تتناول خطبة الجمعة اليوم، موضوع بعنوان: اسم الله الولي ، للدكتور خالد بدير، باعتباره الموضوع الذي حددته وزارة الأوقاف، مع ضرورة الالتزام به نصًا ومضمونًا، والالتزام بالوقت المخصص للخطبة؛ 15 دقيقة تتضمن الخطبتين، الأولى والثانية معًا كحد أقصى.
عناصر خطبة الجمعة 11 أغسطس 2023
وتناقش خطبة الجمعة اليوم، مفهوم ولاية الله ، وطرق الفوز بولاية الله تعالى ، وثمرات وفوائد ولاية الله تعالى ، ويبدأ الخطيب بـ قول الله: وكفى باللهِ وليا وكفى باللهِ نصيرا. ليعبر عن ضعف الإنسان وحاجته للغير وافتقاره إلى ولاية الله ، لأنَّها ولايةٌ مِن الخالقِ المحيطِ بكلِّ شيءٍ علمًا، القديرِ على كلِّ شيءٍ، الذي لا يخفَى عليه شيءٌ، ولا يعجزُهُ شيءٌ، فكانتْ ولايتُهُ للعبدِ أنفعَ للعبدِ من أيِّ شيءٍ، فتغنِي ولايتُهُ سبحانَهُ عن كلِّ ولايةٍ، ولا يغنِي عن ولايتِه عزّ وجلّ ولايةٌ.
ومن نص خطبة الجمعة عن مفهوم ولاية الله، فاللهُ هو الوليُّ المتولِّي لأمورِ خلقِه، القائمُ على تدبيرِ ملكِه، الذي يمسكُ السماءَ أنْ تقعَ على الأرضِ إلّا بإذنِه، كما قالَ سبحانَهُ: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}. [الحج:65].
وولايةُ اللهِ تعالَى لعبادِهِ تنقسمُ إلى قسمين: عامةٍ وخاصةٍ، فالولايةُ العامةُ تعمُّ جميعَ الخلقِ، مؤمنَهُم وكافرَهُم، فهو سبحانَهُ وليُّهُم: خلقَهُم ورزقَهُم، وهداهُم لعيشِهِم وحفظِ حياتِهِم، فهي ولايةٌ للخلقِ بِمَا يُصلحُهُم في حياتِهِم الدنيا، مِن معيشةٍ ورزقٍ وعلمٍ وإحاطةٍ لكلِّ مَن يدبُّ على هذه الأرضِ، قالَ تعالى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}. (هود: 6).
وفي محاجةِ موسَى عليهِ السلامُ لفرعونَ في تعريفِهِ باللهِ تعالَى قالَ مُوسَى: { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }. [طه: 50]. وفي إثباتِ ولايةِ اللهِ تعالَى لكلِّ الخلقِ مؤمنِهِم وكافرِهِم قولُ اللهِ تعالَى :{ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ }. [الأنعام: 62]. وقالَ سبحانَهُ في خصوصِ الكفارِ: { وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ }. [يونس: 30].
وسائل الفوز بولاية الله تعالى
وتتحدث خطبة الجمعة عن وسائل الفوز بفضل الله تعالى وهي أعظم المنازل وأرفعها، وحتى يحظى بها العبد هناك عدة وسائل ومن أهمها؛ ملازمةُ الطاعةِ والعبوديةِ للهِ تعالى: فالتقربُ إلى اللهِ بالعبادةِ والطاعةِ مِن أهمِّ لوازمِ اكتسابِ ولايةِ اللهِ الخاصةِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ”.( البخاري).
ومن نص خطبة الجمعة عن وسائل الفوز بولاية الله، وصلَ رسولُ اللهِ ﷺ إلى مكانٍ لم يصلْ إليهِ ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ، بل كان رسولُ اللهِ يجتهدُ أنْ يصلَ إلى هذه العبوديةِ الحقةِ بقيامِ الليلِ حتى تورّمَت أقدامُهُ، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَصْنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا». (متفق عليه) .
ومنها: إخلاصُ العملِ للهِ: أي إفرادُ اللهِ بالنسكِ والطاعةِ، قالَ تعالى:{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}. (الأنعام: 162؛ 163).
فالذي يشركُ مع اللهِ في العبادةِ ليس يُوالِي اللهَ عزَّ وجلَّ مُطلقًا، إذ كيف يشركُ معهُ وهو يُوالِيه.
ثمرات وفوائد ولاية الله تعالى
أما عن ثمرات ولاية الله تعالى وفوائدها، فتتضمن الطمأنينة والأمن والبشرى في الدنيا والأخرة، قال الله تعالى: «أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ، قِيلَ: مَنْ هُمْ؟ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ، قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِنُورِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ وَلَا أَنْسَابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِنْ خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِنْ حَزِنَ النَّاسُ، ثُمَّ قَرَأَ { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }. [يونس: 62]» (صححه ابن حبان).
من نص خطبة الجمعة عن ثمرات ولاة الله تعالى، وقد قال العُلماءُ في معنى (لهمُ البُشرى): إنَّهم يُبَشَّرونَ بالقبولِ في الدنيا، وذلك في الثناءِ الحَسنِ مِن الناسِ عليهم، وعلى الرغمِ مِن أنَّ التقيَّ المُخلصَ للهِ تعالى لا يُحبُّ سماعَ الثناءِ مِن الناسِ، ولا ينتظرُ شُكرَ عملِه إلّا مِن اللهِ تعالى، إلّا أنَّ اللهَ تعالى يجعلُ في قلوبِ مَن حولَهُ الحُبَّ والرضَا عنه، فيمدحُونَه ويذكرونَهُ بالخيرِ؛ لأنَّهم ما وجدُوا منه سوى ذلك، فما أحوجَ أهلَ الإيمانِ إلى ولايتِهِ وعونِه وحفظِه حتى يسعدُوا في دنياهُم، ويسلمَ لهم دينُهُم، ويفوزُوا في آخرتِهم.
ومنها: النصرُ والغلبةُ: فقد وعدَ اللهُ أولياءَهُ بالنصرِ والعزةِ والغلبةِ والتمكينِ، قالَ تعالى: { وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }. [المائدة: 55- 56].
ومنها: الفلاحُ والفوزُ بالجنةِ: فأولياءُ اللهِ هم حزبُ اللهِ، فازوا بالفلاحِ في الدنيا، والفوزِ بالجنةِ في الآخرةِ، قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. (الممتحنة: 22).
ومنها: الفوزُ برحمةِ اللهِ تعالى في الآخرةِ: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ، قَسَمَ رَحْمَةً بَيْنَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَسِعَتْهُمْ إِلَى آجَالِهِمْ وَأَخَّرَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً لِأَوْلِيَائِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَابِضٌ تِلْكَ الرَّحْمَةَ الَّتِي قَسَمَهَا بَيْنَ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَى التِّسْعِ وَالتِّسْعِينَ فَيُكْمِلُهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ لِأَوْلِيَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».(أحمد والحاكم وصححه).
وتختم خطبة الجمعة في 11 أغسطس بنداء من الخطيب "فكونُوا مع اللهِ بالطاعةِ والتقوى والإيمانِ، يكن اللهُ معكم بولايتِه وحفظِه ورعايتِه، فتفوزوا بسعادةِ العاجلِ والآجلِ"