الخميس 21 نوفمبر 2024

ثقافة

في ذكرى رحيله.. محطات في حياة محمود درويش «صوت النضال العربي»

  • 9-8-2023 | 11:09

محمود درويش

طباعة
  • عبدالرحمن عبيد

تحل اليوم الذكرى الـ15 لرحيل شاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش، الذي يعد رمزًا من رموز النضال الفلسطيني والعربي، وأحدث أبرز شعراء الحداثة العربية، وصاحب بصمة شعرية مميزة.

ولد محمود درويش في قرية "البروة" قُرب ساحل عكا فلسطين سنة 1941 لأسرة فلسطينية ميسورة الحال، كانت تعمل بالزراعة، ولما دهمهم الاحتلال عام 1948، فرقهم عن ديارهم، وتوجه درويش وعائلته على لُبنان؛ لكي يستجيروا من بطش الاحتلال وعدوانه، وفي لبنان تجرع مرارة الغربة وآلام الفراق؛ فكلما بادره الأطفال بقولهم: لاجئ؟!، تضايق وانزعج كثيرًا؛ وعلى إثر هذا أدرك درويش معنى الوطن.

عاد درويش بعد عام قضاه في لبنان، وفي تلك الفترة كان الاحتلال الصهيوني قد أحكم قبضته على أهالي فلسطين فارضـًا هُويةً جديدة عليهم، فلما التحق درويش بالمدرسة كان المعلمون يخبئونه، حتى لا يكشفه المفتشون متسببين في فصله من المدرسة، واضطر فيما بعد أن يقول إنه من أحد القبائل حتى يحصل على هُوية إسرائيلية.

في تلك الفترة أحب محمود درويش الرسم، وظهرت بوادر حبه له في سنٍ مبكرة، ولكن ولكلفة أدوات الرسم؛ لم يتمكن والده من شرائها له، فتخلى آسفـًا عن حبه للرسم، ولاحقـًا استعاض عن الرسم بالشعر، وبدأ محاولاته في كتابة الشعر، وقد أشاد معلموه بموهبته الفذة في كتابة الشعر.

حتى جاء اليوم الذي طلب فيه مدير المدرسة أن يكتب قصيدة عن الهُوية الإسرائيلية، فما كان منه إلا أن كتب قصيدة تخالف المضمون، ووقف في طابور الصباح وصرخ بكلماتٍ تعبر عن القضية الفلسطينية وحق أهل فلسطين في استعادة أراضيهم المنهوبة؛ فاستدعاه مباشرةً رجلٌ برتبة عسكرية في الجيش الإسرائيلي: يعنفه وينهاه عن قول مثل هذه الأشعار، وإلا سيتسبب في فصل والده من العمل.

بدأ نضال درويش ضدَّ العدو الصهيوني حينما كان بالمرحلة الثانوية، وقد عمل محررًا ومترجمًا في صحيفة "الاتحاد" ومجلة "الجديد"، ثم ترقى لمنصب رئيس تحرير المجلة؛ ونتيجة لهذا توالت اعتقالات درويش من الكيان المحتل بين الأعوام: 61 ثم عام 65 وعام 66 وعام 67 وعام 69، وفرضت عليه الإقامة الجبرية حتى عام 1970.

 ووصل الأمر بدرويش أن قوات الاحتلال طيلة هذه السنوات كان لها الحق في اعتقاله وقتما شاءت، وقد حاول عام 1968 أن يسافر إلى باريس، ولكن رفضت السُلطات الفرنسية دخوله: متحججةً أن هُويته غير معبرةٍ عن جنسيته.

في العام 1970، غادر درويش فلسطين، من أجل الدراسة في موسكو بالاتحاد السوفيتي -روسيا الاتحادية حاليـًا-، ومكث هناك عامـًا يدرس بمعهد العلوم الاجتماعية، وأثناء ذلك العام، فقد ثقته بالشيوعية، ورأى صورةً مغايرة لموسكو غير التي كان يعتقدها سابقـًا.

قرر أن يستقر في القاهرة بعد مغادرته لموسكو، فقد أحب الحياة في القاهرة وقال: "وجدت نفسي أسكن النصوص الأدبية التي كنت أقرؤها وأعجب بها، فأنا أحد أبناء الثقافة المصرية تقريبًا والأدب المصري، التقيت بهؤلاء الكتاب الذين كنت من قرائهم وكنت أعدهم من آبائي الروحيين، التقيت محمد عبد الوهاب، وعبدالحليم حافظ، والتقيت كبار الكتاب مثل: نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم، ولم ألتق بأم كلثوم وطه حسين، وكنت أحب اللقاء بهما".

وقبل مغادرته موسكو عام 1970 إلى القاهرة، توفي الرئيس جمال عبدالناصر يوم 28 من سبتمبر، المُسمَّى بـ"أيلول الأسود"، وقد رثاه كبار الشعراء مثل: "نزار قباني، وأحمد فؤاد نجم، وعبدالرحمن الأبنودي"، وغيرهم، وكان لدرويش نصيب من هذا الرثاء، حيث قال في حق الزعيم الراحل:

نَعيشُ معكْ

نسير معك

نجوع معك

وحين تموت

نحاول ألاّ نموت معك!

عمل محمود درويش بجريدة الأهرام، وضمه الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل إلى نادي كتاب الأهرام، بجانب: نجيب محفوظ ويوسف إدريس وعائشة عبد الرحمن في مكتب واحد، وبجانب توفيق الحكيم في مكتب منفرد.

عاد مرة أخرى إلى لبنان، ولكن لم يلبث فيها مطمئنـًا حتى قامت الحرب الأهلية اللبنانية والتي بدأت عام 1975 واستمرت حتى العام 1990، وقتل على إثر تداعياتها عدد كبير من أصدقائه، منهم الأديب والمناضل الفلسطيني غسان كنفاني، ولم تهدأ الأمور حتى جاءت مذبحة "صبرة وشتيلا" عام 1982، وارغمت الكثير من اللبنانيين بما فيهم محمود درويش أن يحتموا بعيدًا عن القصف وإطلاق الرصاص، فقد أختبئ محمود درويش داخل مطعم حتى لا تمسك به قوات الاحتلال.

تشتت بعدها محمود درويش بين عدَّة عواصم غربية وعربية، فمِن دمشق إلى تونس إلى باريس، حتى استقر به في عَمان بالأردن عام 1995، وتزوج هناك من الكاتبة "رنا قباني" ولكنهما تطلقا ثم تزوج من "حياة هيني" وهي مترجمة مصرية وانفصلا أيضًا، ولم يرزقْ بأي أطفال.

أسس محمود درويش عام 1981 مجلة الكرمل، والتي استمرت على فتراتٍ متقطعة حتى العام الذي توقفت فيه نهائيـًا عام 2006.

ومن أبرز دواوينه الشعرية: "جدارية، لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي، أحد عشرر كوكبًا، مديح الظل العالي، أثر الفراشة، يوميات الحزن العادي، كزهر اللوز أو أبعد، لا تعتذر عمَّا فعلت".

توفي محمود درويش يوم التاسع من أغسطس سنة 2008، بالمركز تكساس الطبي بولاية هيوستن؛ جراء غيبوبة أصابته أثناء إجراء عملية قلب مفتوح له، ونُزعت بعدها أجهز الإنعاش بوصاية منه، وقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس -أبو مازن- الحداد ثلاث أيام في فلسطين.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة