيه: وفى سراى حضرة حسن بك زايد ركب حضرات المدعوين سفينتين بخاريتين، أحدهما "قاصد خير" والثانية من "وابورات كوك" لتصل بهم إلى السراي وعلى رأسهم صاحب الدولة الأمير احمد فؤاد ومن أعضائها اصحاب السعادة: يعقوب أرتين باشا، حسين رشدى باشا، محمد علوى باشا، قاسم بك أمين، حفنى بك ناصف وغيرهم من أصحاب السعادة وعلى رأسهم أحمد شفيق باشا - رئيس الديوان الخديوي، وبوغوص باشا نوبار، وإبراهيم مراد باشا، و يوسف بك صديق، و محمد بك يوسف، و فتح الله بك بركات، وعاطف بك بركات، و حسن بك سعيد - وكيل البنك الألماني، وعزيز خانكي أفندي - المحامي، وعدد لا يستهان به من الصحفيين من الصحف المصرية وعلي رأسهم جريدة المؤيد، وكان عددهم نحو 80 مدعوا ومثلهم من سراة الأرياف وصلوا الى مقر الاحتفال.

تحدث سمو الأمير قائلا: لقد قبلت بعد الفكر والروية، رياسة مشروع الجامعة المصرية القائم به فئة من صفوة سراة البلاد وأغنيائها، ولقد تنبهت الامة الان الى فؤائد هذا العمل المجيد، وتسارعت الى تقديم المساعدات الكبيرة، لمؤازرة ما سينفخ فيها روح التقدم الأدبى، ويرفعها الى مصاف الأمم الراقية فى العالم ثم قدم الشكر باسم الجامعة لسعادة "حسن باشا زايد" لتفضله بهذه الوقفية التي تعتبر ترجماناً صادقاً لعواطفه النبيلة و شعوره الشريف.

ثم وقف سعادة "حسن باشا زايد" خطيباً؛ وجاء في نص خطابه: " إن تفضل مجلس إدارة الجامعة برئاسة دولتكم في تشريفي و تسجيل الشكر علي ما قدمته من وقف عزبة سراوة علي الجامعة؛ اعتبر هذا تنازل كريم ما جعلني أكون أسير تلك الجامعة فأقدم أعظم الشكر وجميل الثناء؛ وسأظل جندياً مخلصاً لها..إلي قوله: "فهذا يوم مصر الخالدة.. يشاركها فيه الوجه البحري، و هذا يوم الجامعة، كلنا ضيوفها؛ والبيت بيتكم".   

ثم جاء الدور على الدكتور محمد علوى باشا أذى بدأ خطبته بالقول أنه لا يمكن تكوين أمة بدون التعليم، ولا يمكن أن تشب بدون التعليم العالى، ولا تحصل على فخر تاريخى الا بأعمالها فى التقدم، وقام بالمقارنة بالدول الراقية أمثال انجلترا وفرنسا والمانيا وايطاليا وأمريكا وأن رقيها لم يكن إلا على نسبة ارتقائها العلمى، وفى الجانب الآخر الشرق وخموله بسبب خموله العلمى..ّ وتحدث عن مآثر الاجداد وعلومهم، وثساءل أيليق بالمصرى أن يبقى جاهلا ونحن فى القرن العشرين عصر النور والكيمياء..!

وجاء الدور على قاسم بك امين، الذى أبدى استحسانا وفخرا بأهل مصر الميسورين واعتبرهم أحسن أبناء الوطن ويستحقون ثناء الأمة وإعجابها.

وأن عمل الخير حسن على كل حال، ولكن أحسن منه وضعه فى محله..! ثم أضاف أن أهم أسباب انحطاط الأمم وارتقائها هو طرق التعليم والتربية، فالتعليم عندنا لا يصلح إلا لإعداد موظفين.

وأضاف أننا نطمع أن نرى بين أبناء الوطن طائفة تطلب العلم حبا للحقيقة، وشوقا لاكتشاف المجهول، فئة يكون مبدؤها التعلم للتعليم، وأن نرى بين أبناء مصر العالم والأخصائي والفيلسوف والكاتب، فأمثال هؤلاء هم قادة الرأى العام والمرشحون للنجاح والذين يديرون حركة التقدم. وختم كلمته بالقول أن له أمل عظيم فى أن إنشاء الجامعة المصرية سيكون سببا فى ظهور شبيبة هذا الجيل وما يليه، على أحسن مثال.